شـبـكــة عـمّـــار
إخبارية - ترفيهية
- تعليمية



جديد الصور
جديد الأخبار
جديد المقالات


جديد الصور

جديد البطاقات

جديد الصوتيات

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

 
Dimofinf Player
 صيف وأحلام

2012-07-31 12:00


علاقة خاصة تلك التي تربط الشباب بالصيف، إنها حميمية تتوافق وتتناغم مع طبيعة الشباب التي تتسم بالحيوية والحركة، وهدير الأحلام، وعصف الطموحات.
إن الصيف ليمثل حلقة من أهم حلقات اهتمام الشباب اللا محدودة، لذا كان من الطبيعي أن يحظى هذا الفصل بحيز كبير من الاهتمام، يتفق مع الأصل العام الذي لا تختلف عليه الأقلام، من ضرورة العناية بقضايا الشباب بصفة عامة؛ هذه الضرورة تلزمنا برسم الخارطة الصيفية للشباب، حتى ينعموا بصيف أمثل، ويحصلوا الفوائد الجمة بجميع صورها، وتتحقق أحلامهم وأهدافهم في إطار الانضباط بشرع الله.
الصيف في حس الشباب:
ماذا يعني الصيف بالنسبة إلى الشباب؟ هذا السؤال تختلف الإجابة عليه من واقع شاب لآخر، أو على وجه الدقة من أحلام شاب لآخر، فقد تتماثل أعمارهم، وتتشابه أحوالهم، لكنهم قد اختلفت أحلامهم، تلك الأحلام التي تعكس ملامح شخصية الشاب، وميزانًا توزن به شخصيته، ومرآة نرى من خلالها فكرهَ وآفاقه، إن هذه الأحلام إنما تصنف الشباب: ((مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ)) [آل عمران:152]، وتتزيل من خلالها هموم في قلوبهم بين من: (كانت الآخرة همه)، وبين من: (كانت الدنيا همه)، وتختلف محصلتها إلى نتيجتين: ((كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها))[رواه مسلم]، إنها تعكس ذات الأمنيات التي تسري في وجدان الناس، مابين متمن: ((يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ)) [البقرة:200]، وبين متمن: ((يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)) [البقرة:201]، ترى ما هي أحلامهم؟
حلم الكواسر:
(زمجر الأسد المتربص بالفريسة، وكشر عن أنيابه، وهم بالانقضاض السريع كيما يلتهمها وتخمد نار غريزته، لم يبال بمن وكيف يفترس، إن نداء الغريزة أقوى لديه من أي ضابط).
وإني لأرى صديقنا الشاب يستشرف بداية الصيف، حتى تحين اللحظة المرتقبة فينشط من عقاله، وينطلق انطلاقته العمياء، المهم أن ينطلق، ويروي غرائزه، وعندما ننتحدث عن الغرائز فإن مقصودنا يتخطى ما يتبادر إلى ذهن القاريء من حصرها في الجنس - وإن كان داخلًا فيه - وإنما نعني ترك العنان للنفس، والسعي في تلبية حاجاتها دون قيود.
فإذا أمرت بالسفر المحرم إلى بلاد الفسق، فالأمر لها، وإن أمرت باللهو في المراقص والملاهي، فالأمر لها، وإذا أمرت بمرافقة أصدقاء السوء إلى شواطيء العراة، فالأمر لها، وإن أمرت بقضاء السهرات في ألوان الترفيه الذي يقترن بتضييع الصلوات والواجبات، فالأمر لها.
إنه ينطلق كالريح بعصابة على عينيه، لا يبالي بم يصطدم، ولا يبالي بأي موضع وطئت قدماه، سينطلق غير عابيء، فسل أهله عن حاله، فأن أجابوك قالوا:
لا تسألـوني عنه إنـه طـارا مضى وأشعل في أعماقي النارا
لا تسألـوني عنه حين ودّعني شممت في قوله غِشًا وأسرارا
أين الضمير الإيماني؟ أين مراقبة الله؟ أين الانقياد لدين الله؟ أين تقوى الله؟ أين ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ))[الحشر:18] ألم تقرع سمعك؟، وأين ((فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)) [لقمان:33]؟ألم تحرك قلبك؟ أألهتك اللذائذ عن دار الخلود، ولعب بعقلك طول الأمل:
جد الزمان وأنت تلعب والعمر لا في شيء يذهب
كم كم تقول غدًا أتوب غدًا غدًا والموت أقرب
أيها الكاسر: أرثيك أم أعزيك؟ أهجوك؟ لا بل سأدعوك، ثم أرجوك: ((فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ)) [الذاريات:50].
حلم العصفور:
(رشيق هو، وديع هو، يروح ويغدو، يلتقط الحب بمنقاره الصغير، يرفرف بجناحيه في الهواء، فيبدو حفيفهما كضحكات المرح الغامر، يتراقص ويلهو، أحلامه محصورة، رؤاه مقصورة، همه لا يتعدى لهوه، لأنه عصفوري العقل والمنطق).
صديقنا لا يحب الشطط، ويخاف من الله جل في علاه، ويخشى الوقوع فيما يغضب الله، لكنه ذو عقل عصفوري، على أعتاب الصيف يرفرف سعيدًا بفتح باب القفص، يريد أن يحلق، يريد أن يدلل نفسه، ويروح عنها، ويهدهدها كطفل في مهده، يكسر عندها حدة ما أصابهها من ملل، ولكن بما أباح الله تعالى، سيحلق في سماء الترفيه المباح، لأنه عصفوري العقل، ولكني أراه وديعًا كذلك.
جميل أن يروح الإنسان عن نفسه، بل هذا مما يريده الإسلام للنفس البشرية التي تأسن:
إني رأيتُ وقــوفَ المـاءِ يفسـدهُ إِنْ سَاحَ طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ
والأسدُ لولا فراقُ الغابِ ما افترست والسَّهمُ لولا فراقُ القوسِ لم يُصب
والشمسُ لو وقفتْ في الفُلكِ دائمـةً لَمَلَّهَا النَّاسُ مِنْ عُجْمٍ وَمِنَ عَـرَبِ
والبدرُ لـولا أفـولٌ منه مـا نظرتْ إليه في كلِّ حينٍ عَـيـنُ مُرتَقِـبِ
وها هي السيدة عائشة تذكر طرفًا من جانب اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالترفيه والترويح عن النفس، فتقول: (رأيتُ النبَّي صلى الله عليه وسلم يُسترني بِرِدِائِه، وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد حتى أكونَ أنا الذي أسأم، فاقدروا قَدْرَ الجاريةِ الحديثةِ السنِّ الحريصةِ على اللهو) [صححه الألباني]، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لتعلم يهود أن في ديننا فسحة، إني أرسلت بحنيفية سمحة)) [صححه الألباني].
نعم إن ديننا لا يضيق ولا يعسر على أحد، بل جاء بما يحقق السعادة في الدارين، ليس فيه تبتل ولا رهبانية، وإن منع شيئًا فيمنع لصالح العباد، فهو أعلم بما ينفعهم وما يضرهم، إنه دين يريد لحياتنا الجمال والبشر والسرور، فأنعم أيها الشاب بالتحليق في سماء الرفاهية المباحة، ولكن:
لا تكن عصفوري العقل، لا تحصر اهتماماتك كلها في هذا الجانب، فالحياة مليئة بغير ذلك، لا تنس اغتنام الأوقات، وأخذ نصيبك من حفظ كتاب الله، وتعلم أحكام دينك، ولا تنس أن تضيف لرصيدك العلمي والمهاري الجديدَ، لا تغفل عن الدورات، و(الكورسات) المفيدة كالحاسب الآلي، واللغات ونحوه.
إنما أنت كما قال الحسن: (يابن آدم إنما أنت أيام مجموعة، كلما ذهب يوم، ذهب بعضك) [جامع العلوم والحكم، (1/382)]، أيها العصفور: كلما هممت بتوجيه اللوم إليك لم أستطع، ومع ذلك لا أستطيع أن أخفي ابتسامتي، لأنك بالفعل وديع، لكنني لن أخفي عنك نصحي أيضًا، أنت لا تحب الخسارة، ولكنني أحب لك الربح، دع روحك كما هي روح عصفور، ولكن فكر بعقل إنسان راشد، فلا تكن عصفوري العقل.
حلم نملة:
(أيتها النملة النشيطة: ها قد أتاك الصيف، فشمرت عن ساعد الجد، وسعيت بطبيعتك الجادة العملية، تجمعين قوتك من خلال عمل دءوب، ليكون لك ذخرًا في الشتاء، أنت كبيرة في عيني، لكن عزيزتي لا تنسي نفسك في غمرة العمل).
صديقنا جادٌ جدًا في حياته، عمري العزم، لا يركن إلى الراحة والكسل والبطالة، تراه مجتهدًا في دراسته، فإذا ما أتاه الصيف، استأنف البذل، وانتظم في عمل يتكسب منه، هل لأنه يود أن يرفع عن كاهل أهله أعباء نفقته في الصيف؟ ربما، أم ليجمع ما يلزمه من نفقة في العام الدراسي المقبل؟ ربما، أم لأنه يحب العمل حتى ولو كان ميسور الحال؟ ربما، وعلى كلٍ فألف تحية له، إن هذه الروح هي التي تبنى بها الحضارات والأمم، إنها روح المثابرة والجدية والعزيمة والتحدي، إنها روح يترنم صاحبها:
لتشتكين يا صبر من صبري وليعجبن الأنام من أمري
إني عزمت ناشرًا شراعي محدقًا في الآفاق كالصقر
ودعت أنسي بالركون هانئا أقارع خطبي بقية العمر
إن العمل والتكسب من نهج الأنبياء، فها هو النبي صلى الله عليه وسلم يقرر هذه الحقيقة بقوله: ((ما بعث الله نبيًا إلا رعى الغنم))، فقال أصحابه : وأنت؟ فقال : ((نعم، كنت أرعى على قراريط لأهل مكة))[رواه البخاري]، وعمل النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا في التجارة، وحث على العمل: ((ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده))[رواه البخاري]، وأخبر كذلك في نفس الحديث أن ذلك من هدي الأنبياء فقال: ((وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده))[رواه البخاري]، وقال في صحيح مسلم ((كان زكرياء نجارًا))، ولكن:
لا تنس أنك إنسان لا نملة، إنك بحاجة إلى شيء من الزاد الروحي، والصفاء الذهني، والاستجمام النفسي، إنك بحاجة إلى التفاعل مع حقيقة كونك عبدًا مسلمًا، فلا تحرم نفسك من التقلب في رياض العبودية، لتصفو نفسك وترتقي، ولا تهمل كذلك جانب الترفيه والترويح عن النفس.
يا شبيه النملة: نلت إعجابي وتقديري، ويريني عزمك تقصيري، أتمنى للكثيرين همًا مثل همك، وعزمًا مثل عزمك، لكن إن كنت قد ذكرتني بعزم النملة، فلن تنسيني تلك الجملة: أنت لست نملة، لا تنس التسبيح، وشيئًا من الترويح. لك مني ألف تحية وسلام.
حلم الهدهد السليماني:
(ليس كأي هدهد، غاب عن مجلس سيده، فتوعده، فلما عاد أعرب عن همه الذي يحمله، قال(أَحَطتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ إِنِّي وَجَدْتُ امْرَأَةً تَمْلِكُهُمْ وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ. وَجَدْتُهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ فَهُمْ لَا يَهْتَدُونَ)) [سبأ:22-24]،ثم أوضح حلمه الذي يراوده: ((أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي يُخْرِجُ الْخَبْءَ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ)) [سبأ:25]، ما أعجبه من هدهد حريص على رفعة الدين ونصرته، يضرب بجناحيه أميالًا وأميالًا لخدمة دينه ونشر دعوته، أتمنى أن يتوازى جناحاه في رحلة الطيران).
صديقنا نفسه لنصرة الدين تواقة، ولنشر الخير مشتاقة، الصيف عنده يعني الانطلاق، ليملأ بدعوة الحق الآفاق، ليس لديه حظ من الملل، فالفتى قد انشغل بأمر جلل، إذا ما جن ليله قام، وإذا ما بزغ الفجر صام، بكتاب الله يترنم، وبالتدبر يتنعم، تراه مع الخلق باسمًا، ناصحًا ومعلمًا، برفق يأخذ بأيديهم، إلى طريق الخير يرشدهم ويهديهم، نبراسه: ((وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ)) [فصلت:33]، ومسلكه: ((ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ)) [النحل:125]، وسبيله: ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ)) [يوسف:108]، يحمل في صدره قلب مؤمن آل فرعون الشفوق: ((وَيَا قَوْمِ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ)) [غافر:40]، إنه من أعلام الرجال صناع الحياة، من أقمار الليالي منار الهداة، نحييه من سويداء القلب.
أيها الهدهد السليماني:
ما من شيء أعقب عليه، وهل هناك أسمى مما تقوم به، لكنك لن تعدم مني نصحًا أنتفع أنا به، التوازن التوازن، اجعلها شعارًا لك في الحياة، وازن بين الواجبات، لا يطغين جانب على آخر لديك، وزع اهتماماتك، قسم وقتك، ((وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)) [القصص:77].
يا أحلام الشباب:
تهذبي، تطيبي، تمهلي، تعقلي، تريثي، استبشري، حلقي، في جو صحو وانعمي، انطلقي لكن لا تشردي.
أيها الصيف:
لياليك خلابة، نسماتك نشابة، سيكتب عنك القلم مبديًا أسبابه، يريد أن يجملك ويهديك أحبابه.
أحبائي الشباب:
عن الصيف يحلو الكلم، فانتظروا عودة القلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 887


+++

خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


تقييم
1.00/10 (4 صوت)


Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.