هل سعيت في علاجهما ؟
يذكر أحدهم عن أبيه المسنّ, والآخر عن أمه الكبيرة, أنهما عندما يقابلانهما يشمان منهما روائح كريهة تنبعث منهما بسبب التهابات اللثة أوغير ذلك من العلل الصحية التي ينشأ بسببها روائح مستقذرة, ولكن البرّ والأدب أمام الوالدين منعهما من ذكر ذلك بحضرتهما وانتقادهما وتنبيههما خشية إيذائهما, ولذا ربما لا يفضلان الجلوس بالقرب منهما, وإذا قبّل الرأس قبّله على عجل, ولايخفى على الجميع مايجده الكبيران المسنّان من المشقة في متابعة الجانب الصحي وجانب النظافة وغير ذلك, وما كان متيسراً عليهما في زمن مضى, قد يصعب ويتعسر عليهما حال كبرهما..
ولا أظن أباً أو أمّاً في مثل هذا السنّ يرغب في أن يكلّف أولاده بمتابعة الجانب الصحي وجانب النظافة وما إلى ذلك, وربما عرضنا عليهما تقديم الخدمة لكن يرفضان لسبب أو لأخر, ومانريده هنا هو: هل نكتفي بالحال التي نحن عليها الآن؟ وهل نوّعنا في عرضنا لتقديم خدماتنا بأساليب محبّبة؟ وهل سعينا في علاج مامنه يتأذيان؟ وهل حرصنا على متابعة مواعيدهم في العيادات الطبية والعلاج؟ وهل نبّهنا إخواننا وأخواتنا بالصبر والتواصي على حسن التعامل مع ما قد يبدر منهما أيّأً كان؟
أحدهم يقول: لم يقرّ لي قرار, وفعلت أكثر من سبب حتى اقتلعنا المرض من جذوره -بفضل الله تعالى- من والدتي المسكينة التي كانت تعيش وحشة بين أبنائها وبناتها وجليساتها, بسبب مايفوح من أثر الجروح والدمامل في رأسها, والآن تجلس عزيزة مكرّمة, والكل يرغب بالقرب منها بسبب مايفوح من دهن العود في رأسها, وتحس هي بفرحة غامرة, بعد أيام المرض وتدعو لي قائمة قاعدة, وكم هو جميل أن نفعل بهم مثل ذلك, لأننا ربما نعاني مستقبلاً كما كانوا يعانون, وبرّوا آباءكم تبرّكم أبناؤكم, وأبشروا بالخير من رب العالمين, ولئن مدّ في عمرك لتتذكرنّ ما قلته لك.
المصدر: صيد الفوائد - علي بن صالح الجبر البطيّح
|