الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
البيت السعيد عفوًا..إنه يتحدث |
2012-07-29 06:10
بعد عودته من العمل، كان القلق باديًا على قسماته، فسألته زوجته عن السبب، فبدأ يتحدث عن مشكلات العمل التي اعترضته، و كيف أنه يواجه تحديات وتهديدات قد تجعله يترك هذا العمل، ولكن يبقى هذا الخيار محاطًا بمخاوف السؤال الطبيعي في مثل هذه الظروف: وماذا بعد؟ وفي هذه الأثناء؛ كان بيد الزوجة ليمون مخلل بالعصفر وحبة البركة، فقالت له: لقد أرسلت لنا والدتي هذا الليمون، إنه رائع، أليس كذلك؟ فقال لها في غضب: أقول لك سأترك العمل وأنت تسأليني ما رأيَك في الليمون؟! عزيزتي الزوجة: ما هو تقييمك لهذا الموقف؟ إن الزوجة في هذا المثال لم تحسن الاستماع إلى زوجها، وهناك فرق بين السمع والاستماع، فكل الناس يسمعون، لكن الذي يختلف من شخص لآخر هو الاستماع والإنصات الفعال، الذي يعد من أنجع وسائل الحوار والتخاطب والتقارب، وتشير الدراسات إلى أن أغلب المشكلات الزوجية سببها سوء الإتصال، وأول قاعدة في الإتصال الصحيح: هو الاستماع الذي يعد من أبرز صفات الناجحين. ولو تأملنا في خِلْقتنا لرأينا ما ينسجم مع هذا المفهوم، لقد أعطانا الله أذنين، ولسانًا واحدًا، لنستمع ضعف ما نتكلم. (إن سماع الزوجة لزوجها والانتباه لما يقول من الواجبات الأساسية، فليس من الأدب أن يتحدث الزوج في أمر مهم ـ أو حتى غير مهم ـ ثم يجد الزوجة شاردة الذهن، أو تتحدث إلى آخرين، أو تقرأ كتابًا، أو تنشغل بغيره ـ مادام قد طلب منها الانتباه ـ إلا بعد أن تستأذن؛ كأن تستأذن في تأجيل الحديث لتعبها أو لانشغالها. ويجب عليها إن استأذنته أن تسأله عن الموضوع نفسه بعد تفرغها أو راحتها، وكل زوجة لا تستمع جيدًا إلى زوجها فسوف تدفع ثمن ذلك متاعب آجلًا أو عاجلًا) [كيف تكسبين محبوبك، د. صلاح الراشد]. فإذا تكلم الزوج (وجب على زوجته أن تستمع إليه بقلب كبير، فلا تنهمك في أعمال أخرى خلال ذلك؛ كغسيل الآنية، أو وضع الصحون على المائدة، تستمع إليه استماعًا حقيقيًّا، وليس استماع من ينتظر دوره في الحديث، أو من لا يعير من يستمع إليه أدنى اهتمام، فتصبح أكثر تعاطفًا معه، لأنها تسمع وتشعر بالألم والإحباط الذي يعايشه شريك الحياة في بعض الأحيان، فتكون قادرة على أن تشاطره فرحه وترحه) [لا تهتم بصغائر الأمور في العلاقات الزوجية، د. ريتشارد كارلسون]. صيحة تحذير: لا تكثري من الأسئلة إذا أحسستِ أن زوجك متعب، أو لا يود الحديث الآن، أو لاحظتِ أنه مشغول في أمر ما، واعلمي حين تتحدثين إليه أن الرجل بحاجة إلى هدف دقيق من الحوار، ووصف دقيق لهذا الهدف) [حتى يبقى الحب، د. محمد محمد البدري]. ولكي يتكلم الرجل؛ يكون محتاجًا إلى معرفة ما يلي: - لماذا يتكلم؟ - عن أي شيء يتكلم؟ (الموضوع) - ما المناسبة الهامة للنقاش؟ - إلى أي شيء ستؤدي المحادثة؟ (النتيجة) - ما الزمن المحدد للحديث؟ (المدة) - واعلمي أختي الزوجة أن المرأة يشغلها تطور الحديث وكثرته، أما الرجل فينشغل بالهدف من الحديث. وهنا يأتي سؤال هام: كيف يكون الاستماع ناجحًا؟ (إن الاستماع الناجح: - أن تردد عبارة الطرف الآخر، أن تسأله ماذا يقصد. - أن تستخدم إشارات الاهتمام باللسان، مثل هم..هم..نعم. - أن تستخدم إشارات الإيجاب بالرأس والعين واليدين. - لا شيء أشد إثارة لأعصاب الرجل ـ أو المرأة ـ من فهم مراده خطأ، عندها سيحدث "الانطلاق") [بالمعروف، د. أكرم رضا]. رواء من حكمة أبي الدرداء: وتأملي معي أختي الزوجة كلام الصحابي الجليل أبي الدرداء رضي الله عنه، الذي يضع النقاط على الحروف، فيقول (أنصف أذنيك من فيك، فإنما جُعل لك أذنان وفم واحد، لتسمع أكثرمما تتكلم) [مختصر منهاج القاصدين، ابن قدامة المقدسي]. خلق الرحماء ومطلب العظماء: وإذا أردتِ أختي الزوجة أن تدركي أهمية الإنصات؛ فتذكري مرة تحدثت فيها إلى صديقة لك أو أخًا أو أختًا، أو إبنا أو زوجًا ، وأسهبت في شرح قضية بتفاصيلها، ثم في نهاية حديثك سألتيه عن رأيه، فوجدتِ أنه لم يكن منتبهًا بالمرة إلى ما تقولينه، فإن طولبتِ بتوصيف لحالك، فلا نخالك إلا أن تجيبي: الإحباط والاستياء. وهذا ما دعا ديل كارنيجي إلى أن يقول: (هناك الكثيرون يذهبون للطبيب عندما يكون كل ما يريدونه هو شخص يستمع إليهم) [كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، ديل كارنيجي]. إن الإنصات باهتمام خُلُق قد (عابه المنافقون على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وصفوه بأنه أُذُن، يستمع وينصت لكلام المؤمنين، فدحض الله زعمهم بقوله تعالى {قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ}[التوبة: 61]. فالآية توحي إلينا أن الاستماع والإنصات للآخرين رحمة للناس، بالإضافة إلى ذلك فإن العظماء يفضلونه أيضًا، وهذه هي النتيجة التي توصل إليها "إيزاك ماركسون" ـ وهو الذي قابل مشاهير الناس في حياته ـ حين قال: وقد قال لي عظماء الناس أنهم يفضلون المستمعين الطيبين على المتكلمين، ولكن يبدو أن المقدرة على الاستماع أندر من أي صفة طيبة أخرى) [كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، ديل كارنيجي]) [سحر الإتصال، محمد أحمد العطار، باختصار]. مثلث الإنصات الفعال يمكننا تشبيه الإنصات الفعال على أنه مثلث له قاعدة وهي: دع الآخر يتولى دفة الحديث وضلعان: - أكثر من الأسئلة المفتوحة - ابتسم وأعط انطباعات إيجابية 1. (دع الآخر يتولى دفة الحديث عندما تستمع للشخص أكثر وأكثر فأنت بذلك تزداد معرفة به، وبالتالي تكون أكثر فهمًا له، فما أجمل الحكمة التي قالها بعض السلف: (الصمت يجمع للرجل فضيلتين؛ السلامة في دينه، والفهم عن صاحبه) [إحياء علوم الدين، الغزالي]. إذًا فالاستماع بإنصات إلى الآخر يُطلع المستمع على طبيعة الطرف الآخر، و يمكنه من فهم شخصيته، والإحاطة بأوضاعه وظروفه، ومن ثم يسهل التواصل والتفاهم معه، إلى جانب حب الشريك بعد فهمه. 2. أكثر من الأسئلة المفتوحة في بداية علاقاتك مع أشخاص جدد، غالبًا ما يكون الحديث في البداية مغلقًا، والشخص لم يتعود بعد على التحدث إليك، إنه يشبه العقل الذي تحاول فتحه ولم تستطع بعد، وأفضل وسيلة لفتح مغالق الآخرين في الكلام: هي الأسئلة المفتوحة. والأسئلة المفتوحة: هي الأسئلة التي تكون إجاباتها مفتوحة، لا تنتهي بنعم أو لا، وغالبًا ما تكون أداة السؤال هي: ماذا؟ كيف؟ لماذا؟ مَنْ؟ أين؟ متى؟ 3- ابتسم وأعط انطباعات إيجابية يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ((تبسمك في وجه أخيك صدقة)) [صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي]، ويقول شواب ـ وهو مدير أحد مصانع الصلب في أمريكا، وكان يتقاضى مليون دولار سنويًا ـ (لقد أكسبتني ابتسامتي مليون دولار) [كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس، ديل كارنيجي]، وهناك حكمة لأهل الصين تقول: إن الرجل الذي لا يعرف كيف يبتسم، لا ينبغي له أن يفتح متجرًا. ومن الانطباعات الإيجابية: كلمات التشجيع للشخص الآخر، مثل: هذا مثير حقًا، ومنها أيضًا تحركات جسمك، فالإيماء بالرأس، وتركيز عينيك في عينه يعطي للمتحدث إيماءة بانتباهك له، واهتمامك بالحديث، وهذا يشجعه على الكلام أكثر وأكثر) [سحر الاتصال، محمد أحمد العطار، باختصار]. وماذا بعد الكلام؟؟ - تدربي على الاستماع الناجح وفق ما ذكرنا، ولا تنسى استخدام الإشارات التي توحي بالاهتمام، سواء كانت باللسان، مثل: هم، نعم، أوباستخدام حركات الجسم؛ كالإيماء بالرأس، وتركيز العين في عين المتحدث، وحركة اليدين. - تذكري أن لكِ أذنين وفمًا واحدًا، والحكمة كما بينها سلفنا: لنسمع أكثر مما نتكلم. - تذكري أن الإنصات والاستماع باهتمام للطرف الآخر يساعدك على فهمه والتواصل معه. - وسعي دائرة الإنصات والاستماع لتشمل كل حواراتك مع الآخرين دون الاكتفاء بممارسته مع الزوج، حتى يصبح ذلك سجيتك، فلا تشعري بعدها بالتكلف والمعاناة.
خدمات المحتوى
|
تقييم
الاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |