الرئيسية
الأخبار
|
المال والأعمال الاقتصاد السياسي في 2013 |
2013-01-04 10:50
كانت مشاهدة زعماء أميركا وهم يناضلون ويتزاحمون ويتدافعون بالمناكب في الأيام الأخيرة من عام 2012 في محاولة لتجنب "الهاوية المالية" التي قد تغرق الاقتصاد في الركود؛ بمثابة صورة توضيحية أخرى لحقيقة مزعجة: فالسياسة الفوضوية المرتبكة لا تزال تعمل كمحرك رئيسي للتطورات والأحداث الاقتصادية. في بعض الحالات خلال عام 2012، عملت السياسة كقوة للخير: ولنتذكر هنا براعة رئيس الوزراء الإيطالي ماريو مونتي في إبعاد شبح الاضطرابات المالية عن بلاده. ولكن في حالات أخرى، مثل اليونان، كان العجز السياسي سببا في تفاقم المشاكل الاقتصادية. ومن المرجح أن تظل الروابط الوثيقة بين السياسة والاقتصاد قائمة في عام 2013. ويتعين علينا توقع قدر أعظم من التشظي والانقسام من حيث التأثير، وأن العواقب سوف تؤثر على كل دولة على حِدة وعلى النظام العالمي ككل. في بعض البلدان مثل إيطاليا واليابان والولايات المتحدة ستظل السياسة المحرك الرئيسي لأساليب التعامل مع السياسات الاقتصادية. ولكن في أماكن أخرى مثل الصين ومصر وألمانيا واليونان سيكون العكس هو الصحيح، حيث يصبح الاقتصاد أحد العوامل الرئيسية في تحديد النتائج السياسية. " في بعض البلدان مثل إيطاليا واليابان وأميركا ستظل السياسة المحرك الرئيسي لأساليب التعامل مع السياسات الاقتصادية، ولكن في دول أخرى مثل الصين ومصر وألمانيا واليونان سيكون الاقتصاد أحد العوامل الرئيسية في تحديد النتائج السياسية " ازدواجية العلاقة وتشهد هذه الازدواجية في العلاقة بين السبب والمسبب على عالم سيصبح أكثر تغايراً وتفاوتاً في عام 2013، وبطريقتين على الأقل: إذ إنه سوف يفتقر إلى المواضيع السياسية الكفيلة بتوحيده. وسوف يكون خاضعاً للنمو المتعدد السرعات والديناميكيات المالية التي تنطوي على مجموعة من السيناريوهات المحتملة للتفاعل المتعدد الأطراف بين السياسات. ومع اقتراب الانتخابات في إيطاليا، فإن الإدارة التكنوقراطية المؤقتة في البلاد سوف تعيد مقاليد السلطة إلى حكومة منتخبة ديمقراطيا. والسؤال هنا، سواء بالنسبة لإيطاليا أو أوروبا ككل، هو ما إذا كانت الحكومة الجديدة سوف تستبقي الوضع الاقتصادي الحالي أم أنها قد تتحول إلى موقف أقل قبولاً لدى شركاء البلاد في الخارج، وخاصة ألمانيا والبنك المركزي الأوروبي. قد يكون مونتي -أو لا يكون- مشاركاً في الحكومة الجديدة. وكلما زاد ابتعاده عنها، تعاظم إغراء تبديل النهج المتبع في التعامل مع السياسات في استجابة للضغوط الشعبية. وقد يشمل هذا التركيز بدرجة أقل على الإصلاحات المالية والبنيوية، وهو ما من شأنه أن يثير المخاوف في برلين وبروكسل وفرانكفورت. وفي اليابان، أشارت الحكومة اليابانية المقبلة بالفعل إلى محور للسياسة الاقتصادية يعتمد على ما تتحكم فيه بشكل مباشر (السياسة المالية)، إلى جانب الضغوط على بنك اليابان، لحمله على تخفيف موقف السياسة النقدية، في محاولة لتوليد نمو أسرع وتضخم أعلى. وفي هذه العملية، يعمل المسؤولون على إضعاف قوة الين. وسوف يحاولون أيضاً الحد من اعتماد اليابان على الصادرات وإعادة النظر في إرسال مرافق الإنتاج إلى بلدان أخرى حيث الأجور أقل. " سيكون التأثير الاقتصادي على السياسة في أميركا أقل ديناميكية على الرغم من أهميته، ففي غياب الكونغرس الأكثر تعاونا تغطي السياسة على الاستجابات الخاصة بالسياسات بدلا من عملها على تغذية قدر أعظم من النشاط " الاقتصاد الأميركي وسيكون التأثير الاقتصادي على السياسة في الولايات المتحدة أقل ديناميكية على الرغم من أهميته، ففي غياب الكونغرس الأكثر تعاوناً تغطي السياسة على الاستجابات الخاصة بالسياسات بدلاً من عملها على تغذية قدر أعظم من النشاط. وسوف يعمل الاستقطاب المستمر في الكونغرس على إدامة حالة من عدم اليقين السياسي، وإرباك المفاوضات الخاصة بالديون والعجز، وإعاقة النمو الاقتصادي. ومن عرقلة الإصلاحات المالية في الأمد المتوسط إلى تأخير الإصلاحات اللازمة لأسواق العمالة والإسكان، فإن الاختلال الوظيفي في الكونغرس كفيل بإبقاء الأداء الاقتصادي الأميركي عند مستوى أدنى من قدراته؛ وبمرور الوقت، سوف يؤدي هذا أيضاً إلى تآكل الناتج المحتمل. وفي بلدان أخرى، سوف يكون اتجاه العلاقة السببية في المقام الأول من الاقتصاد إلى السياسة. ففي اليونان ومصر، على سبيل المثال، قد تؤدي معدلات الفقر والبطالة المرتفعة والاضطرابات المالية إلى فرض ضغوط قوية على الحكومة. وقد لا ينتظر الإحباط الشعبي صناديق الاقتراع، بل قد تكون الأوقات العصيبة سبباً في تغذية الاضطرابات المدنية، وقد تهدد شرعية الحكومات ومصداقيتها وفعاليتها في غياب أي بدائل واضحة قادرة على ضمان التعافي الاقتصادي السريع ورفع مستويات المعيشة. " في الصين ستعتمد مصداقية القيادات الجديدة لحد كبير على ما إذا كان الاقتصاد قادرا على تأمين الهبوط الناعم، وقد تتسبب فترة مطولة من النمو الأقل من 7% في تشجيع المعارضة على الانشقاق، ليس فقط بالمناطق الريفية، بل أيضا بالمراكز الحضرية " الاقتصاد الصيني والألماني وفي الصين، سوف تعتمد مصداقية القيادات الجديدة إلى حد كبير على ما إذا كان الاقتصاد قادراً على تأمين الهبوط الناعم. وبشكل خاص، قد تتسبب أي فترة مطولة من النمو الأقل من 7% في تشجيع المعارضة والانشقاق ليس فقط في المناطق الريفية، بل أيضاً في المراكز الحضرية. ثم هناك ألمانيا، التي تحمل مفتاح سلامة ووحدة منطقة اليورو. حتى الآن، كانت المستشارة أنجيلا ميركل ناجحة إلى حد كبير في عزل الاقتصاد الألماني عن الاضطرابات في أماكن أخرى من أوروبا. فقد ظلت معدلات البطالة منخفضة بشكل ملحوظ وظلت الثقة مرتفعة نسبيا. ورغم اعتدال النمو مؤخرا، فإن ألمانيا تظل الدولة صاحبة أحد أفضل الاقتصادات أداءً في أوروبا، وليست مجرد صراف أوروبا. وفي حين كان البعض ليفضلون قدراً أعظم من النشاط السياسي، فقد نجحت ألمانيا تحت زعامة ميركل في توفير مرتكز ثابت لمنطقة اليورو التي تناضل من أجل إنهاء نوبات عدم الاستقرار المالي، ووضع حد للتساؤلات حول قدرة المنطقة على البقاء بوصفها اتحاداً نقدياً قادراً على أداء الوظيفة المطلوبة منه، (ويطمح إلى المزيد من النجاح في أداء وظيفته). وبالتالي فإن تغيير الزعامة في ألمانيا من شأنه أن يثير تساؤلات حول توطيد دعائم السياسات الأوروبية. وتُعَد الكيفية التي قد يتم التفاعل بها بين السياسة والاقتصاد على الصعيدين الوطني والعالمي من بين التساؤلات المهمة في عام 2013 وما يليه. وهناك ثلاثة سيناريوهات محتملة: فإما أن ينجح الاقتصاد الجيد والسياسات الفعّالة في توفير الأساس لاقتصاد عالمي نام وأكثر تعاونية؛ أو أن يتفاعل الاقتصاد الرديء مع السياسات المختلة لإفساد الأمر برمته؛ أو أن يشق العالم طريقه متخبطا، مع المزيد من عدم الاستقرار، في ظل استمرار عملية الشد والجذب بين الاقتصاد والسياسية، وغياب أي نتائج أو اتجاهات واضحة. ويعتمد جزء من الإجابة على ما قد يحدث في ثلاثة بلدان على وجه الخصوص: الصين وألمانيا والولايات المتحدة. لا شك أن الاستقرار الاقتصادي والسياسي في هذه البلدان يشكل ضرورة أساسية لرفاهة الاقتصاد العالمي الذي لم يتعافَ بالكامل بعد من أزمة 2008 المالية العالمية. والواقع أن المؤشرات الحالية، وإن لم تكن مكتملة، تشير إلى أن البلدان الثلاثة سوف تستمر في العمل كمرتكز للاقتصاد العالمي في عام 2013. وهذا هو النبأ الطيب. أما النبأ السيئ فهو أن هذا المرتكز قد يظل متقلباً وغير كاف لاستعادة مستوى النمو والاستقرار المالي الذي يتطلع إليه المليارات من البشر.
خدمات المحتوى
|
تقييم
محتويات مشابهةمحتويات مشابهة/قالاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |