شـبـكــة عـمّـــار
إخبارية - ترفيهية
- تعليمية



جديد الصور
جديد الأخبار
جديد المقالات


جديد الصور

جديد البطاقات

جديد الصوتيات

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

 
Dimofinf Player
الحبة الملعونة

2012-08-06 10:50
الكاتب:أم عبد الرحمن محمد يوسف



تقول إحدى ضحايا الإدمان على أيدي رفيقات السوء في لحظة من اللحظات القاتلة: زارتني صديقتي وكنت متعبة بسبب صداع برأسي من السهر المتواصل وقلة النوم أثناء الامتحانات، فأعطتني حَبَّة وقالت لي: نصف ساعة وستكونين حنان أخرى.

صدَّقتُها وفعلت وتناولت، وهنا بدأ الإدمان حتى أني لم أعد أتمكن من تركها ليومين متواصلين، فأصبحت أطلبها وبكثرة من صديقتي، فأشارت عليَّ بما هو أقوى وأحلى وأطول فترة من هذه الحبوب لكنها غالية الثمن، فدفعت لها المال الكثير وكل ذلك من أمي التي كنت أكذب عليها حينًا وأسرق منها أحيانًا أخرى.

تطور الأمر فعَلِمَت أختي الكبرى بإدماني على المخدرات، وهددتني بأن تخبر أمي وأبي، فأصبحت أتهرب منها، ومن الغد أخبرت صديقتي بذلك، فخفنا كلنا من الفضيحة وكلام الناس ففكرنا بفكرة شيطانية، هي أن نورِّط أختي معنا بحبَّة أضعها لها في الشاي دون علمها، وهي أختي العزيزة الحنونة التي لم تفعل لي شرًّا في حياتي، لكنها حقيقة صديقة السوء ومشورتها القبيحة، وحصل ذلك بنجاح 100%، فبكيت بكاءً خرجت منه روحي قبل دموعي.

ماذا فعلت بأختي؟! ولماذا؟! ومن المستفيد؟!

بكيت كثيرًا، فجاءتني تمسح دمعتي وتقول: لا تبكي يا أختي، والله لن أخبر أمي وأبي، أنا أحبك، وهنا انفجرت باكية من طيبتها وحنانها وسلامة قلبها، ونسيت أن أختي الآن متعاطية مخدرات وسيعلم أهلي بذلك فماذا أصنع؟ وماذا أفعل؟

بقيت أرتجف من الخوف والقلق، لقد دخلت أنا وأختي دوامة لا نهاية لها، أغلقت الباب عليها حتى استوعبت حالة الإدمان، وفجأة دخل والدي فرآها وعرف أنها متعاطية فضربها أمامي ضربًا شديدًا، وكان ضربه وقسوته أنا الأولى بهما، فأختي مظلومة.

فنادى أمي وأهانها أمامنا، وأصبحت أختي التي جنيت عليها في وضع حرج وسيء، فسجنها والدي في البيت خشية العار والفضيحة، ولكن تحت ضغط أمي سمح لها بالجامعة فقط.

يا الله! يا لها من نهاية سيئة! لهذا الطريق المظلم أوصلت أختي في ساعات معدودة، ولأجل مخدر وأصدقاء وشيطان وهوى.

بعد يومين فقط جاءتني أختي تذكِّرني بكأس الشاي الذي صنعته لها أنه أعجبها، وتريد مثله فرفضت بشدة، لكنها أصرت عليَّ وتوسلت إليَّ وقبَّلت قدمي ويدي تمامًا كما أفعل مع صديقتي يوم أطلب منها.

فأعطيتها، وهكذا بقيت صديقتي تؤمِّن لنا الجرعات حتى تدهورت أختي في دراستها بشكل ملحوظ، وفي يوم من الأيام استدعى رجال الأمن والدي، وفي التحقيق أفادوا أن صديقتي المروجة قُبِض عليها، وأنها اعترفت عليَّ وأختي وتم القبض علينا ودخلنا معها في دوامة طويلة، إيجازها أني أودعت السجن لأني ساهمت معها في البيع والترويج بين صديقاتي.

الأرقام الناطقة:

أخيتي، لقد أفادت البحوث والدراسات بأن نسبة كبيرة من الانحراف إنما ترجع إلى أصدقاء السوء، في بحث أجراه طالبان من طلاب قسم علم النفس في جامعة الإمام عن أسباب الجنوح، أفاد 84% من أفراد العينة الجانحة أن لهم أصدقاء، و56% أن لهم أصدقاء ساهموا في انحرافهم، وهذا من وجهة نظرهم، وقد تكون النسبة الحقيقية أكثر من ذلك.

وفي دراسة أخرى أُجريت لأسباب الجنوح في قسم علم النفس بجامعة الإمام، أجراها عبد الرزاق الجنيدل، توصل فيها إلى أن 62% من الجانحين ساهم زملاؤهم وأصدقاؤهم في انحرافهم.

صحبة السوء والإخفاق الدراسي:

أختاه، كم بذلت من جهد حتى تحققي نتيجة تمكِّنك من الالتحاق بالجامعة، سهرتي، واحمرت حدقتاك، وأُنفقت عليك أموال طائلة، حتى وفقك الله تعالى إلى النجاح واجتياز العقبة الكئود.

أتراك ترغبين بعد كل هذا التعب في أن تفشلي في دراستك؟! نعم أخيتي، إن مصادقة فتيات دون المستوى الملائم لك لهي خطوة تخطينها نحو الإخفاق الدراسي، لأنها لا تمتلك هدفًا ساميًا تسعى إليه، وتنشد قضاء أوقاتها في التفاهات والأمور الفارغة، فمهما حاولتي مجانبتها في إهمالها الدراسي فلن تستطيعي، فنزولك لمستواها هو أمر جبلِّي وطبيعة في النفس البشرية كما ذكرنا آنفًا.

واعلمي أنها لن تزيدك إلا كسلًا وخورًا في الهمة نحو التحصيل العلمي والاهتمام بالدراسة، يقول الدكتور خالد أبو شادي: (ماذا يحدث حين تترك ثمرة فاكهة فاسدة واحدة وسط سلة كبيرة من الفاكهة؟ ألا ترى أنها تُفسد غيرها، وينتقل العطب منها إلى كل ثمرة حولها؟

وهل حدث يومًا أن أصلحت الفاكهة السليمة الثمرة الفاسدة؟ وفي هذا إشارة إلى أن الهدم أسهل كثيرًا من البناء، وفي هذا يقول الشاعر:

لا تصحب الكسلان في حالاته كم صـــــالح بفســـاد آخر يفسد؟!

عـدوى البليد إلى الجليد سريعة كالجمر يوضع في الرماد فيخمد) [شباب جنان، د.خالد أبو شادي، ص(99)].

أختاه: إن التفوق الدراسي يحتاج إلى همة عالية، وهي ما يميز الناس بعضهم عن بعض، فالكل يتمنى النجاح، والكل يتمنى تحقيق الأحلام، ما من أحد يتمنى الفشل، ولكن شتان بين أمنية تقترن بهمة عالية، تطير بصاحبها إلى العمل الدءوب والسعي الحثيث نحو تحقيق الأهداف، وبين أمنية لا تجد غير همة سافلة، وعزم خائر؛ حينئذ تبقى هذه الأمنية حبيسة النفس.

فلما كان التفوق الدراسي يحتاج إلى همة عالية؛ فكان لزامًا علينا توعيتك بأن الهمة تعلو مع مصاحبة الأخيار، وتسفل مع مصاحبة أهل السوء، وقد أدرك الإمام ابن عقيل هذه الحقيقة؛ لذا لم يصحب إلا أولي الهمم العالية، ونأى عن أهل العزائم والهمم الخائرة، فيقول: (وعصمني الله من عنفوان الشبيبة بأنواع من العصمة، وقصر محبتي على العلم وأهله، فما خالطت ملعابًا ولا عاشرت إلا أمثالي من طلبة العلم) [المنتظم، ابن الجوزي، (5/83)]، فكان ذلك من أعظم أسباب تفوقه ونبوغه.

وقفة: حاملة المسك:

لقد وضعنا بين يدي أميرتنا ثلاث حقائق: أولها الحاجة لوجود أصدقاء، وثانيها تأثر الصديق بمن يصاحب، وثالثها خطورة مصاحبة صديقات السوء.

فبناء على ذلك تكون المحصلة النهائية لهذا التقرير؛ ضرورة مصاحبة الخيرات من الطالبات، والتي بصحبتهن تحوزي ألوانًا من الخير والنفع.

ولأجل أن تستقيم حياة الإنسان المؤمن، أمر الله تعالى ـ وهو أعلم بما يصلح النفس البشرية ـ أن يلزم العبد صحبة الخير.

وشبَّه النبي صلى الله عليه وسلم أصدقاء الخير بحاملي المسك الذين لا يأتي من جانبهم إلا الخير، فحامل المسك: (إما أن يحذيك، وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحًا طيبة) [متفق عليه].

قال السعدي رحمه الله: (ومثَّل النبي صلى الله عليه وسلم بهذين المثالين، مبينًا أن الجليس الصالح جميع أحوالك معه وأنت في مغنم وخير، كحامل المسك الذي تنتفع بما معه من المسك: إما بهبة، أو بعوض، وأقل ذلك مدة جلوسك معه، وأنت قرير النفس برائحة المسك.

فالخير الذي يصيبه العبد من جليسه الصالح أبلغ وأفضل من المسك الأذفر، فإنه إما أن يعلمك ما ينفعك في دينك ودنياك، أو يهدي لك نصيحة، أو يحذرك من الإقامة على ما يضرك.

فيحثك على طاعة الله، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، ويبصرك بعيوب نفسك، ويدعوك إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها، بقوله وفعله وحاله، فإن الإنسان مجبول على الاقتداء بصاحبه وجليسه، والطباع والأرواح جنود مجندة، يقود بعضها بعضًا إلى الخير، أو إلى ضده) [متفق عليه].

محبة يوم تبرز العداوات:

إن يوم القيامة يوم عظيم، يتبرأ فيه المتبوع من تابعه، ويتمنى فيه المرء أن يفتدي نفسه بمن في الأرض جميعًا، ابنه وأمه وزوجته، والناس أجمعين؛ لما يرى من أهوال ذلك اليوم، ستكون فيه العدواة بين الأخلاء في الدنيا، إلا صنفًا من الناس لن يناصبوا بعضهم بعضًا العداء، إنهم الذين نشأت بينهم العلاقة على طاعة الله تعالى والتلاقي على الخير.

يقول الله تعالى: { الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67]، قال ابن كثير: (أي: كل صداقة وصحابة لغير الله فإنها تنقلب يوم القيامة عداوة إلا ما كان لله عز وجل، فإنه دائم بدوامه) [تفسير ابن كثير، (7/237)].

قال صاحب الظلال: (وإن عداء الأخلاء لينبع من معين ودادهم؛ لقد كانوا في الحياة الدنيا يجتمعون على الشر، ويملي بعضهم لبعض في الضلال، فاليوم يتلاومون، واليوم يلقي بعضهم على بعض تبعة الضلال وعاقبة الشر، واليوم ينقلبون إلى خصوم يتلاحون، من حيث كانوا أخلاء يتناجون، چﮡﮢچ، فهؤلاء مودتهم باقية؛ فقد كان اجتماعهم على الهدى، وتناصحهم على الخير، وعاقبتهم إلى النجاة) [في ظلال القرآن، سيد قطب، (6/366)].

المصادر:

· شباب جنان، د.خالد أبو شادي.

· في ظلال القرآن، سيد قطب.

· تفسير ابن كثير.
تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 731


+++

خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


تقييم
1.00/10 (1 صوت)

الاكثر تفاعلاً

الافضل تقييماً

الاكثر مشاهدةً

الاكثر ترشيحاً

الافضل تقييماً/ق

الاكثر مشاهدةً/ق

الاكثر ترشيحاً/ق


Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.