شـبـكــة عـمّـــار
إخبارية - ترفيهية
- تعليمية



جديد الصور
جديد الأخبار
جديد المقالات


جديد الصور

جديد البطاقات

جديد الصوتيات

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

 
Dimofinf Player
عائدة من الموت

2012-07-29 06:06


نذير من الله...
أختي الغالية... يمر بنا كل يوم مواقف أو محن أو ابتلاءات وكأنها نذير من الله وكأنها جرس إنذار لأبن آدم ليفق من غفلته ويقوم من رقوده ويعرف حقيقة خلقه وأنه ما خلق إلا لعبادته سبحانه وتعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]، ويعرف حقيقة نفسه: {إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي} [يوسف: 53]، ويعرف حقيقة تقصيره في حق ربه.. مر بي إنذار.. يا أخيتي.. إنذار عرفت فيه حقارة النفس وضعفها.. عرفت فيه قدرة الله وإعجازه وإمهاله لعباده على رغم تقصيرهم، ومعاصيهم، عرفت فيه جرمي في حقه تعالى، وكم أنا عبده مقصرة، هذا الموقف حدث لي شخصياً... لم آت به من أحد المصادر أو أسمعه من شخص، بل عشته بنفسي، وكان بمثابة ضربة قوية أيقظتني من سبات عميق...
في هذا الموقف، رأيت الموت يا أخيتي.. وأحسست بإدبار الدنيا وإقبال الآخرة، لذا فعندما زالت الغمة، وشفاني الله، أحسست أني عدت من الموت، فاسمعي رعاك الله، لعل الله أن ينفعك بها كما نفعني بها.
((إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب)).
في ذات يوم استيقظت في نفس ميعادي وبعد أداء الصلاة والأذكار أنهيت أعمال المنزل واستقبلت أختان لي في الله، تطرق الكلام بيننا عن الموت، وذكر الأختان نماذج كثيرة لشباب وفتيات ماتوا فجأء.. كلهم في نفس عمري تقريباً.
منهم من مات حسن خاتمة، ومنهم من أخذ بغتة، وبعد انصرافهم تناولت الغداء، وكعادتي أحب أن أسمع شريط خطبة أو موعظة أثناء الطعام، وكذلك عند الاشتغال في المطبخ، ويومها سمعت شريط لأحد المشايخ الأفاضل عن الموت وعن أناس ماتوا في مرض مفاجئ صحبة موت مفاجئ، وكان فيه تذكرة للأخت المسلمة.. وبعدها شريط عن وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم، فسبحان الله حقاً: ((كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام)).
خلال هذا أخذت طفلتي الرضيعة في حضني... كم هي جملية... كم هي نعمة من الله... حُرم منها أناس آخرين.. ووقتها سألت نفسي هل أديت شكر هذه النعمة؟! وكانت الإجابة ليس بعد..
ثم دخلت الحمام للاستحمام قبل عودة زوجي إلى المنزل، ومن هنا بدأ الأمر: دخلت حوالي الثامنة النصف مساء، وعاد زوجي حوالي الحادية عشر مساء وانظري رعاكِ الله.
وستعلمي لاحقاً لماذا ذكرت التوقيت.. لديّ في الحمام سخان يعمل بالغاز، ولأن ضغط المياه كان منخفض فكانت شعلة السخان تشتعل أحياناً وتنطفئ أخرى، فكانت عندما تنطفئ أغلق صنبور المياه وأعيد فتحه، وأنا لا أعلم أن السخان يتسرب منه الغاز في الفترة ما بين غلق الصنبور وفتحه مرة أخرى، ونظراً أني فعلت ذلك كثيراً، فامتلأ الحمام بغاز 25 أول أكسيد الكربون وشعرت بالدوار أثناء الاستحمام فقررت الانتهاء بسرعة والخروج، وما أن تناولت ثيابي فإذا بأعصابي تنهار ولا أستطيع أن أفتح باب الحمام... أغشى عليّ.
حتى عاد زوجي وبحث عني في كل البيت فلم يجدني ووجد باب الحمام مغلق، ولا أجيب لنداءه، ففتح الباب فوجدني ملقاة على الأرض، عيناي تنظر لأعلى وأسناني مطبقة، حملني لحجرة النوم، وحاول إيفاقي ولكني لم أفق، ولكن وقتها حدث انتباه في العقل فأصبحت أراه، ولكن بصورة غير واضحه، واسمع صوته ولا أستطيع الإجابة، أسمع صراخ طفلتي وقلبي يحترق لصراخها، ولا أستطيع فعل أي شيء، أو التعبير عن أي شيء، لا أستطيع تحريك.. ولا تحريك لساني... تذكرت وقتها يا أخيتي حال الموتى.. وهم يفعل فيهم ما يفعل من تجريد الثياب والاغتسال واللف في الكفن، ولا يستطيعوا فعل أي شيء. وأيقنت وقتها أني أصبحت واحدة منهن. وقبل ذلك اليوم بيوم واحد، كنت قد كتبت ذنوبي ومعاصيَّ وعلمت كم أنا مقصرة... وقتها تذكرتها، وقتها تذكرت كل شيء، ما هي يا أخيتي إلا لحظات والله لحظات.. ولكنها مرت علي سنوات... لم أظل في حالة الإغماء إلا حوالي نصف ساعة، حتى ذهبنا إلى أقرب مستشفى وأخذت حقنة منشطة للجهاز التنفسي، وغلبني القيء، بعدها استطعت الكلام، وشعرت أني لازلت على قيد الحياة.
لم يأخذ هذا الأمر إلا نصف ساعة... أي 30 دقيقة.. ولكن حياتي كلها.. يا أخيتي كانت الثلاثون دقيقة هذه. تذكرت فيها:
المعاصي والذنوب وتذكرت فيها النعم الجمة التي أنعم الله عليّ بها ولم أتم شكرها وتذكرت الحديث الذي دار بيني وبين الأخوات عن الشباب الذين ماتوا فجأة تذكرت الشريط الذي سمعته وها أنا أحمل من هنا إلى هنا ولا أستطيع الاعتراض أو الكلام، أيقنت وقتها أني في طريقي إلى الآخرة، ولكن بهذا التقصير؟...لا
بهذه الذنوب...؟؟....لا
لا ربي... لا ربي... لا لم أستعد بعد.... لا لم أكمل زادي... لا حسناتي قليلة، وقتها قلتها من كل قلبي والله يا أخيتي .. من كل قلبي .. قلتها.
(رب أرجعون... رب أرجعون... رب أرجعون أعمل صالحاً فيما تركت).
أيقنت أنني إذا مت حقاً على هذا الحال سيكون الوصول للجنة صعباً جداً غير مضمون.. فما الحل.. ما الحل.. هل من فرار.. هل من عودة... هل من رجعة.. وبعد أن يئست من تحريك أي عضو بي وأحسست بالهلاك قررت أن أذكر الله بلسان الذي لا يتحرك عن موضعه، وأخذت أرددّ لا حول ولا قوة إلا بالله، لا حول ولا قوة إلا بالله.. لعي أموت على طاعة تشفع لي عند ربي.
لطف وإمهال.
وبعد أن أفقت قليلاً بسبب الحقنة المنشطة ذهبنا إلى وحدة السموم، بمستشفى أخرى وجلست تحت التنفس الصناعي وأخذوا عينة دم لتفحصها ومعرفة نسبة التسمم بغاز أول أكسيد الكربون لكي يقرروا العلاج.
عندها كان لطف الله وكرمه و عفوه، فكانت نتيجة التحليل مفاجأة، لم يحدث تسمم في الدم إلا نسبة بسيطة حوالي 0.4 فقط أتذكري أخيتي أني في بداية حديثي ذكرت أن دخولي كان في الثامنة والنصف يعني تقريباً ثم الإغماء من الساعة التاسعة وعاد زوجي في الحادية عشر.. ساعتان.. ساعتان.. أخيتي إلا أن النسبة صارت ضئيلة، وهذا لم يكن متوقع بالمرة، وأخذ الأطباء يتأكدوا من أن الأعضاء أستطيع تحركها.. لأن ساعتان إغماء، نقص في الأكسجين، تتنفس غير منتظم، يعطي أحتمال كبير جداً في موت أو إصابة خلايا في المخ توثر بالطبع على حركة الأعضاء مثل اليدين أو الرجلين، إلا أن جميع أعضائي كانت تتحرك بصورة طبيعة، سجد زوجي شكراً لله، يا الله، يا الله، كل هذا اللطف بي، كل هذا اللطف رغم ذنوبي، كل هذا اللطف رغم تقصيري، ولكن احتجزونا في المستشفى لأهمية التنفس الصناعي لي في هذه المرحلة، ونمت على السرير تحت جهاز التنفس الصناعي حتى السابعة صباحاً.
كم أنا أمَة مذنبه، كم ربي لطيف.. كم أنا أمَة حقيرة.. وكم ربي عظيم... كم أنا أمَة مقصره..كم ربي عفو.
ولكني شعرت يا أخيتي إنه إمهال، تقبل ربي دعائي.
((رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً)) وكأنه يقول لي هذه الرجعة وعليك العمل الصالح.
تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 762


+++

خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


تقييم
1.00/10 (4 صوت)

محتويات مشابهة

محتويات مشابهة/ق

الاكثر تفاعلاً

الافضل تقييماً

الاكثر مشاهدةً

الاكثر ترشيحاً

الافضل تقييماً/ق

الاكثر مشاهدةً/ق

الاكثر ترشيحاً/ق


Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.