شـبـكــة عـمّـــار
إخبارية - ترفيهية
- تعليمية



جديد الصور
جديد الأخبار
جديد المقالات


جديد الصور

جديد البطاقات

جديد الصوتيات

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

الأخبار
الأسرة والأبناء
أطفالنا والتربية
الرِفْق..اختيار الله للمُرَبِّين
 
Dimofinf Player
الرِفْق..اختيار الله للمُرَبِّين

2012-08-07 12:08
الكاتب:سحر محمد يسري

أصوات الأذان تتعالى من المسجد المجاور لمنزل "رَنَا" ذات التسعة أعوام..
رنا: إنه أذان المغرب..إذن خالتي وابنتها "أمل" على وشك الوصول!
هل سأقوم بتقديم الشاي والكيك كما وعدتني يا أمي؟
الأم: إن شاء الله كما اتفقنا يا "رنا"، ولكن تصرفي بهدوء وروية، واياكي أن ينكسر شيء من الأكواب أو الأطباق..!!
وعند حضور الخالة وابنتها قامت "رنا" بتجهيز التحية للضيوف على طاولة التقديم، ثم رفعتها وتقدمت حاملةً إياها نحو حجرة الاستقبال.
وأثناء سيرها حدث ما لا تحمد عقباه!
فقد تعثرت قدمها بسبب انثناء طرف البساط..
لتقع "رنا" وتتبعثر قطع الكيك على الأرض وتنسكب فناجين الشاي..
وهنا تأتي الأم صارخةً:
"ألم أقل لكي مازلت صغيرة؟ هل يعجبك ماحدث؟ قومي وابقي في غرفتك.
وانصرفت "رنا" باكية, وقد أغرقها الشعور بالحزن والحرج والاحباط أيضًا.
مهلًا يا "أم رنا":
إنّ أبناءنا يولدون ويأتون إلى هذه الحياة لا يعلمون شيئًا من خبرات الحياة، ثم تتلقفهم يد الوالدين الحانية، فيستمدون منهم كل معارفهم وخبراتهم.
نعم, كثيرة هي أخطاء الأبناء، يخطئون في طريقة الأكل واللباس والتعامل مع أشياء كثيرة من حولهم، والآباء والأمهات من حولهم يرون هذه الأخطاء باستمرار، فمنهم من يتقبلها ويعمل على تعديلها بصدر رحب, ومنهم من يأخذ ولده بالشدة والعسف ويبدي عدم تسامحه مع أخطائهم تلك, فمَن من الفريقين يكسب في ساحة التربية؟
إن المربي الرفيق فقط "الايجابي" هو الذي يستوعب أخطاء أبنائه بصبر وحب وتصميم على تعديلها، آخذًا بأيديهم إلى سبل الخير والرشاد..! [د.مصطفى أبو سعد, التربية الإيجابية من خلال إشباع الحاجات النفسية للطفل]
فالرفق خير مطيَّة للمربين:
نعم أيها المربي الفاضل والأب الشفيق، الرفق هو الأسلوب الأمثل للتربية، والطريق التربوي المعتمد الذي وعد الله تعالى بالعون لمن يسلكه في بيته مع بنيه وأهله، قال المربي الأعظم صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ رَفِيقٌ يُحِبُّ الرِّفْقَ, وَيُعْطِي عَلَى الرِّفْقِ مَا لَا يُعْطِي عَلَى الْعُنْفِوَمَا لَا يُعْطِي عَلَى مَا سِوَاهُ) [رواه مسلم]
فيُعْطَي المربي الرفيق العونَ من الله تعالى على أداء رسالته بنجاح؛ فتقر عينه ويرى ثمار غرسه، وحصاد زرعه يانعًا.
والرفقضد العنف والشدّة، ويُراد به اليسر في الاَُمور والسهولة في التوصل إليها، وقيل في معناه أيضًا: لِينُ الجانب، ولَطافةُ الفعل، وحُسْن الصَّنيع[معجم الفروق اللغوية]
ولكن لماذا يضيق صدر المربي عن الرفق بأبنائه كثيرًا؟
لأن الآباء لم يتعرفوا على سمات مراحل الطفولة المختلفة، إلا أثناء مرور الطفل بها أو بعد ذلك، عندما يبدأ الوالدان في السؤال عما يلاحظونه من حركات الأبناء وما يحدثونه من مشاكل وضوضاء، وهذا التوقيت يأتي متأخرًا عن موعده الصحيح، فسعي الوالدين إلى التعرف على خصائص المراحل العمرية للطفل عن طريق قراءة الكتب التربوية، ومطالعة المواد السمعية والمرئية، وسؤال أهل الخبرة، كل ذلك يكون قبل المرحلة وليس أثناءها أوبعدها، ليكون التهيؤ اللازم لأفعال الطفل المتوقعة، خاصة السلبي منها، والاستعداد بالارشادات اللازمة والتوجيهات المناسبة، والتنسيق بين البيت والمدرسة أو المسجد أو النادي من أجل الوصول بالطفل إلى بر الأمان.
تعرف على ولدك تكن رفيقًا به
إن معرفة المربي لخصائص المرحلة السنية التي يمر بها طفله، والتي هو بصدد التعامل معها،هو أمر هام ليقوم بتربيته على أسس سليمة، فالطفل تختلف خصائصه من عام لآخر، فلا يكون التوجيه السليم على صورة واحدة في جميع أطواره، فلطفل السادسة أسلوب في توجيهه يختلف عن الأسلوب المناسب لطفل العاشرة، أو طفل الثالثة عشرة. [محمد سعيد مرسي, كيف تكون أحسن مربي في العالم؟]
وعندئذ يتسع صدرُك لِلَعِبِه وشَغَبه
إن معرفة خصائص المراحل العمرية للأبناء يسهم بشكل كبير في ضبط ردود أفعال الوالدين تجاه الطفل إذا أخطأ أو تعثّر، كما يكسبهم الصبر على سلوكياتهم التي قد تكون مزعجة لأنهم قد عرفوا مسبقًا أنها من خصائص المرحلة التي يمرون بها.
مثال ذلك: تقبل كثرة الحركة، والارتباط بصندوق اللعب وسكبه على أرضية الحجرة يوميًا من طفل الثالثة، بينما يطلب من المربي أن يتعامل مع ولده الذي بلغ الثالثة عشرة بكثير من الصبر والاحتواء والاستعداد للجدال والمناقشات الطويلة وتوقع التمرد على أوامر وتعليمات الوالدين، فهذه السلبيات متوقعة لأنها من سمات مرحلة المراهقة التي يمر بها الابن في هذه السن.
الرفق لا يعني ضعف المربي
ولكن معناه: لين الجانب واللطف وسهولة الخُلُق والأخذ بالأسهل في أمر الدنيا، مع الحفاظ على الحزم, ونعني به الإلزام في التنفيذ والتطبيق.
وهذا ضابط هام ينبغي أن ينتبه له المربي ويظل واضحًا أمامه، حتى لا يسلك سبيل الوهن والتسيُّب مع الأبناء ظانًّا أنه بذلك يرفق بهم، ولكن لابد من الجمع بين الرفق كأسلوب أمثل في التربية، وبين الحزم كأسلوب ضروري لضبط وإحكام الجانب التطبيقي في العملية التربوية.
ويظهر هذا الضابط بوضوح في كثير من المواقف التربوية التي تضمنتها السيرة النبوية العطرة.
خير المربين صلى الله عليه وسلم يرفق بالحسين
مثال ذلك: تلطُّف النبي صلى الله عليه وسلم في نهيه للحسين بن علي رضي الله عنه مع بيان سبب النهي والإلزام بتطبيق السلوك الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخذ الحسين بن علي وكان صبيًا تمرة من تمر الصدقة؛ فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كخ.. كخ.. ارم بها أما شعرت أنا لا نأكل الصدقة؟) [رواه البخاري]
فلم يضربه النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينهره، ولكن نبَّهه إلى أن ما فعله سلوك مرفوض لا يصلح أنْ يصدر منه، مع الإلزام بترك التمرة في نفس الموقف بل في اللحظة ذاتها، كل ذلك بلغة يفهمها طفل صغير جدًا في الثالثة أو الرابعة وهو سن الحسين رضي الله عنه آنذاك.
الرفق هو الخير الذي أراده الله لك ولأهل بيتك
فعن عائشة رضي الله عنها قالت:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أراد الله بأهل بيت خيرًا أدخل عليهم الرفق) [صححه الألباني]
فهذه هي الطريقة المرْضية التي اختارها الله تعالى للمربين من عباده، لتكون هي أسلوبهم وطريقتهم مع أبنائهم وكل من يقومون على تربيته ورعايته، وأثابهم عليها أن يرفق سبحانه بهم.
ولقد أثبتت الدراسات أن الأسرالتيتتعاملبالرفقهيأكثرتماسكًا من التي تعتمد أساليب عنيفة متسلطة في التعامل بين أفرادها.
والمربي الرفيق يجذب أبناءه أكثر إلى الأسرة ويجعلهم مرتبطين بها، لأنهم يشعرون بالأمان في أجوائها، ويعتقدون أنّ الوالدين يمثلان مصدرًا آمنًا لتصحيح أخطائهم.
وإلا فليعلم المربي أن المقابل لأسلوب الشدة والعنف والتضييق، هو جنوح الأبناء وابتعادهم عنه، قال تعالى: { وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} [آل عمران: 159]
كما أنّ القسوة تورث الخوف والجبن والاضطراب النفسي والخجل والتردد، والعنف علىالأطفال يجعلهم يبتعدون عن الآباء ويفضلون غيابهم!
ولكن ترفق بهم، وغضَّ الطرف عن هفواتهم، ولا تكثر عليهم بالعتاب والملامة.
وهو ضمانة الطاعة وتثبيت السلوك الحسن
كما أن انتهاج أسلوب الرفق في التربية والتوجيه ومعالجة السلوك الخاطئ أو حتى المعوج، هو أقصر الطرق المؤدية إلى تصحيحه وتعديله.
ولنأخذ مثالًا حديث عمر بن أبي سلمة وهو ربيب النبي صلى الله عليه وسلم وتربى في حجره، يقول: كنت غلاما في حِجْر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا غلام سم الله, وكل بيمينك, وكل مما يليك) فما زالت تلك طعمتي بعد [رواه البخاري].
تأمل عزيزي المربي قول عمر بن أبي سلمة "فما زالت تلك طعمتي بعد"
ففي هذا الحديث تتجلى فضيلة الرفق وما يثمره من نتائج سريعة وطويلة المدى، كما يتضح فيه أهمية أن يجمع المربي بين الحزم في معالجة الأخطاء وعدم التقاعس عن ذلك، وبين الرفق في الأسلوب الذي تتم به المعالجة.
ففيه من الرفق:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم، تحبب إلى الغلام في النداء الذي يحصل به الانتباه لما سيقوله من توجيه فقال: ياغلام!
- لم يضرب الغلام ولم يعنفه أو يخلع عليه وصفًا أو تشبيهًا قبيحًا عندما أساء.
- لم يكرر الخطأ لفظًا أو يحكيه ويجسده أمام الغلام، ولكنه ألقى إليه مباشرة الأصول السليمة، ليتعلمها ويفهم أن ما كان يفعله خطأ.
وفيه من الحزم:
- أن النبي صلى الله عليه وسلم عالج الخطأ السلوكي فورًا بمجرد رؤيته له، فالتقاعس وتجاهل أخطاء الأبناء والتراخي في علاجها؛ يحولها بالضرورة إلى عادة يصعب علاجها فيما بعد.
- عدم الاكتفاء بالتلقين النظري للأبناء حتى يقترن بالتطبيق العملي.
- أن النبي صلي الله عليه وسلم علم الغلام السلوك الصحيح بلغة وألفاظ حازمة، حيث تتابع الجمل، ووضوحها، واستخدام أفعال الأمر.
ثم دلّ قول عمر بن أبي سلمة رضي الله عنه: "فمازالت تلك طُعمَتي بعد" على نجاح هذا الأسلوب وفاعليته وقوة تأثيره.
وأخيرًا..عزيزي المربي
إذا رزقك الله تعالى أبناءً بنين وبنات، فقد حباك وأعطاك زينة الحياة الدنيا، فأبناؤنا هم أعز ما نملك بعد نعمة الدين والإيمان، وصلاحهم من أسباب السعادة في الدنيا والآخرة، فلنصاحبهم بالرفق واللين، ولنكن لهم أرضًا ذليلة وسماءً ظليلة.
المراجع:
- موسوعة التربية العملية, هداية الله أحمد شاش.
- أطفال المسلمين كيف ربّاهم النبي صلى الله عليه وسلم؟ جمال عبد الرحمن.
- كيف تكون أحسن مربي في العالم؟ محمد سعيد مرسي.
- التربية الإيجابية من خلال إشباع الحاجات النفسية للطفل, د.مصطفى أبو سعد.
تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 812


+++

خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


تقييم
1.00/10 (4 صوت)

محتويات مشابهة

محتويات مشابهة/ق

الاكثر تفاعلاً

الافضل تقييماً

الاكثر مشاهدةً

الاكثر ترشيحاً

الافضل تقييماً/ق

الاكثر مشاهدةً/ق

الاكثر ترشيحاً/ق


Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.