الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
البيت السعيد رفقًا بالقوارير |
2012-07-29 06:20
الإسلام لا يعتبر المرأة جرثومة خبيثة كما اعتبرتها الرسالات السابقة المحرفة، بل يقرر الحقيقة التي تزيل عنها الهوان الذي وصفتها به تلك الملل؛ فها هو القرآن يصف حال المؤمنين والمؤمنات بأنهم أولياء بعض، أي: يحبون بعضهم البعض، وينصـرون بعضهم، ويتناصحون فيما بينهم؛ فقال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 71].ويصف رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء وصفًا رقيقًا؛ ويحنو عليهن عندما يسـرع بهم سائق الجمال في السير في إحدى الأسفار؛ فيقول رسول اللهصلى الله عليه وسلم للسائق: (رويدك يا أنجشة، لا تكسـر القوارير) [رواه البخارى، (6211)]؛ أي: لا تسرع وتوسَّط في السير؛ حتى لا تتعب النساء الضعاف من كثرة حركة الجِمال. وقد تعددت محاسن الإسلام في نظرته للمرأة وتعامله معها وفق تشـريعاته الربانية التي أعطتها حقوقها المسلوبة، ومن هذه المحاسن: 1- أنه ساوى بينها وبين الرجل في المسئولية والجزاء: قرَّر القرآن المساواة بين المرأة والرجل في المسئولية والجزاء [انظر: دور المرأة في المجتمع الإسلامي، د. توفيق علي وهبة، ص(51)]، فالمرأة كالرجل من حيث أصل التكاليف الشرعية، ومن حيث الثواب والعقاب والجزاء على العمل في الدنيا والآخرة، والمرأة تُحمَد إذا استجابت لأمر الله، وتُذمُّ إن بعدت عن الصـراط السوي؛ قال عز وجل في القرآن: {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا} [النساء: 124]. وقال عز وجل: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]. وقال عز وجل: {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} [غافر: 40]. فهذا هو قول القرآن الفصل، ومقياس التفاضل بين البشـر جميعًا ـ رجالًا أو نساء على قدم المساواة ـ هو: الإيمان والعمل الصالح. فالمرأة داخلة في النصوص الآمرة بأداء فرائض الإسلام وأركانه؛ كالأمر بأداء الصلاة، وصيام شهر رمضان، وحج بيت الله عز وجل، وهي داخلة في النصوص الناهية عن المحرمات؛ كالنهي عن الزنا، كما في قول الله عز وجل:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [النور: 2]، وكالنهي عن السـرقة، كما قال عز وجل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38]. ثم يركِّز القرآن على تأكيد المساواة بين المرأة والرجل، وأنهما يقفان في موقف واحد في نظرالإسلام، وذلك في قولهعز وجل: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 35] وأما في جانب المسئولية؛ فنجد أن القرآن قد جعل المرأة قرينة للرجل، ففي جانب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والطاعة لله ولرسوله، يجعل القرآن المسئولية مشتركة بين الرجل والمرأة، كما في قولهعز وجل: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 71]. وجاء في الحديث عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله e قال: (ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته؛ فالإمام الذى على الناس راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسئولة عنهم، وعبد الرجل راعٍ على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته) [متفق عليه، رواه البخاري، كتاب الأحكام، باب قول الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} ، (6605)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل وعقوبة الجائر، (3408)]. وهكذا نجد القرآن والسنة يوضحان ويقرران المساواة التامة بين المرأة والرجل في جانب المسئولية، وفي جانب الجزاء أيضًا. 2ـ أنه كرمها كأم، وجعل صحبتها مقدَّمة على صحبة الرجل كأب: يقول الله تعالى في سورة لقمان: {وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (14) وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [لقمان: 14- 15]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل، فقال: يا رسول الله، من أحقُّ الناس بحسن صحابتي؟ قال: (أُمُّك)، قال: ثم مَنْ؟ قال: (أُمُّك)، قال: ثم مَنْ؟ قال: (أُمُّك)، قال: ثم مَنْ؟قال: (أبوك) [متفق عليه، رواه البخاري، كتاب الأدب، باب من أحق الناس بحسن الصحبة، (5971)، ومسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب بر الوالدين وأنهما أحق به، (6664)]. بل إن الأمر لم يقتصر على مجرَّد التقديم والاهتمام؛ بل وبالغ النبي في التأكيد على هذا الحق، حتى أنه أعاده وكرَّره ثلاث مرات، قبل أن يبيِّن النبي حقَّ الأب (الرجل)! 3ـ أنه أسقط عنها بعض التكاليف الشرعية مراعاة لفطرتها البشرية واختلافها عن الرجل، ومن هذه التكاليف: أ ـ الصلاة:فتسقط عن المرأة وقت الحيض والنفاس [وأصل الحديث رواه البخاري، كتاب الحيض، باب ترك الحائض الصوم، (293)] ، وهذا أمر مجمع عليه عند أهل العلم [انظر: فتح القدير، الشوكاني، (1/164)، ونهاية المحتاج، الرملي، (1/327)، والمغني، ابن قدامة، (1/306)، وإحكام الأحكام، ابن دقيق العيد، (1/128)، والإنصاف، الباقلاني، (1/346)، وأحكام القرآن، ابن العربي، (1/224)، ونيل الأوطار، الشوكاني، (1/304)]، ويسقط عنها قضاؤها ـ أي الصلاة ـ لأن في ذلك مشقة عليها لكثرة الفرائض التي فاتتها. وتسقط عن المرأة صلاة الجمعةكما تسقط عنها الجماعة؛ فلا تكون الجماعة في حق النساء فرضًا، ولكنها مستحبة لهن [انظر: المجموع شرح المهذب، النووي، (4/188)]. بـ ـ الصيام:فيجب عليها الإفطار في أثناء حيضها ونفاسها، ويجوز لها الإفطار أثناء حملها ورضاعها، إذا خافت على نفسها أو جنينها ورضيعها، وتصوم الأيام التي لم تصمها بعد ذلك؛ إذ الصيام ليس فيه مشقة عليها؛ فقد قالت السيدةعائشة رضي الله عنها: (كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة) [رواه البخاري (789)]. قال العلماء: والفرق بينهما أن الصلاة كثيرة متكررة، فيشق إعادتها بخلاف الصوم؛ فإنه يجب في السنة مرة واحدة، وربما كان الحيض يومًا أو يومين [انظر: صحيح مسلم بشرح النووي، (4/26)]. جـ ـ الحج:فتخالف المرأةُ الرجلَ في بعض أحكامه، من ذلك: ·ملابس الإحرام:فلا تلبس ملابس الإحرام التي يلبسها الرجل؛ صيانة لها عن كشف أعضائها [رواه البخاري، (131)]، وقد أجمع العلماء على ذلك [المغني، ابن قدامة، (3/307-308)]. ·تقصير شعر الرأس: فقد اتفق العلماء على أن الرجل مخير بين حلق شعره وبين التقصير منه في التحلل من الإحرام، والحلق أفضل، أما المرأة؛ فإنهم اتفقوا على أن الذي ورد في حقها، إنما هو التقصير فقط [رواه البخاري، (1612)، ومسلم، (2294)]. د ـ الجهاد: فلم يجب على المرأة أن تجاهد في سبيل الله كالرجل؛ لأن الجهاد يتطلب قدرة جسمية وقوة لا تتناسب مع تكوين جسد المرأة الضعيف[المغني، ابن قدامة، (10/366)]. فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد، قال: (لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور) [رواه البخاري، (1423)]. 4ـ أنه خفف عنها الكثير من الأعباء الاقتصادية أيضًا: لقد خفض الإسلام للمرأة جناح الرحمة والرعاية في أمر الأعباء الاقتصادية، فكفل لها من أسباب الرزق ما يصونها ويحميها من عناء التعب في الحياة، فأعفاها من كافة أعباء المعيشة، وألقاها على كاهل الرجل. فما دامت المرأة غير متزوجة، فنفقتها واجبة على ولي أمرها أو أقاربها، فإن لم يكن لها قريب قادر على الإنفاق عليها؛ فنفقتها واجبة على بيت مال المسلمين، وكذلك شأنها في جميع مراحل الزوجية؛ سواء في ذلك مرحلة الإعداد للزواج، ومرحلة الزواج، وكذلك إن حدث الطلاق. فأما مرحلة الإعداد للزواج؛ فقد ألقت الشريعة الإسلامية على الزوج عددًا من الواجبات الاقتصادية نحو زوجته المستقبلية، دون أن تكلفها هي أو تكلف أهلها أي عبء. ففي هذه المرحلة تنعم المرأة بجميع الحقوق، بينما يتحمل الرجل وحده جميع الواجبات، ومن أهمها: هدية الزواج [المهر أو الصداق]، وإعداد منـزل الزوجية. وأما مرحلة الزواج؛ فقد أعفيت المرأة من أعباء المعيشة وألقتها على الزوج، وبقيت الزوجة محتفظة بحقوقها المدنية، كما سبقت الإشارة إلى ذلك. فللمرأة المتزوجة في الإسلام شخصيتها المدنية الكاملة، وثروتها الخاصة، وذمتها المالية، وهي ـ في هذا كله ـ مستقلة عن شخصية زوجها وثروته وذمته. وهي مع هذا، لا تتحمَّل أي عبء في نفقات الأسرة مهما كانت غنية، بل تقع جميع هذه الأعباء على الزوج؛ ففي هذه المرحلة أيضًا تنعم الزوجة بجميع حقوقها الاقتصادية والمدنية، بينما يتحمل الزوج وحده جميع الواجبات. وكذلك الحال إذا وقع الطلاق؛ ففي هذه الحالة يتحمل الزوج وحده جميع الأعباء الاقتصادية، فعليه مؤخر صداق زوجته، وعليه نفقتها من مأكل ومشـرب ومسكن، وعليه نفقة أولاده وأجور حضانتهم ورضاعتهم، وعليه نفقات تربيتهم بعد ذلك؛ ولا تكلف المرأة أيَّ عبء اقتصادي في هذه الشئون. وقد قرَّر القرآن ذلك في آيات كثيرة؛ منها: قول الله عز وجل في بيان حق الزوجة في الطعام والكسوة: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233]، وقوله عز وجل في بيان حق الزوجة في تدبير زوجها لمسكن الزوجية: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ} [الطلاق: 6]. وبيَّن النبي حق الزوجة في تدبير زوجها للطعام والشـراب والملبس [الكسوة]، في حديث حكيم بن معاوية القشيري عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله، ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال: (أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضـرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت) [رواه أبو داود، (1830)، وصححه الألباني (2142)]. والخلاصة أن الإسلام لم يحجر على المرأة في يوم من الأيام، ولم يمنعها من ممارسة حقوقها التي شرعها الله عز وجل، ضمن حدود الأنظمة التي فرضها على المجتمع لسلامة أفراده، لكن إذا تجاوزت المرأة أو الرجل هذه الحدود، فإن المتجاوز لابد من مؤاخذته؛ كي لا يكون سببًا في إفساد غيره. إن الحرية التي تطالب بها المرأة هي أن تعامل في المجتمع على أنها مكرمة، كرمها الله تعالى كما كرم الرجل، وألا يمنعها الرجل حقوقها التي منحها الشرع، وألا يتجاوزها تحت شعار التسلط أو القوامة؛ فالقوامة ـ بمفهومها الإسلامي ـ هي جزء من نظام متكامل يحفظ للمرأة حقوقها وإنسانيتها، فهي ليست تسلطًا ولا استعلاء [الإنسان وحريته في الإسلام، أ.محمود محمد بابلي، ص(191)]، وهذا ما فعله الشـرع الحنيف، وكفله لها في مختلف الجوانب كما بينا سابقًا.
خدمات المحتوى
|
تقييم
الاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |