الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
أطفالنا والتربية عقاب الأطفال والمعادلة الصعبة |
2012-08-07 12:20
عزيزي المربي، اسمح لي أن أسألك؟؟كيف تعاقب طفلك؟؟ "بالصراخ" وماذا يكون رد فعله؟ لا يقوم برد فعل، إنه عادة يتجاهلني. ثم ماذا؟؟ ينتابني الغضب، وعادة أصرخ مرة أخرى. هل يوقفه ذلك؟؟ ربما لفترة قصيرة. وما الوسيلة التي تجربها بعد ذلك؟؟ أحيانًا أعنفه. كم مرة تعنفه؟؟ حوالي ثمان أو عشر مرات في اليوم. الآباء والعقاب: كثيرًا ما تختلف وجهة نظر الآباء عن العقاب، فبين قبول ورفض، وبين مستخدم العقاب ومعتمده كوسيلة في التربية وبين رافض لهذا الأسلوب وهو يرى أن هذا الأسلوب يسبب الأمراض النفسية للأطفال، ويضع الحواجز بين الآباء وأبنائهم وهو في حد ذاته سبب في كره الأبناء لآبائهم. والحقيقة أيها المربي العزيز أن الاختلاف في وجهة النظر هذه، إنما هي بسبب الاختلاف في نظرة الآباء للعقاب ومفهوم العقاب لديهم. فما هو العقاب، أهو الضرب أم الصراخ أم الحبس أم حرمان المصروف أم الإهانة أمام الآخرين، ما هو العقاب، وكيف نستخدمه هذا هو موضوعنا اليوم عزيزي المربي الفاضل. ما العقاب:العقاب هو استخدام وسائل في تربية الطفل تعتمد على الإيلام (بعد العجز عن تغيير سلوك الطفل بالوسائل الإيجابية)، ويتم استخدام هذه الوسائل بحزم وبعقلانية، بهدف تعليم الطفل شيء يفيده في أمور دنياه وآخرته. ومن خلال هذا التعريف؛ نعلم أن العقاب ليس نوعًا واحدًا، أو طريقة واحدة على الدوام، فالعقاب ليس "الضرب"على طول الخط، ولكنه مجموعة من الوسائل (والضرب من هذه الوسائل)، تستخدم على حسب الحاجة والضرورة، كما أن العقاب لابد أن يتوفر فيه عنصر الإيلام والحزم، وكذلك يكون بهدف تعليم الطفل، وليس فقط تفريغًا للعاطفة الغاضبة، وإهمال إفادة الطفل وتعليمه، ولذلك أيها المربي الفاضل إن العقاب الذي لم يعلم الطفل شيئًا نافعًا، فقد علمه شيئًا ضارًا بدون شك. الثواب والعقاب مطلوبان: (كل أسرة تختلف في طريقة التعامل مع أطفالها، فإذا كان الطفل شقيًا ويتحرك كثيرًا ويعبث بمقتنيات المنزل دون وعي أو إدراك، وفي تصوره أنه نوع من اللهو أو جذب الانتباه إليه فقد تتبع أسرته معه أسلوب الضرب والإهانة وتكون الشكوى منه دائمًا، ولو أدركت الأسرة أن الطفل إن لم يقدم على تلك الأفعال في هذه السن لأصبح حالة مرضية، فيجب عدم توبيخه ومعاقبته كلما صدر منه فعل مرفوض، بل يجب أن ندعم ثقته بنفسه وأظهر له مميزاته بدلًا من عقابه وإهمال السلبيات وإظهار الإيجابيات. وأكدت الأبحاث في مجال تربية الطفل أنه يمكن استخدام العقاب كوسيلة لمنع سلوكيات الأبناء المرفوضة، مثل اللعب في أسلاك الكهرباء أو مفاتيح الغاز وغيرها من الأشياء الخطرة، فمن شروط العقاب أن يتم تطبيقه عقب صدور السلوك المرفوض فورًا، ولا ينتظر مدة حتى يعاقب الطفل عليها، ويكون العقاب مناسبًا للموقف، أي حسب حجم الخطأ، ولابد أن يكون التحذير سابقًا للخطأ، مثل التحذير من سكب الولد لكوب اللبن، ولابد أن يكون العقاب مباشرًا إذا تكرر الخطأ، كما يجب معاقبة الطفل من كلا الوالدين وليس واحدًا فقط؛ حتى لا يشعر بالفارق أو عدم الثقة بأحد الوالدين. ويجب أن نعلم أن العقاب بالحرمان أفضل أسلوب، فهو حرمانه من المميزات التي يحبها مثل الألعاب والكمبيوتر، وعزله وحيدًا في غرفة خالية من ألعاب الترفيه، لكنها ليست مخيفة حتى لا تسبب له أزمة نفسية ولا تكون كذلك مغلقة الأبواب، أو حرمانه من التنزه، أو ممارسة بعض الألعاب التي يحبها، أو الحرمان المؤقت من المصروف، وكل ذلك يكون بصورة مقننة؛ لأن العقاب الشديد في الصغر يسبب اهتزاز الشخصية في الكبر) [نقلًا عن موقع الساحة العربية]. أركان العقاب: 1. مجموعة من الوسائل: العقاب ليس الضرب كما يظن كثير من الآباء، ولكن العقاب مجموعة من الوسائل منها الضرب، وتم اختيار هذه الوسيلة على حسب نوع الخطأ الذي أخطأه الطفل، وطبيعة الطفل وتفاعله مع العقاب، فمن الأطفال ما يؤثر فيهم أقل أنواع العقاب، ومن الأطفال ما لا ينفع معهم إلا أشد أنواع العقاب. ومن وسائل العقاب: · الحبس عن ما يحب ( ألعاب، نزهة، أفلام كرتون). · حرمان المصروف. · حرمانه من الامتيازات. · الضرب. 2. عنصر الإيلام المعقول والحزم: فالعقاب الذي يكون بالربت على الكتف و"لا تفعل هكذا مرة أخرى "وانتهى الأمر حتى وإن تكرر الخطأ مرات ومرات، فهذا ليس إلا ضربًا من الدلال الذي يفسد الطفل ولا يعلمه شيئًا، كذلك العقاب الذي لا يستمر أو يبدأ قويًا ثم سرعان ما يفتر أي يكون المربي حازمًا حال وقوع الخطأ ولكن مع بعض الترقيق من الأم، أو هدوء وفتور لحظة الغضب يتنازل المربي عما حدده من عقاب، فهذا عقاب فاتر لا حزم فيه ولا يجعل الطفل يأخذ موقفًا مع نفسه ويغير خطأه، لكن يستقر عنده أن أبي أو أمي سيهدأ بعد قليل، ويتنازل عما اتخذه من قرارات أو مع قليل من البكاء والمحايلة تعود الأمور كما كانت. ولذلك لابد أن يتوفر في العقاب عنصر الإيلام المتزن والمعقول وكذلك الحزم في تنفيذ هذا الإيلام. 3. عنصر العقلانية: وفي الوقت الذي بينَّا فيه أهمية الحزم في تنفيذ الإيلام الذي يحدثه العقاب، ولكن أيضًا لابد أن يكون هذا العقاب بعقلانية وليس من محض العاطفة. لا بد أن تأخذ قرار العقاب وأنت في كامل هدوءك، وفي منتهى صفاء ذهنك وبالتالي: · لا تعاقب وأنت غاضب. · عاقب طفلك دون أن تحرجه. · اجعل العقاب على قدر الخطأ. · اختار الوسيلة المناسبة والأكثر تأثيرًا، والأعظم فائدة للطفل. وعليك أيها المربي أن تختار العقاب المناسب مع طفلك، (فالطفل الذي يحول المكان إلى فوضى عليه أن يرتبه وينظفه، والطفل الذي يكسر شيئًا بلا مبالاة عليه إصلاحه أو العمل مقابل ثمنه في البيت بما يتناسب مع حجم خطئه، والطفل الذي لا يقوم بوضع ملابسه المتسخة في سلة الملابس المتسخة عليه أن يغسلها بنفسه ولو لم يتقن ذلك بصورة جيدة) [كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك، سال سيفير، ص(158)]. 4. لا تنس الهدف من العقاب: لابد أن تسأل نفسك عزيزي المربي مجموعة من الأسئلة قبل أن تعاقب طفلك: · هل سيعلم هذا العقاب طفلي مهارات أفضل في صنع القرار؟ · هل سيغير هذا العقاب العادات السيئة للطفل؟ · هل يقلل هذا العقاب من الحاجة لعقاب أكثر؟ · هل أكون غاضبًا حين أقرر العقاب؟ · هل يكون هذا العقاب جزءًا من خطة ما؟ وهل أندفع في استخدامه؟ · هل أتسرع؟ وهل سيعين هذا العقاب طفلي أو يحرمه؟ · هل أثابر على العقاب؟ · هل سأستمر في العقاب (ما عدا لحظة الغضب)؟ · هل هذا العقاب عقلاني وعادل؟ · هل حاولت استخدام علاج إيجابي في البداية؟ ومن خلال الإجابة على هذه الأسئلة أيها المربي الفاضل تكون عرفت إن كان عقابك لطفلك علمه شيئًا أم لا. 5. عزيزي المربي عاقب طفلك لتعلمه، لا لتزجره وتفجر طاقات غضبك، واعلم أنك إن لم تعلمه شيئًا يفيد بالعقاب فقد علمته شيئًا يضر، ولاشك أنك علمته إذًا أنك تكرهه، وأن عليه أن يكرهك وعلمته أن يكون أبًا مثلك وعلمته ألا يثق بنفسه، وألا يحترم نفسه ويعتز بها، نعم إن العقاب إذا لم ينفع فإنه يضر، ولذلك كان العلاج بالكي أيها المربي الفاضل غاية في الخطورة لأنه إن لم يستأصل المرض؛ سيترك آثار الحرق. المعادلة الهامة: (عليك بفرض العواقب السلبية بنفس الطريقة التي تعطى بها العواقب الإيجابية، بعبارة أخرى: عليك بربط السلوك بالعاقبة التي تفرضها، على سبيل المثال: إذ قام ابنك بضرب أخيه، ستقول: إنك ضربت أخاك لذلك فلا فسح لمدة أسبوع، كما يمكنك أن تقول لطفليك اللذين يتشاجران حول الكمبيوتر: أحمد، محمد، إنكما تتشاجران حول الكمبيوتر، من فضلكما، أغلقا التلفاز إلى أن تعودا إلي في هدوء وتكونان قد توصلتما إلى حل لهذا النزاع) [تربية الأطفال بالفطرة السليمة، راي بيرك- رون هيرون، ص(42)، بتصرف]. آخر الكلام: وختامًا أيها المربي الفاضل، (اعلم أن العقاب آخر وسيلة للتربية إن لم ينفع مع الطفل الموعظة والتوجيه والإرشاد والملاطفة والاقتداء فيكون العقاب بعد ذلك وللعقاب درجات وليس الضرب وحده هو وسيلة العقاب، بل إنه قد لا يجدي بعض الأحيان أو يأتي بنتيجة عكسية) [فن التربية في الإسلام، محمد سعيد المرسي (1/112)، بتصرف]،فالعقاب الحقيقي يستخدم بصورة نادرة؛ لأن الحاجة إليه تكون نادرة هذه هي القاعدة الذهبية للعقاب، يجب أن يقلل العقاب من الحاجة إلى المزيد من استخدامه، حيث يجب أن يحد من السلوك السيئ ذاته، وإذا لم تتغير العادة السيئة فإن العقاب لا يؤدي الغرض منه. وختامًا أيها المربي العزيز إلى لقاء قريب ومستقبل راق لأبنائنا. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. المصادر: ـ كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك سال سيفير. ـ تربية الأطفال بالفطرة السليمة راي بيرك- رون هيرون. ـ فن التربية في الإسلام محمد سعيد المرسي. ـ موقع الساحة العربية.
خدمات المحتوى
|
تقييم
محتويات مشابهةمحتويات مشابهة/قالاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |