الرئيسية
الأخبار
|
المال والأعمال لماذا لم تسترد مصر أموالها المنهوبة؟ |
2013-01-12 09:55
يطول البحث ويتشعب حول الجهود المصرية المبذولة من أجل استعادة الأموال المهربة إلى الخارج، لكن النتيجة المؤكدة هي أن هذه الأموال لم تعد بعد، وذلك بعد نحو عامين من الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك ورموز حكمه، مما ترك المصريين وسط حالة متباينة من الإحباط واليأس لدى البعض من إمكانية استعادة الأموال، والتفاؤل لدى آخرين يدركون أن المهمة بطبيعتها وصعوبتها لا يمكن إنجازها في فترة قصيرة.ما يزيد من صعوبة الملف ووطأته على المصريين أنهم عاشوا حلم استعادة الأموال التي هربها المفسدون إلى الخارج، والتي قدرها البعض بعشرات المليارات من الدولارات، ووصل الأمر إلى أن بعض البسطاء كان يتخيل أنه بات قاب قوسين أو أدنى من تسلم حصته من هذه الأموال بعد استعادتها من البنوك الأجنبية. ومع بدء محاكمات مبارك ورموز حكمه من سياسيين ورجال أعمال، تشكلت في مصر لجان عديدة للعمل على استعادة الأموال المهربة، بعضها رسمي والآخر شعبي، فتشكلت المجموعة المصرية لاسترداد الأموال، والمبادرة الشعيبة لاسترداد الأموال المنهوبة، إضافة إلى اللجنة القضائية التي شكلها المجلس العسكري الأعلى في أبريل/نيسان 2011. وسرعان ما توالى في الإعلام المحلي الحديث عن أرقام ضخمة من الأموال التي تجري ملاحقتها وتجميدها، لكن هذه الجهود توارت إلى حد كبير بعدما انشغلت مصر بصراعات المرحلة الانتقالية التي أدارها المجلس العسكري، والمناكفات السياسية التي استمرت حتى بعد انتقال السلطة إلى رئيس مدني منتخب. عيسى: السلطات تقاعست عن تشكيل لجنة عليا لاسترجاع الأموال المنهوبة يأس وإحباط الجزيرة نت تحدثت إلى المسؤولين عن المجموعة المصرية لاسترداد الأموال وفي مقدمتهم رئيسها الخبير القانوني حسام عيسى الذي قال إن صلته قد انقطعت بهذا الملف بعد أن يئس منه، لشعوره بأن مصر تأخرت كثيرا وأصبحت المهمة شديدة الصعوبة، محملا المسؤولية للسلطة الحالية لتقاعسها عن تشكيل لجنة عليا تتولى هذا الملف وتنسق الجهود المبذولة فيه من جانب جهات مختلفة. ولم يكن عضو المجموعة جمال جبريل أقل إحباطا، حيث قال إن هذا الملف قد توارى رغم أهميته، مرجعا ذلك إلى حالة الاضطراب السياسي التي شغلت المصريين عما يجب أن يحظى بالأولوية الحقيقية لديهم. أما الأمين العام للمجموعة محمد محسوب -والذي كان على مدى الشهور الماضية أحد الأسماء الشهيرة في هذا الملف- فقد تحدث عنه خلال الاستقالة التي قدمها قبل أيام من منصبه وزيرا للشؤون القانونية والمجالس النيابية، وألمح إلى تقصير رسمي في التعامل مع هذا الملف، كما حمل على اللجنة القضائية التي شكلها المجلس العسكري، واعتبر أنها لم تحقق أي إنجاز حقيقي، "وهو ما يضيع حقوق الدولة المصرية ويمس هيبتها أمام الدول التي تلقت أموال الفساد الهاربة منها، فضلا عن مصداقيتها التي تتراجع أمام مواطنيها". اللجنة القضائية لكن عضو اللجنة القضائية لاسترجاع الأموال المنهوبة المستشار أحمد سعد دافع عن اللجنة، وأكد للجزيرة نت أنها وحدها صاحبة الجهد الحقيقي الجاد والمحترف في هذا الملف، بالنظر إلى طبيعة تشكيلها الذي يضم قضاة متخصصين بينهم رئيس جهاز الكسب غير المشروع ومساعد وزير العدل لشؤون التعاون الدولي، إضافة إلى امتلاكها المعطيات اللازمة لأداء هذا العمل على عكس الجهات الأخرى. سعد: الإعلام المحلي قدم توقعات ساذجة للناس حول استعادة الأموال المنهوبة وأوضح سعد للجزيرة نت أن اللجنة بدأت في ملاحقة 17 من رموز النظام السابق مع عائلاتهم، ثم توسع العدد إلى أكثر من ثلاثين شخصا وعائلاتهم، مؤكدا أن اللجنة تتواصل مع الجهات المعنية في الدول التي تتركز فيها الأموال المهربة، ومنها سويسرا وإسبانيا وإنجلترا وفرنسا والنمسا وقبرص وليختنشتاين، إضافة إلى الولايات المتحدة وكندا. وردا على سؤال للجزيرة نت عن حجم الأموال التي تم استردادها بالفعل، قال سعد إن الأمر ليس بهذه البساطة، مؤكدا أن الإعلام المحلي قدم للمصريين توقعات ساذجة دون إلمام بالمسار الحقيقي لهذا الاسترداد، والذي يتطلب شرطا محوريا هو صدور أحكام قضائية نهائية تدين المتهمين بتهريب الأموال، وهو ما لم يحدث بعد، وبالتالي لم تسترجع أي أموال. الجهود والمعوقات لكن سعد قال إن هذا لا ينفي الجهد الكبير الذي بُذل في الفترة الماضية، ويتعلق أساسا بالتحري عن الأموال المهربة، خاصة أنها بمبالغ هائلة وتنتشر في بلدان عديدة، ثم تأتي المرحلة الثانية وهي جمع المستندات والوثائق التي تؤكد هذه المعلومات، وبعدها تخاطب الجهات المعنية في الدول المستقبلة للأموال من أجل تجميدها لحين صدور الأحكام القضائية النهائية. وعن أبرز المعوقات التي تواجه اللجنة، قال سعد إن الدول تتفاوت في مدى تعاونها مع مصر في هذا الملف، كما أن الجهود المصرية تحتاج للتنظيم تحت مظلة قانون دائم ينظم عملية الاسترداد، مشيرا إلى أن وزارة العدل أعدت مشروع قانون بهذا الشأن لكنه لم يصدر بعد. وتحولت الجزيرة نت لرصد جهد المبادرة الشعبية لاسترداد الأموال، حيث قال رئيسها الإعلامي معتز صلاح الدين إنه استعان بجهود العديد من المتطوعين من أجل جمع مستندات عن فساد رموز النظام السابق، فضلا عن ممارسة الضغوط على الدول التي تم تهريب الأموال إلى بنوكها. صلاح الدين: ضغط المبادرة الشعبية أدى لتجميد 1.3 مليار دولار من أموال مبارك وأعوانه ضغوط شعبية وعن ماهية هذه الضغوط، تحدث صلاح الدين عن أكثر من عشر مظاهرات نظمت في دول أوروبية مختلفة للمطالبة باسترداد الأموال وتسليم الهاربين، فضلا عن ضغوط إعلامية عبر صحف ووسائل إعلام عالمية، وأخرى قضائية يساهم فيها محامون أوروبيون تطوعوا للمساندة في هذا الملف. ويصر صلاح الدين على أن جهود المبادرة الشعبية كان لها دور في تجميد نحو 1.3 مليار دولار من أموال مبارك وأسرته وأعوانه في بنوك أوروبية، لكنه يقر بأن المهمة لن تكتمل إلا بتضافر جهود سياسية ودبلوماسية وقضائية وشعبية، مع تأكيده أن مصر لو استطاعت أن تستعيد نصف أموالها المهربة فقط فسيكون هذا إنجازا عظيما.
خدمات المحتوى
|
تقييم
محتويات مشابهةمحتويات مشابهة/قالاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |