الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
رسائل للشباب جريمة في الصيف |
2012-07-31 12:01
أترى هذا الفتى من بعيد؟ نعم إنه ذلك الشاب الفتيّ، لقد رأيت من أمره عجبًا، قد زحف بأعصاب كالجليد لكي يقتل، إنه لا يدري شيئًا عن هوية المقتول!! ولا لأي شيء يقتله!! بل يتجه صوبه مغيب العقل عن طبيعة الجريمة وعاقبتها، أركض إليه، أهزه ليفيق، أبصره ليتراجع، فإن سكن ورشد، أريته بعين الحقيقة من كان سيقتل، فيعانقه ويوازيه في ركضه، هذا لأنني أحبه، فهو زهرة على ضفاف نهر الحياة. صديقي..... هل روعتك كلماتي؟ أثارت فضولك؟ قلبت أفكارك؟ أراك إن علمتَ بأنك أنت القاتل تفغر فاك مشدوهًا، وأراك إن أخبرتك بأن المقتول هو وقتك الضائع تأففت ضجرًا من سخافة اللعبة، لكن مهلًا لن يضرك قراءة المزيد من كلماتي، فحقي عليك أن تصغي إلي، أفلا تكون كما قال الشافعي: (الحر من راعى وداد لحظة، أو انتمى لمن أفاده لفظة)، فإن لم أفدك، فلا أقل من أنني توددت إليك لحظةَ قلتُ أني أحبك، بيد أنك إلى الآن لم تدرك شيئًا عن وقتك الذي تقتل. وللوقت بطاقة هوية قسم لو تعلمون عظيم: ما أقسم الله بشيء إلا وكان عظيم القيمة والمنزلة، فكما أقسم بحياة النبي صلى الله عليه وسلم: ((لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)) [الحجر:72]، وأقسم بكعبة أهل السماء: ((وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ)) [الطور:4]، وأقسم بأم القرى: ((وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ)) [التين:3]، أقسم كذلك بالوقت جملًا وتفصيلًا، فتارة: ((وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ)) [العصر:1-3]، وتارة: ((وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى)) [الليل:1]، ((وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى)) [الليل:2]، ((وَالضُّحَى))[الضحى:1]، ((وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ)) [الفجر:1-2]، أيليق بك أن يقسم الله بأمر ولا تبالي أنت به، وتسعى لقتله بالحركة والسكون، حركة عقيمة لا تنجب فائدة، وسكون القعيد العاجز عن استغلال وقته، إن هذا لشيء عجاب. أنت هو: نعم ما أنت إلا أوقات تمر، كل يوم يمر من عمرك يقتطع منك جزء يسافر به إلى الدار الآخرة، بذلك دندن الحسن: (يا ابن آدم: إنما أنت أيام مجموعة، كلما مضى، يوم مضى بعضك)، ووعظابن آدم إنما أنت بين مطيتين يوضعانك، يوضعك الليل إلى النهار، والنهار إلى الليل، حتى يسلمانك إلى الآخرة فمن أعظم منك يا ابن آدم خطرًا)، وأمعن في النصح: (الموت معقود بنواصيكم, والدنيا تطوي من ورائكم)، وبمثل دلوه أدلى داود الطائي: (إنما الليل والنهار مراحل ينزلها الناس مرحلة مرحلة، حتى ينتهي ذلك بهم إلى آخر سفرهم، فإن استطعت أن تقدم في كل مرحلة زادًا لما بين يديها فافعل؛ فإن انقطاع السفر عن قريب، والأمر أعجل من ذلك، فتزود لسفرك، واقض ما أنت قاض من أمرك، فكأنك بالأمر قد بغتك). وبذلك المداد خط أحد السابقين لأخيه: (يا أخي: يخيل لك أنك مقيم، بل أنت دائب السير، تساق مع ذلك سوقًا حثيثًا، الموت متوجه إليك، والدنيا تُطوى من ورائك، وما مضى من عمرك فليس بكارٍ عليك يوم التغابن، سبيلك في الدنيا سبيل مسافر، ولا بد من زاد لكل مسافر، ولا بد للإنسان من حمل عدة، ولا سيما إن خاف صولة قاهر). هي الساعات تخترم الأماني وتدني في تسربها الأوانا وتستدعي من الواعي بدارًا وإعدادًا ليستبق الزمانا فمالي لا أبالي والليالي تنبهني بأن الوقت حانا وأن الله وقت لي قدومي ويطوي خطوتي آنا فآنا وقفوهم إنهم مسئولون: يا عبد: هل تملك من نفسك شيئًا؟! إنما أنت ملك لله، بيده أمرك، وإليه إيابك، وعليه حسابك، فإن كنت وما تملك لله، فإن وقتك لله، وليس لك أن تقول وقتي وقتي، فإنك عنه مسئول، يوم أن تخضع بالمثول، في يوم يجعل الولدان شيبًا، لا ترى فيه حولك صفيًا أو حبيبًا، ولن يجيب عنك أحد، وما لك هناك من ملتحد، وسمعك بالسؤال يُقرع، فبم تجيب عن أسئلة أربع: ((لا تزول قدما عبد حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن علمه ما فعل فيه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيم أنفقه، وعن جسمه فيم أبلاه)) [صححه الألباني]، فهلا أعددت للسؤال جوابًا، وباشرت للنجاة أسبابًا؟ وخذ هذه الدرة من ابن القيم: (السنة شجرة، والشهور فروعها، و الأيام أغصانها، والساعات أوراقها، والأنفاس ثمارها، فمن كانت أنفاسه في طاعة فثمرته طيبة، ومن كانت في معصية فثمرته حنظل)، ثم أصغ سمعك لنداء: أيَا مَن يَدّعي الفَهْم إلِى كَمْ يَا أخَا الوَهْمْ تُعَبِّي الذنبَ والذّنب وتُخطِي الخطأ الجَمّ أمَا بَانَ لكَ العَيبْ أمَا أنذركالشَّيب وَمَا في نُصْحِه رَيبْ وَلا سَمعُك قَد صَمّ أمَا نَادَىبِكَ المَوتْ أمَا أسْمَعَكَ الصَّوْتْ أمَا تخشَى مِنَ الفَوْت فَتحتَاطَوَتهْتَمّ فَكَم تسْدَرُ فِي السَّهوْ وَتختَالُ مِنالزَهْوْ وتنصَّبُ إلى اللهْوْ كَأن المَّوْتَ مَا عَمّ رأس مال العظماء: أدركوا أن ما مضى من الزمن ليس له عودة، فعضوا على اللحظات بالنواجذ، بل دخلوا في سباق مع الزمن، وأتعبوا أنفسهم بالسير في الدلجة، لأنهم رفعوا شعار: (وفي الصباح يحمد القوم السرى)، بعدما أخذوا حذرهم عبر كلمات نبيهم: ((نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ)) [رواه البخاري]، فاغتنموا الأوقات في القيام بمقتضى الاستخلاف في الأرض، ما بين إعمار للقلوب والمساجد، وبين إعمار للأرض. قال الحسن: (أدركت أقوامًا كان أحدهم أشحّ على عمره منه على درهمه). وقال الربيع بن سليمان: (كان الشافعي قد جزأ الليل ثلاثة أجزاء: الثلث الأول يكتب، والثلث الثاني يصلي، والثلث الثالث ينام)، قال رجل لعامر بن عبد قيس: (قف أكلمك)، فقال: (أمسك الشمس!!). وقال إبراهيم الجراح: (مرض الإمام أبو يوسف القاضي، فأتيته أعوده فوجدته أغمي عليه، فلما أفاق قال لي: يا إبراهيم، ما تقول في مسألة كذا وكذا؟ فقلت: في مثل هذه الحال؟فقال: لا بأس بذلك، ندرس لعله ينجو ناجٍ، ثم قمت من عنده فما بلغت باب داره حتىسمعت الصراخ عليه، وإذا هو قد مات رحمه الله). لذلك صنعوا النهضة والحضارة، ولم يرحلوا عن الدنيا إلا وقد خلفوا وراءهم رصيدًا هائلًا من الإنجازات العظيمة، التي يقف المرء أمامها متسائلًا في شرود: متى استطاعوا أن يفعلوا كل ذلك؟! ابن الهيثم مؤسس علم البصريات:له 43 كتابًا في الفلسفة والطبيعة، و25 كتابًا في العلوم الرياضية، و21 كتابًا في الهندسة و20 كتابًا في الفلك والحساب، وقد ذكر أن مجموع ما وصل إلينا من كتبه قد بلغ مائتي كتاب. البخاري:قال عن صحيحه: (صنفت الصحيح في ست عشرة سنة)، ويقول: (أخرجت هذا الكتاب من زهاء ستمائة ألف حديث). وكان رحمه الله آية في قوة الحفظ والذكاء، يقول عن نفسه: (أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح). وأما مؤلفات السيوطي، فقد قيل أنها تصل إلى (1194) عنوان ما بين مطبوع ومخطوط ومفقود. ولولا ضيق المقام لاستعرضنا مزيدًا من الأعلام. صيف ساخن ليس من حرارة الشمس، وإنما من الحركة الدءوب التي لا تدع للفراغ مساحة في حياتنا، هذه صورتك المنشودة في قلبي، أنسيت من أنت؟! أنت شاب مفعم بالحيوية والنشاط، ولست أي شاب، إنما أنت شاب مسلم، مكانه القمم، فتصرف وفق هذه الهوية، التي تربأ بصاحبها عن سفول الهمة, وحضيض الاهتمامات, وتضييع العمر في غير منفعة، وإني مرسل إليك بما يفيض به قلبي الشفوق عليك، علك تحظى في صيفك هذا بما تسعد به في الدنيا والآخرة: حدد هدفك: اكتب أهدافك التي تريد تحقيقها في هذا الصيف، لأن من أعظم أسباب ضياع الأوقات غياب الهدف، وراع في هذه الأهداف ما يلي: 1- أن تكون أهدافًا مشروعة في غاياتها ووسائلها. 2- واقعية يكمن تحديدها. 3- تتناسب مع زمن فترة الصيف. 4- التنوع والشمول. اكتب برنامجًا عمليًا للصيف: وإليك هذا النموذج لخطة عمل صيفية: - فترة أو فترتين للاستجمام في منتجعات مثلًا أو رحلات خلوية، شريطة الانضباط بالضوابط الشرعية. - حفظ خمس آيات يوميًا على مدار ستة أيام، وفي اليوم السابع يتم مراجعة ما سبق حفظه. - المحافظة على الصلوات في المساجد. - زيارة أسبوعية لأحد الأقارب. - الحصول على دورة "كمبيوتر"، أو لغات، أو في التنمية البشرية. - مدارسة كتاب في التوحيد، بالإضافة إلى بابين أو ثلاثة من أبواب الفقة لم يسبق دراستها. - مزاولة نشاط رياضي مثمر، كألعاب القوة، أو تنس، أو سباحة, أو كرة القدم. - التزام أو تبني مشروع خيري، مثل حلقة تحفيظ قرآن للأطفال على وجه الخصوص، أو المساهمة عبر القنوات الشرعية في جمع التبرعات للمرضى أو اليتامى. احذر: - السهر طوال الليل، بل لابد وأن يكون لك قسط من النوم ليلًا. - تصفح المواقع الإباحية على شبكة الإنترنت. - السفر مع أصدقاء السوء، ومصاحبتهم على وجه العموم. - إقامة علاقات غرامية مع الجنس الآخر على أي صورة من الصور. - كثرة النوم والخروج به عن الحد الطبيعي، مما يضيع الأوقات. - إزعاج الآخرين بالضوضاء التي هي عنوان الصيف، ويشكو منها الكثيرون. - الاستماع إلى الأغاني والموسيقى. وختامًا:فانعم أيها الفتى بصيف جميل، تنسم عبير ليله الجميل، واهنأ بشمس الأصيل، على صفحة الماء تميل، واشحذ الإرادة والعزيمة، تحظى من صيفك بغنيمة، والزم في الصيف عبادة، هي الريادة والسعادة، شعارك صيد الفوائد، وهجر الوسائد، ألهب الصيف بالعمل، ودع البطالة والكسل، هيا، هيا.. أيها الحادي بإنشاد أصيل أطرب الأسماع باللحن الجميل بقصيد ينهض العزم الكليل للعلا والمجد والخير الجزيل أهم المراجع 1. جامع العلوم والحكم...... ابن رجب الحنبلي. 2. حلية الأولياء ....... أبو نعيم. 3. الفوائد........ ابن القيم. 4. لا تحزن...... عائض القرني. 5. سير أعلام النبلاء...... الذهبي. 6. صيد الخاطر...... ابن الجوزي. 7. إحياء علوم الدين..... الغزالي.
خدمات المحتوى
|
تقييم
الاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |