الرئيسية
الأخبار
|
الأخبار العامة والعالمية لماذا "إسرائيل" أكبر المستفيدين من الاتفاق النووي؟ |
2015-07-20 03:43
ضمان أمن الكيان الصهيوني واستقراره وتفوقه العسكري على كل دول المنطقة مجتمعة؛ هي الأولوية ذات الأهمية القصوى في السياسة الأمريكية الخارجية . حقيقة ثابتة يعرفها أصغر طفل أمريكي يلهو في حديقة منزله أو فناء حضانته . فتلك السياسة بمثابة العقيدة التي يؤمن بها الأمريكان كافة ويتوارثوها عبر الأجيال ، والتابوه الذي لا يجرؤ أي مسئول أمريكي في مجرد التفكير من الاقتراب أو المساس به، بل إن هناك رؤساء أمريكان كبار فقدوا مناصبهم الرئاسية لمجرد التفكير في ملاعبة إسرائيل بهذا الكارت مثلما حدث مع بوش الكبير سنة 1992 ، وآخرين تم تجريسهم وفضحهم كقرصة أذن فقط حتى لا يطرحوا في جلساتهم المغلقة فكرة عدم تصدير أحدث التكنولوجيا العسكرية الأمريكية لإسرائيل ، مثلما حدث مع بيل كلينتون وفضيحته مع اليهودية بولنسكي . وهكذا يمضي عقد السياسة الخارجية الأمريكية ، فقدس الأقداس هو أمن الكيان الصهيوني.وفي ضوء هذه الحقيقة الإستراتيجية الأمريكية المتعلقة بالكيان الصهيوني نستطيع أن نفهم أن الضجة الإسرائيلية حول الاتفاق النووي بين إيران وأمريكا والغرب ، ما هي إلا نوع من الخداع والبروبجندا السياسية الذي يمارسه الصهاينة والأمريكان باقتدار ، فالاتفاق لا يمس أمن الكيان الصهيوني بأدنى تهديد . بل العكس تماما ، فالاتفاق مليء بالفوائد للصهاينة بصورة تجعل الكيان الصهيوني مع إيران هما أكثر الأطراف استفادة من الاتفاق النووي. إسرائيل كانت حاضرة بقوة في المفاوضات مع إيران منذ البداية ، وجميع مراحل التفاوض جرت بأعينها وتحت رعايتها وإشرافها، فقد قالت رئيسة الوفد الأمريكي المفاوض في المحادثات النووية مع إيران، ويندي شيرمان، إن إسرائيل كان لها دور كبير في الاتفاق النووي، وإن أمريكا أجرت مشاورات مع خبراء إسرائيليين في صياغة بعض التفاصيل،وأكدت شيرمان أن الخبراء الإسرائيليين أسهموا بإعادة تخطيط مفاعل آراك لتفادي إنتاج ما يكفي من البلوتونيوم، وهو ما سيمكن إيران من صنع القنبلة النووية.وقالت ووندي شيرمان إن حوارا دار بين الخبراء الإسرائيليين ونظرائهم الأمريكيين خلال العام الماضي، وهو ما أسهم بالتأثير على تفاصيل كثيرة في الاتفاق النووي. وقالت شيرمان التي مكثت 27 يوما على التوالي في فيينا، إنها تحدثت خلال هذه الفترة ثلاث مرات مع المستشار للأمن القومي في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية يوسي كوهين.وشددت على أن الاتفاق النووي سيقدم الأمن لمدة زمنية أطول، لأنه سيؤخر المدة اللازمة لإيران للوصول إلى القنبلة النووية خلال عشر سنوات القادمة. ونوهت إلى أن رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، حث الخبراء الإسرائيليين على مواصلة المحادثات مع الأميركيين كل الوقت.وقالت إن أمريكا ممتنة لمساهمة إسرائيل بظهور الاتفاق على ما هو عليه اليوم. مكاسب إسرائيل المعلنة وغير المعلنة من هذا الاتفاق النووي كثيرة ومتنوعة ، منها السياسي ، ومنها الأمني ، ومنها الاستراتيجي ، ومنها الأيديولوجي وأبرز ما فيها : تقوية الجانب الإيراني الشيعي ،على حساب الدول العربية والسنية ، فمن زاوية النظر العربية والسنية، فإن الاتفاق مع إيران خطير ومخوف لعدة أسباب أساسية: منها رفع العقوبات الدولية سيساعد إيران على التخلص من الأزمة الاقتصادية التي علقت فيها وتوسيع دعمها المالي لفروعها المختلفة في الشرق الأوسط، وعلى رأسها حزب الله، نظام الأسد وحركة الحوثيين في اليمن. وبهذا الشكل سيسهل على إيران إعادة تصميم وجه المنطقة بشكل يتعارض والمصالح الخليجية عامة والسعودية خاصة ، وإضافة إلى ذلك ستتمكن إيران من بيع النفط في الأسواق الوطنية، الخطوة التي ستؤدي إلى تخفيض لافت لأسعار النفط والمس بنصيب السعودية من السوق. ومنها أيضا ، يعيق الاتفاق البرنامج النووي الإيراني، ولكنه لا يلغي تطويره في المستقبل. وفي ضوء ذلك، فان السعوديين هم أكثر من يخشون من أن تنجر الساحة الشرق اوسطية إلى سباق تسلح تقليدي وغير تقليدي، يعمق النزاعات المختلفة في المنطقة، وهذا ما يفاقم المشاكل الأمنية للمملكة. ومنها أن هذا الاتفاق أن يؤدي إلى التقارب بين طهران وواشنطن على حساب دول الخليج والسعودية على رأسها. ورغم محاولات إدارة اوباما إرضاء الأسرة المالكة وتشديد الالتزام الأمريكي تجاه الحليف القديم، فإنه ليس في ذلك ما يخفف من إحساس بخيبة الأمل والإحباط لدى الأسرة المالكة السعودية من سياسة إدارة اوباما في المنطقة، وبالنسبة لإيران على نحو خاص. كل هذه المخاوف العربية والسنية تصب في صالح الكيان الصهيوني الذي بدا سعيدا وفرحا جدا من المخاوف السعودية تحديدا من الاتفاق النووي مع إيران ، ظنا منهم أن هذا الاتفاق سيدفع العرب والسعودية على وجه الخصوص لمزيد من التقارب مع إسرائيل ، فالباحث الصهيوني "أماتسيا برعام"، الخبير في شؤون الشرق الاوسط ورئيس مركز أبحاث العراق في جامعة حيفا يقول : "إذا تصرفنا جيدا فسيكون بالإمكان تعزيز العلاقات الفعلية بيننا وبين السعودية سرا، لأن السعوديين قلقون مثلنا من هذا الأمر، بل وأكثر منا. مثلا استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بأي مستوى سيخدم السعوديين وسيدفعهم إلى التقرب منا والتعاون معنا". ثم يتابع الباحث رأيه بقوله : "فإن السؤال الصحيح ليس من تحب بل ممن تخاف أكثر. السعوديون لا يحبوننا ونحن لا نحبهم، لكن هم ونحن نخاف من إيران، وهنا يوجد مكان للتعاون ". فيما رأى الكاتب في صحيفة "هآرتس"، تسفي برئيل، أن برنامج السلاح النووي الإيراني أوجد تحالفا عربيا غربيا كانت إسرائيل شريكة خفية فيه . أيضا مما أسعد الصهاينة بهذا الاتفاق النووي أنه أوجد حالة من التصدع الظرفي في العلاقات بين الدول العربية ، وهذا بالقطع سيعزز مكانة ووضع الكيان الصهيوني إقليميا، فالسعودية التي وصفت الاتفاق النووي باعتباره خضوعا إيرانيا للغرب، لا يمكنها أن تكون على يقين من أن باقي دول الخليج ستنصاع لسياستها المتوجسة من طموحات إيران. دولة الإمارات هنأت إيران، وقطر تتعاون معها عسكريا واقتصاديا والكويت تقول إنها دولة محايدة ،والبحرين خائفة من تحريض الأغلبية الشيعية من قبل طهران ، أما عمان فحالة خاصة فهي دائما ما تتجه عكس التوجهات السعودية . أيضا من المكاسب الإسرائيلية الكبرى المتوقعة من هذا الاتفاق النووي مع إيران ؛ تعزيز النفوذ الإيراني في الخليج العربي من خلال تأسيس نظم فيدرالية ، مما سيؤدي لتفتيت الدول العربية على المدى القريب وليس البعيد كما يعتقد الكثيرون .فقد طرحت مؤسسات أمريكية مقربة من دوائر اتخاذ القرار في وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكيتين منذ بداية الألفية الثالثة ، فكرة إعادة رسم الخارطة العربية، حيث انصب الاهتمام الأكبر على استنساخ التجربة العراقية وإعادة تطبيقها في الخليج العربي، إذ يمكن منح الشيعة دولة ممتدة من جنوب البصرة إلى البحرين مروراً بالمنطقة الشرقية، وقد استقطبت هذه المخططات اهتمام عدد من كبار المسؤولين الأمريكيين في الفترة 2002-2007. وقد كثر الكلام مؤخرا بالتبشير بسايكس بيكو جديدة تتفادي أخطاء القديمة . أيضا هذا الاتفاق النووي سيؤدي إلى تزايد هيمنة ونفوذ وتمكين الأقليات العرقية والطائفية المرتبطة ارتباطا وثيقا مع إيران والكيان الصهيوني في المنطقة وعلى رأسها الأكراد والشيعة باسم الاصلاح السياسي . فقد تبنت الإدارة الأمريكية السابقة سياسة تعزيز الإصلاح السياسي في البلاد العربي كخيار إستراتيجي، وورد ذلك على لسان الرئيس السابق جورج بوش ووزيرة خارجيته كوندوليزا رايس، وسارت إدارة أوباما فيما بعد على النسق نفسه، وترتكز هذه السياسة على إعادة صياغة الأنظمة السياسية في دول الخليج العربي من خلال إضعاف الأسر الحاكمة وزيادة التمثيل السياسي للأقليات الشيعية المرتبطة بإيران. وفي الفترة الممتدة ما بين 2003 و2007؛ ظهرت العديد من الدراسات التي تحث على تمكين الشيعة في الخليج العربي، واعتبار أنهم يمثلون الأغلبية السكانية ودعوة الإدارة الأمريكية إلى التفاوض المباشر معهم وتمكينهم من أجهزة الإدارة والحكم . من مكاسب الكيان الصهيوني من هذا الاتفاق ؛ أنه سيقود إلى تفجير أكبر أزمة هوية عرفتها المنطقة في العصر الحديث ، حيث تشكل تحديات الهوية الوطنية والإقليمية أكبر مهدد لأمن دول المنطقة، فالمشكلة الأكبر بالنسبة لهذه الدول تكمن في التوافقات الأمريكية-الإيرانية على اعتبار الإسلام "السنّي السلفي" مصدر التطرف والإرهاب في المنطقة، وارتكاز العقيدة القتالية لكل من واشنطن وطهران على تصنيف الفكر السلفي أو الوهابي كما يطلقون عليه (بمختلف فروعه) المهدد الأكبر لأمنهما. ومنذ أحداث سبتمبر 2001؛ انخرطت مراكز الفكر الأمريكية والأوروبية في شن حملة شعواء ضد السعودية واتهامها بتمويل الجماعات السنية المتطرفة، حيث يتزعم المنظر الفكري للديمقراطيين برنارد لويس وعراب السياسة الخارجية الأمريكية هنري كيسنجر الحملة ضد السعودية والدعوة إلى الضغط عليها عبر مختلف الوسائل المتاحة وتقسيمها على أسس إثنية وطائفية. إيران كانت ومازالت وستظل الحليف الاستراتيجي الوثيق للغرب والصهاينة في المنطقة، وتاريخ إيران النضالي الكبير ضد الامبريالية وقوى الاستكبار العالمي والشيطان الأكبر لم يشهد طلقة رصاص واحدة تضرب ضد الكيان الصهيوني ، حتى حرب 2006 كانت لأهداف بعيدة تماما عن الأهداف العسكرية ، وخامنئي نفسه لا يختلف كثيرا عن شاه إيران الذي ظل يلعب دور شرطي أمريكا في المنطقة لفترة طويلة ، فالوجوه والأهداف واحدة ، والأقنعة فقط هي التي تتغير، هذا ببدلة غربية، وهذا بعمامة قمية . وستظل الحجرات المغلقة تشهد العناق الحميم بين كل الأطراف المعادية للعالم الإسلامي حتى تأتي أمثال شهادات ويندي شيرمان حتى تفضحه .
خدمات المحتوى
|
تقييم
محتويات مشابهةمحتويات مشابهة/قالاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |