شـبـكــة عـمّـــار
إخبارية - ترفيهية
- تعليمية



جديد الصور
جديد الأخبار
جديد المقالات


جديد الصور

جديد البطاقات

جديد الصوتيات

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

 
Dimofinf Player
للآداب بقية

2012-08-03 05:04


إن الشاب لن يبلغ غايته العظمى وهي دخول الجنة، إلا إذا كانت سلوكياته تصدق أفعاله، فالشباب خاصة في سن المراهقة أحوج ما يكونوا إلى التحلي بالآداب، لأن هذه الفترة سينبني عليها حياة الشاب بعد ذلك.
الآداب بين الطابع والتطبع:
كما يكون الخُلقُ طبيعة, فإنه قد يكون مكتسبًا, (بمعنى أن الإنسان كما يكون مطبوعًا على الخلق الحسن الجميل , فإنه أيضًا يمكن أن يتخلق بالأخلاق الحسنة عن طريق الكسب والمرونة .
فعن أشج عبد القيس قال (قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: إن فيك لخلقين يحبهما الله قلت، وما هما يا رسول الله قال الحلم والحياء، قلت قديمًا كان أو حديثًا قال قديمًا، قلت الحمد لله الذي جبلني على خلقين أحبهما الله) [صححه الألباني في الأدب المفرد، (584)].
فهذا دليل على أن الأخلاق الحميدة الفاضلة تكون طبعًا وتكون تطبعًا, ولكن الطبع بلا شك أحسن من التطبع , لأن الخلق الحسن إذا كان طبيعيًا صار سجية للإنسان وطبيعة له, لا يحتاج في ممارسته إلى تكلف, ولا يحتاج في استدعائه إلى عناء ومشقة , ولكن هذا فضل الله يؤتيه من يشاء, ومن حُرم هذا – أي حُرمالخلق عن سبيل الطبع – فإنه يمكنه أن يناله عن سبيل التطبع, وذلك بالمرونة) [مكارم الأخلاق، محمد صالح العثيمين، ص(3)].
تواضح وخفض للجناح:
ومن أظهر الآداب التي ينبغي أن يتحلى بها من بدأ في تعلم العلوم الشرعية، التواضع لعباد الله المؤمنين، وهو ثمرة مباشرة لعلمين جليلين هما: العلم بالله تعالى، والعلم بالنفس وآفاتها؛ فيعرف العبد أنه لا يستطيع مهما فعل أن يوفِّي حق الله تعالى عليه، ويستشعر معنى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (سددوا وقاربوا وأبشـروا، فإنه لن يُدخل أحدًا الجنة عمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمته) [متفق عليه].
فإذا وقر في قلب المؤمن ذلك الشعور، وأصبح إحساسه بتقصيره في حق ربه ملازمًا له؛ فإنه يكون حاملًا له على التواضع لعباد الله المؤمنين وخفض جناحه لهم، كما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم فقال له: {وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} [الحجر: 88].
ما هو التواضع؟
هو معرفة المرء قدر نفسه، وتجنب الكبر الذي هو بطر الحق وغمط الناس، كما قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم وغيره: (الكبر بطر الحق وغمط الناس) [رواه مسلم]، والتواضع في الأصل إنما هو للكبير الذي يُخشى عليه أن يكبر في عين نفسه فيقال له:
تواضع تكن كالنجم لاح لناظر على صفحات الماء وهو رفيع
أما الإنسان العادي فلا يقال له: تواضع، وإنما يقال له: اعرف قدر نفسك، ولا تضعها في غير موضعها.
(روى الإمام الخطابي رحمه الله في العزلة أن الإمام الفذ عبد الله بن المبارك قدم خراسان؛ فقصد رجلًا مشهورًا بالزهد والورع، فلما دخل عليه لم يلتفت إليه الرجل، ولم يأبه به، فخرج من عنده عبد الله بن المبارك، فقال له بعض من عنده: أتدري من هذا؟! قال: لا.
قالوا: هذا أمير المؤمنين في الحديث، هذا عبد الله بن المبارك، فبهت الرجل وخرج إلى ابن المبارك مسـرعًا يعتذر إليه، ويتنصل له مما حدث، وقال: يا أبا عبد الرحمن اعذرني وعظني.
فقال ابن المبارك: نعم، إذا خرجت من منزلك، فلا يقعن بصـرك على أحدٍ إلا رأيت أنه خير منك، وذلك أنه رآه معجبًا بنفسه، ثم سأل عنه ابن المبارك فإذا هو حائك) [العزلة، الخطابي، ص(220)].
لقد لمح الإمام المربي أن في هذا المتزهد نوعًا من الكبرياء والغطرسة والاستعلاء على الناس، وهو داء يسرع إلى المتعبدين أحيانًا؛ فزوده بهذه النصيحة التي تلائم حاله.
وكم نجد كثيرًا من الدعاة إلى الله، بل ومن صغار طلبة العلم، من يسيئون الأدب مع شيوخهم وعلمائهم وأساتذتهم، وإنه لأمر يحز في النفس ويؤلمها!
إنه لا حرج أن تختلف مع عالم أو داعية في رأي أو اجتهاد متى كنت أهلًا لذلك، لكن الحرج كل الحرج أن يتحول هذا الاختلاف إلى معول لهدم مكانة هذا العالم، أو ذاك الداعية، والحط من قدره، والإزراء عليه، وسوء الأدب معه.
وإن جاز أن يقع هذا من الدهماء والجهلة، أو من أهل البدعة والضلالة، فإنه لا يجوز بحالٍ أن يقع من أهل السنة، ومن طلاب علم الشريعة.
قد رشحوك لأمر لو فطنت له فاربأ بنـــفسك أن ترعى مع الهــــمل
كيف كان تواضعهصلى الله عليه وسلم:
فلأنه كان صلى الله عليه وسلم أشرف الخلق على الإطلاق؛ كان أيضًا سيد المتواضعين، فكان صلى الله عليه وسلم يأخذ بمشورة أصحابه، وهو النبي الموحى إليه من السماء، ويشاركهم في حفر الخندق يوم الأحزاب.
وإذا كان في منزله يكون في مهنة أهله، بل ويخصف نعله، ويخيط ثوبه، وما دعاه أحد إلى طعام إلا وأجابه صلى الله عليه وسلم، ويقف مع العجائز والضعفاء والأرامل والمساكين.
وانظر ماذا يقول عن نفسه صلى الله عليه وسلم وهو في أوج انتصاره، كما روى أبو مسعود أن رجلًا كلَّم النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح؛ فأخذته الرعدة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (هوِّن عليك، فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد)[صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، (3303)].
من جوانب التواضع في حياة طالب العلم:
(إن التواضع المطلوب من طالب العلم يتمثل في صور كثيرة:
فمن التواضع: بل من معرفة قدر النفس ألا ينظر طالب العلم المبتدئ إلى نفسه على أنه ندٌّ لهذا العالم أو ذاك، ويقول: هم رجالٌ ... ونحن رجالٌ!
والحال أن الرجولة تختلف ... فإن صفة الرجولة في القرآن الكريم سيقت مساق المدح في مواضع عدة: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبة: 108].
{رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 36-37].
فالرجال ليسوا سواء، وأين الثَّرى من الثُريَّا؟!
ولربما رأيت طويلب علم لا يحفظ من القرآن إلا اليسير، ولا يكاد يحفظ حديثًا من البخاري أو مسلم بحروفه، فضلًا عن سنده ومعناه ... ومع هذا قد يقف أمام جهابذة العلماء وكأنه أبو حنيفة أو الشافعي! وهجيراه أن يقول: أرى، وأنا، وقلتُ، وعندي!)
ومن التواضع: أن يتواضع طالب العلم مع أقرانه، وكثيرًا ما تثور بين الأقران والأنداد روح المنافسة والتحاسد، وربما استعلى الإنسان على قرينه، وربما فرح بالنيل منه، والحط من قدره وشأنه، وعيبه بما ليس فيه، أو تضخيم ما فيه، وقد يظهر ذلك بمظهر النصيحة والتقويم وإبداء الملاحظات، ولو سمى الأمور بأسمائها الحقيقية لقال: الغيرة.
والعجب أن يغار الداعية من اجتماع ألف أو ألفين في مجلس علم أو دعوة، لكنه لا ينفعل لو سمع أن حفلًا غنائيًّا، أو مباراة رياضية حضـرها عشـرون أو ثلاثون ألفًا، وهذا والله من البؤس) [من أخلاق الداعية، سلمان العودة، ص(33-37)].
ومن التواضع: ألا يعظم في عينك عملك إن عملت خيرًا، أو تقربت إلى الله تعالى بطاعة؛ فإن العمل قد لا يُقبل.
ولذا قال فضالة بن عبيد: (لأن أعلم أن الله تقبل مني مثقال حبة من خردل أحب إليَّ من الدنيا وما فيها، لأن الله تعالى يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة: 27]) [حلية الأولياء، أبو نعيم، (1/208)].
السلف والتواضع:
إن المتأمل في حياة السلف رحمهم الله تعالى؛ ليجد سيما التواضع بادية كالشمس في رابعة النهار في أقوالهم وأفعالهم.
هذه امرأة ترد على عمر، فيصوب قولها ويعلن تراجعه عن رأيه رضي الله عنه كما جاء في القصة المعروفة والمشهورة عن تحديد المهور، بل إنه يُروى أن رجلًا قال له: لو زللت لقوَّمناك بسيوفنا، فقال عمر رضي الله عنه: (الحمد لله الذي جعل من يقوِّم عمر بسيفه) [زاد المعاد، ابن القيم، (3/198)].
قال عروة بن الزبير رضي الله عنه: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على عاتقه قربة ماء، فقلت: يا أمير المؤمنين، لا ينبغي لك هذا، فقال: (لما أتاني الوفود سامعين مطيعين، القبائل بأمرائها وعظمائها دخلت نفسي نخوة، فأردت أن أكسرها) [مدارج السالكين، ابن القيم، (2/330)].
(مر بعض المتكبرين على مالك بن دينار، وكان هذا المتكبر يتبختر في مشيته، فقال له مالك: أما علمت أنها مشية يكرهها الله إلا بين الصفين؟ فقال المتكبر: أما تعرفني؟
قال مالك: بلى، أولك نطفة مذرة، وآخرك جيفة قذرة، وأنت فيما بين ذلك تحمل العذرة، فانكسر وقال: الآن عرفتني حق المعرفة) [سير أعلام النبلاء، الذهبي، (5/363)].
ماذا بعد الكلام؟
أن ينظر الشاب في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم: ينظر النصوص الدالة على مدح ذلك الخلق العظيم الذي يريد أن يتخلق به، فالمؤمن إذا رأى النصوص تمدح شيئًا من الأخلاق أو الأفعال, فإنه سوف يقوم به .
والنبي عليه الصلاة والسلام أشار إلى ذلك في قوله: (مثل الجليس الصالح والسوء كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة)[متفق عليه].
(أن يتأمل الإنسان ماذا يترتب على سوء خلقه: فسيئ الخلق ممقوت سيئ الخلق، مهجور سيئ الخلق مذكور بالذكر القبيح، فإذا علم الإنسان أن سوء الخلق يفضي به إلى هذا فإنه يبتعد عنه .
أن يستحضر الإنسان دائمًا صورة خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم: وكيف أنه كان يتواضع للخلق, ويحلم عليهم, ويعفو عنهم ويصبر على أذاهم, فإذا استحضر الإنسان أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، وأنه خير البشر وأفضل من عبد الله تعالى, هانت على الإنسان نفسه وانكسرت صولة الكبر فيها فكان ذلك داعيًا إلى حسن الخلق) [مكارم الأخلاق، ابن عثيمين، ص(12)].
المصادر:
· مكارم الأخلاق، ابن عثيمين.
· من أخلاق الداعية، سلمان العودة.
· سير أعلام النبلاء، الذهبي.
· مدارج السالكين، ابن القيم.
· زاد المعاد، ابن القيم.
· حلية الأولياء، أبو نعيم.
تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 788


+++

خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


تقييم
1.07/10 (6 صوت)

الاكثر تفاعلاً

الافضل تقييماً

الاكثر مشاهدةً

الاكثر ترشيحاً

الافضل تقييماً/ق

الاكثر مشاهدةً/ق

الاكثر ترشيحاً/ق


Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.