شـبـكــة عـمّـــار
إخبارية - ترفيهية
- تعليمية



جديد الصور
جديد الأخبار
جديد المقالات


جديد الصور

جديد البطاقات

جديد الصوتيات

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

 
Dimofinf Player
أول مرة أصوم

2012-08-03 05:12
الكاتب:محمد السيد عبد الرازق




افتح سجل حياتك في ساعة تصدق فيها نفسك، وتذكر كم مر عليك من شهور رمضان، وسل نفسك: هل صمت حقًا؟
لا تعجل علي بالإجابة، فما أيسر أن تجيب بنعم، ولكني أدعوك لإطلاق الفكر في ساحة التأمل، وعرض نفسك لتلك الومضات.
وميض العتاب:
صامت جوارحك عن تعاطي المباحات، فهل صومتها عن إتيان المحرمات؟
أمضيت نهارك في تلاوة الآيات، أم غرقت بين أحضان السبات؟
رطبت لسانك بذكر الرحمن، أم انطلق في الباطل لفظ اللسان؟
تصدقت على الفقراء والأيتام، أم شغلك عن ذلك ذخر مائدة الطعام؟
أكان الصيام في حسك ظلًّا ظليلًا، أم كان على كاهلك عبئًا ثقيلًا؟
أسألك لا جهلًا بحالك، فقربي منك يخبرني بحالك، ولكني على استحياء أعاتبك، عتاب محب يراعي خاطرك، ولكن يصدقك ويرشدك، لأنك من قلبه بمكان، لك فيه من الحب ألوان.
لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا لا يطمئن في صلاته، قال له: (ارجع فصلِّ فإنك لم تصلِّ) [متفق عليه]، لأنه قد صلى بجسده ولما تخضع روحه لقوة الصلاة المؤثرة، وأُطلق على هذا الحديث: حديث المسيء صلاته.
وحينما نسمع ذلك الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم، فلنتخيله وهو يقول لك: ارجع فصم، فإنك لم تصم، لأنك قد صمت بجسدك عن الطعام والشراب، ولما تخضع روحك لقوة الصيام المؤثرة، ولا ضير أن أناديك بالمسيء صومه.
ولكن لن يكفينا العتاب، فما هكذا يكون الأحباب، إنما نجلي المعاني والأسباب، ليكون لنا من أسرار الصيام اقتراب، نسبر أغواره، ونعرف أسراره، فيربينا الصيام، يزيل عن قلوبنا الغمام، فيدنينا الملك السلام، ويرحمنا يوم الزحام، فهيا تعرف على الصيام لتصوم، وتقول من بعد ذلك: أول مرة أصوم.
نهر الفضائل:
أخي الشاب، بين يديك مزيد من فضائل الصيام، رجوت بها أن تتعرف على بعض تلك الثمرات التي تجنيها من صيامك، ليكون ذلك الصيام على مستوى تلك الفضائل، فإنه متى استحضر المرء قيمة العمل ازداد حرصًا عليه وإتقانًا له، وليس صيام العبد مجرد تخلص من عبء التكليف، أو توقي تبعات تركه، إنما هو سبيل نجاة وسعادة في الدارين، وتميز في الطاعة، وقرب من الرحمن.
1- سياحة:
{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} [التوبة:112].
السائحون: هم الصائمون، بذلك قال أبو هريرة وابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد والضحاك وعطاء وابن جرير وغيرهم، وتقول السيدة عائشة رضي الله عنها: (سياحة هذه الأمة: الصيام) [التذكرة في الوعظ، ابن الجوزي، (1/133)].
فكان الصيام من جملة تلك الصفات التي نعت الله بها عباده المؤمنين الذين اشترى منهم أموالهم وأنفسهم.
2- لا مثل له:
عن أبي أمامة قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: مرني بأمر آخذه عنك، قال: (عليك بالصوم فإنه لا مثل له) [صححه الألباني في صحيح سنن النسائي، (2220)].
لقد بين الحبيب صلى الله عليه وسلم للسائل أن الصوم لا مثل له، ولن يضن صلى الله عليه وسلم بذروة سنام الخير عمن يسأله، فاختار له من الأمور التي يأخذها عنه أمرًا عظيمًا جليلًا، يتمسك به أبو أمامة رضي الله عنه: الصوم.
3- قاعدة جزاء خاصة:
قررها الحق تبارك وتعالى في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم له، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به) [متفق عليه]، قال المناوي: (إشارة إلى عظم الجزاء عليه وكثرة الثواب، لأن الكريم إذا أخبر بأنه يعطي العطاء بلا واسطة اقتضى سرعة العطاء وشرفه) [فيض القدير، المناوي، (4/330)].
4- مغفرة الذنوب السالفة:
فأي فضل يحظى به التائبون أعظم من مغفرة الزلات والغدرات والفجرات، وهل هناك ما يؤرق الصالحين غير ذنوبهم، وبذلك يبشر الحبيب صلى الله عليه وسلم أنه: (من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه) [متفق عليه].
5- يوم = نجاة سبعين عامًا:
يقول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: (من صام يومًا في سبيل الله؛ بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفًا) [متفق عليه]، قال المناوي: (أي نجاه منها أو عجل إخراجه منها قبل أوان الاستحقاق) [فيض القدير، المناوي، (6/209)].
6- نداء الريان:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن فى الجنة بابًا يقال له الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون فيقومون، لا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا أغلق، فلم يدخل منه أحد) [متفق عليه].
قال ابن عبد السلام: (أما تخصيص دخولهم الجنة بباب الريان، فإنهم ميزوا بذلك الباب لتميز عبادتهم وشرفها) [نداء الريان، العفاني، (1/44)].
غايةٌ من لها يتسامى:
يقول رب العزة في كتابه المجيد: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة:183].
إن الله تعالى الذي لا تنفك عنه الحكمة، لم يشرع الصيام تعذيبًا لك بالجوع والعطش، وإنما يريد الله تعالى أن يهذبك ويطيبك، ويرقيك في منازل العبودية، لذا إن جف حلقك ويبست شفتاك من العطش، وإن تقرقر بطنك من الجوع، فقل: هذا سبيل التقوى.
وقد يستبد الجوع بي ويهدني ظمأ ويخفـت في حياتي كفاح
لكن تقــوى الله تحفز همتي ويشد من أزرى لديـك صلاح
تحصل التقوى بالصيام حيث أنه رياضة للنفس على ترك الشهوات، فالله تعالى قد ركب الشهوات في طبع الإنسان، ويصعب عليه أن يتخلى جسده عما فطره الله عليه، ومن ثم كان الصيام ارتقاء بالإنسان عن وضعه الطبيعي الذي لا ينفك عنه، إلى مرتبة أعلى يتشبه فيها بالملائكة الكرام.
وتحصل التقوى بالصيام من خلال المراقبة، لأن الصيام سر بين العبد وربه لا يشرف عليه أحد، فما أيسر أن يتناول الصائم طعامه وشرابه بعيدًا عن أعين الناس ثم يتظاهر أمام الناس بأنه صائم، ولكن ما يمنعه علمه بأن الله عليه رقيب.
إذا ما خلوت الدهر يومًا فلا تقل خلـوت ولكــــن قل علي رقيــب
ولا تحسبــــن الله يغفـــل ساعـــة ولا أن ما تخفـــي عليـــه يغيــــب
وتحصل التقوى بالصيام عندما يجوع المسلم ويظمأ، فيشعر بالفقير الذي يكون جوعه وعطشه عن غير صيام، فيرق قلب الصائم، كما قال أحمد شوقي: (حرمان مشروع، وتأديب بالجوع، وخشوع وخضوع، ظاهره المشقة وباطنه الرحمة، يستثير الشفقة ويحض على الصدقة، يكسر الكبر ويعلم الصبر، حتى إذا جاع من تعود الشبع، وحرم المترف ألوان المتع، عرف الحرمان كيف يقع، وألم الجوع إذا لذع) [أسواق الذهب، أحمد شوقي، ص(84)].
رب صائم:
وفي ضوء الحقائق السابقة تتجلى معاني الصوم السامية، التي تعلو عن مجرد الجوع والعطش، فليس هذا ما ترتب عليه الجزاء العظيم الذي يناله الصائم، إن هذه الجوائز العظيمة لمن خالجت معاني الصيام كيانه، وعمل بمقتضاها، فلو كانت الجنان والعتق من النيران والمغفرة والرحمة فقط لمن جوع نفسه وعطشها دون القيام بحقوق الصيام، لما تميز التقي عن الشقي، ولا المطيع عن العاصي، فالكل يجوع والكل يظمأ، ففيم تتفاوت الأجور؟!
فاحذر أيها الحبيب أن تكون ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (رب صائم حظه من طعامه الجوع والعطش) [إسناده جيد].
إذا لم يكن في السمع مني تصامم وفي العين غض وفي منطقي صمتُ
فحظي إذًا من صومي الجوع والظمأ فإن قلت إني صمت يومي فما صمتُ
ماذا بعد الكلام؟
ـ ليصم قلبك عن سوء النوايا والأخلاط، وعن الحقد والغل والحسد لغيرك، بل احبسه عن الخطرات الفاسدة وادفعها، واهتم بما يصلحه ويرققه ويبعث في أوصاله الخشية.
ـ ليصم لسانك عن الكذب ولو مازحًا، وعن الغيبة والنميمة، وعن الفحش من القول والبذاءة، وأشغله بذكر الله وتلاوة القرآن والدعاء.
ـ لتصم عيناك عن النظر إلى ما حرم الله تعالى، وغض طرفك عن النظر إلى النساء الأجنبيات، سواء في الطرقات أو عبر الشاشات، وأشغلهما بالنظر إلى كتاب الله تعالى.
ـ لتصم أذناك عن الاستماع إلى ما حرم الله تعالى من الغناء والموسيقى، أو فحش الكلام، وأشغل سمعك بالاستماع إلى القرآن الكريم أو دروس العلم النافعة.
ـ لتصم يداك عن البطش بغير حق، وعن اغتصاب الحقوق، ومد يد العون لإخوانك المسلمين، واسع في حاجاتهم.
ـ لتصم رجلاك عن السعي في الحرام، إلى أماكن اللغو والمقاهي وكل مكان ترتكب فيه المحظورات، وأكثر من الخطا إلى بيوت الله تعالى.
المصادر:
· أسواق الذهب، أحمد شوقي.
· نداء الريان، العفاني.
· التذكرة في الوعظ، ابن الجوزي.
· فيض القدير، المناوي.
تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 984


+++

خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


تقييم
1.13/10 (6 صوت)


Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.