الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
زهرة البيت كيف تكونين متميزة؟ |
كيف تكونين متميزة؟
2012-08-06 05:23
الكاتب:سحر محمد يسريفي طريق العودة من المدرسة الثانوية .. تشابكت أيدي الصديقتان..(نسمة ونوران) وكان من الطبيعي أن تتحدثا عن الاختبارات التي انتهتا لتوهما منها .. ودار بينهما الحديث التالي: نسمة:كان اختبار الكيمياء رائعًا، أجبت عن جميع الأسئلة والحمد لله، وماذا عنك؟ كيف كان حالك في الاختبار اليوم؟ نوران:الحمد لله، كتبت ما لدي في ورقة الإجابة..بالكاد أنجح..! ولا أطمع في أكثر من ذلك..!! لقد تركت لك عدم التنازل عن الدرجة النهائية، أنا لا أحب أن أتعب نفسي. نسمة: عجيبٌ أمرك، لديك قدر كبير من القناعة، ولكنها في هذا الباب غير محمودة أبدًا! نوران: ولمَ ؟ أليس المهم أن أنجح وأنتقل إلى الصف التالي بغير دور ثان؟ ماذا أريد أكثر من ذلك؟ ولماذا أتعب نفسي أكثر، وكل النجاح يتساوى في النهاية؟ نسمة: لقد أتعبتيني بوجهات نظرك الأرضية تلك، والتي أسمعتيني إياها مرارًا..! لم لا تبذلين الجهد الكافي لتأخذي لك مكانًا بين المتميزين؟! ابنتي زهرة.. إنّ الله تعالى علَّمنا ألا نقنع بالدون من الأمور، وألا نرضى إلا بمكان فوق القمة، وفيها متسعٌ للجميع، قال تعالى: {ووَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُوَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران:133]. والنجاح كلمةٌ محبَّبةٌ إلى القلوب، وغاية تتشوَّق إليها النُّفوس، وهدف يشترك في السعي إليه الجميع؛ فالكلُّ يحب النَّجاح.. والكلُّ يريد النَّجاح.. والكلُّ يَسْعى إلى النجاح.. ولكن إذا كانت تصوُّراتُ النَّاس للنجاح والتميز تتباين وتختلف بشدة كلً حسب معتقده، والمجتمع الذي نشأ وتربى فيه، والأصول التي ينطلق منها في حياته، والقدوات الذين أثروا فيه، لكن هناك أصول للتميز لا يختلف عليها اثنان، من أهمها: بذل الجهد وإتقان العمل: إنَّ من رحمة الله بنا أنه طالبنا بالعمل والاجتهاد في أدائه بإتقان، قال تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وعن شدّاد بن أوْس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله كتب الإحسان على كل شيء. فإذا قتلتم فأحْسِنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة. وليحدّ أحدكم شفرته ولْيُرِحْ ذبيحته" [رواه مسلم]. ومع ذلك لم يكلفنا الله تعالى بإدراك النتائج، ولكن عذرنا ببذل المجهود وتحسين العمل، ولقد قصّ علينا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم خبر أنبياء يأتون يوم القيامة ولم يستجب لدعوتهم أحد، إلا أنهم أدوا رسالتهم على أكمل وجه، ولهم الجزاء الأوفى عند ربهم تبارك وتعالى، أتدرين لماذا؟ لأنهم فعلوا ما كلفهم الله به وبذلوا المجهود الكامل في تبليغ رسالات ربهم، أما النتائج من هداية الخلق فأمرها إلى الله تعالى، لذلك لا يؤاخذون بها، [كريم الشاذلي:امرأة من طراز خاص،ص:201 بتصرف]. ترتيب الأولويات: أيتها الحبيبة.. إن ترتيب الأولويات أمر تعرفه الفتاة المسلمة جيدًا من حديث الأولياء المشهور عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى قال: (من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب ، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه و لا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه..) [رواه البخاري]. إذًا فهناك عمل لله بالليل لا يقبله بالنهار، وعمل بالنهار لا يقبله بالليل، وكذلك الأمر في مراحل حياة الإنسان.. ففي كل مرحله عليه دور وواجب لابد أن يضطلع بالقيام به. وأنتِ لا تزالين في عمر الزهور ..فلا تنفقي من جهدك قط على الأمور التافهة والصغيرة، وتذكري أن وقتك أثمن منها وأن لديك من الأعمال ما هو مقدم عليها [القسم العلمي بدار الوطن:الصعود إلى قمة النجاح،ص:6]. فعدم الحرص على ترتيب الأعمال طبقًا يهدر الكثير من الوقت والجهد..يهدر مساحات كبيرة من الحياة. حسن الخلق: إن الأخلاق السيئة هي السموم القاتلة، والمهلكات الدامغة، والرذائل الواضحة المبعدة لصاحبها عن رضا الله تعالى وعن أُلفة الناس ومحبتهم، وبكل تأكيد عن سبيل التميز والنجاح، فلا تميز بلا أخلاق حسنة. وتحسين الخلق يأتي بالتعود، وتعهد النفس، ومراقبة السلوك؛ والنظر المستمر في بنائك الداخلي للتقويم والإصلاح. وفي الأثر: (طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس) يقول أبو تمام: فلم أجد الأخلاق إلا تخلقًا ولم أجد الأفضال إلا تفضلا ولقد فضّل النبي صلى الله عليه وسلم المرأة قليلة العبادة ولكنها حسنة الأخلاق عن أخرى كثيرة العبادة ولكنها سيئة الخلق تؤذي جيرانها،عن أبي هريرة قال: قال رجل: يا رسول الله، إن فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها بلسانها! قال: هي في النار، قال: يا رسول الله فإن فلانة يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها، وإنها تصدق بالأثوار من الأقط، ولا تؤذي جيرانها بلسانها، قال: هي في الجنة [رواه أحمد]. ضبط الانفعالات: المشاعر والأحاسيس هي وقود الإنسان والمحرك الأساسي لسلوكه، لذلك فإن من يتحكم في مشاعره، ويحسن السيطرة عليها يستطيع أن يتحكم في سلوكه ويضبطه على حدٍّ كبير. والفتاة المراهقة تملك ما يملكه الكبار من أنواع الانفعالات، وتدرك ما يدركه الكبار من الاستثارة العاطفية .. تحب وتكره، تهدأ وتغضب، تتأنى وتتعجل، وتجرؤ وتخاف .. وهكذا لكن الفتاة في هذا السن تنقصها الخبرة والتجربة؛ ولهذا فهي قد تشتط كثيرًا في انفعالاتها ولا تمتلك إدارتها وحسن التحكم فيها [حنان الطوري:الدور التربوي للوالدين في تنشئة الفتاة،ص:240]. ولقد وصف الله تعالى المتميزين من عباده بصفات من أهمها ضبط النفس والتحكم الجيد في الانفعالات، قال تعالى: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَوَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَافَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَفَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْيُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُممَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُخَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: 13-14]. والفتاة المتميزة تحرص على قدر كبير من ضبط المشاعر والأحاسيس، مستحضرة في ذلك القواعد القرآنية العظيمة في ضبط النفس وكرم الأخلاق. ونعني بضبط المشاعر مثلًا: - أن نفصل بين الشخص وبين سلوكه المثير للغضب، وأن نحسن إلى الخلق عامة حتى من أساءوا إلينا، ومن سيرة النبي صلى الله عليه وسلم تعلمنا أروع المواقف العملية تطبيقًا لهذه القاعدة، فنراه صلى الله عليه وسلم يضبط مشاعره مع أناس آذوه وآذوا أصحابه وحاولوا اغتياله أكثر من مرة، ورغم ذلك يرد إليهم أماناتهم غير منقوصة عند هجرته إلى المدينة، ويعو لهم "اللهم اهدي قومي إنهم لا يعلمون"، ثم هو نراه بعد أن مكّن الله تعالى له ولأصحابه ودخلوا مكة مرة أخرى فاتحين إذا به صلى الله عليه وسلم يعفو عنهم ولا يعاقبهم، ويؤكد على هذا المعنى العظيم بشكل عام في قوله صلى الله عليه وسلم: (أدّ الأمانة لمن ائتمنك، ولا تخن من خانك) [رواه الترمذي] [محمد سعيد مرسي:مفاتيح التميز،ص:129 بتصرف]. - أن نقطع الطريق أمام تسلسل الأفكار الغاضبة، بالوضوء، وتغيير الوضع من القيام إلى القعود، ومن الجلوس على الاضطجاع، كما علمنا النبي صلى الله عليه وسلم. وإذا غضبت فكن وقورًا كاظمًا للغيظ تبصر ما تقول وتسمع فكفى بها شرفًا تصبّر ساعة يرضى بها عنك الإله وترفع فاطرحي عنكِ الأفكار السلبية: ولا تسمحي لأحد أن يحطم قواك أو يضعف عزيمتك، حتى ولو كان خواطرك أنتِ وأفكارك الخاطئة عن نفسك، يقول أبو حامد الغزالي: "أخصّ الآثار الحاصلة في القلب هو الخواطر، والخواطر هي المحركات للإرادات، فإن النية والعزم والإرادة إنما تكون بعد خطور النية بالبال لا محالة، فمبدأ الأفعال الخواطر، ثم الخاطر يحرك الرغبة والرغبة تُحرك العزم، والعزم يحرك النية والنية تحرك الأعضاء". . فالمقصود بذلك مراقبة الخواطر وعدم السماح للسلبي والسيئ للتسلل لعقولنا وقلوبنا، فكأننا نقوم بتنقيتها من الشوائب حتى لا تتعكر. وأخيرًا زهرتي الحبيبة.. إنّ سعادتك ونجاحك الحقيقي تتذوقيه وأنت تسيرين بخطو واثق نحو تحقيق أهدافك وسعادتك في الدنيا والآخرة..ولا عليك أن تخفقي مرة ومرّات.. اهمسي لنفسك أنك قادر على اجتياز أزماتك واشكري الله على ما وهبك من النعم .. واحفظي كلمات ابن القيم وأحسبها أغلى من الدرر، يقول رحمه الله تعالى: (أجمع عقلاء كل أمة على أن النعيم لا يدرك بالنعيم، وأن من آثر الراحة فاتته الراحة.. وأنه بحسب ركوب الأهوال واحتمال المشاق تكون الفرحة واللذة فلا فرحة لمن لا هم له ولا لذة لمن لا صبر له ولا نعيم لمن لا شقاء له ولا راحة لمن لا تعب له، بل إذا تعب العبد قليلا استراح طويلًا) . المصادر: - امرأة من طراز خاص: كريم الشاذلي. - مفاتيح التميز: محمد سعيد مرسي. - دور الوالدين في تنشئة الفتاة المسلمة: حنان عطية الطوري. - الصعود إلى قمة النجاح: القسم العلمي بدار الوطن.
خدمات المحتوى
|
تقييم
الاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |