الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
زهرة البيت رمضان والصراط ودخول الجنة |
2012-08-06 11:09
الكاتب:أم عبد الرحمن محمد يوسفأخيتي الحبيبة: إنه الصراط، وما أدراك ما الصراط؟ ذلك الجسر الرهيب المضروب على ظهر جهنم، يمتد طرفه إلى دار النعيم، فمن عبره بسلام؛ فاز برضوان الله والجنة، ومن تعثر وزل من فوقه، سقط في دار الجحيم، عياذًا بالله، وذاك مصداق قول الله جل وعلا: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَّقْضِيّاً} [مريم: 71]. ويبين رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا حقيقة ذلك الورود فيقول: (والذي نفسي بيده، لا يلج النار أحد بايع تحت الشجرة)، قالت أم المؤمنين، حفصة الله عنها: فقلت يا رسول الله أليس الله يقول: {وَإِن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} قال صلى الله عليه وسلم: ألم تسمعيه قال: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً} [صححه الألباني]. من الآن، حددي سرعتك: وإذا كانت جسور الدنيا تسع البشر، بل والسيارات على اختلاف أنواعها وأحجامها؛ فإن لجسر المصير شأنًا آخر، يصفه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وفيه يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: (ثم يؤتى بالجسر، فيجعل بين ظهري جهنم) قلنا: يا رسول الله وما الجسر؟، قال: (مدحضة مزلة، عليه خطاطيف، وكلاليب، وحسكة مفلطحة، لها شوكة عقيقاء، تكون بنجد، يقال لها السعدان، يمر المؤمن عليها كالطرف، وكالبرق، وكالريح، وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم، وناج مخدوش، ومكدوس في نار جهنم، حتى يمر آخرهم فيسحب سحبًا)، يقول أبو سعيد رضي الله عنه: ( بلغني أن الجسر أدق من الشعرة، وأحد من السيف) [رواه البخاري]. هل تخيلتي أختي، كم هو رهيب ذلك المرور على الصراط، إنه جسر أدق من الشعرة، وأحد من السيف، وعلى جنباته شوك وكلاليب، تخطف الناس إلى قعر جهنم، التي لا تزال تزفر من تحت العباد، في هذا السباق المصيري، فيا ترى: هل ستعبريه بسلام؟ وإذا عبرتِ؛ فبأي سرعة؟ إن السرعة هنا لا تحددها قدرة التوازن، أو سرعة العدو، أو قوة التحمل، كما في الدنيا، وإنما تتحدد وفقا لما حصلته من وقود الطاعات، في دار العمل، فكلما ارتقيت في منازل العبودية عند ربك؛ كلما زادت سرعة المرور، والعكس بالعكس، عياذًا بالله. على قدر الأعمال، تكون الأنوار: وفي هذا المشهد العصيب، يلقي الله تعالى، على أهل الموقف، ظلمة حالكة السواد، فلا يستطيع أحد أن يخطو خطوة واحدة إلا بنور، فلا شمس ولا قمر، لا مصابيح ولا بطاريات، إنما هو نور الأعمال الصالحات، فوحده الذي ينفع في ذلك الموقف. تقول أمنا عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله، أين يكون الناس حين تبدل الأرض غير الأرض، والسموات، وبرزوا لله الواحد القهار؟ فقال المصطفى صلى الله عليه وسلم: (هم على الصراط) [رواه مسلم]، وفي رواية (هم في الظلمة دون الجسر). قال ابن مسعود رضي الله عنه: (فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم، يسعى بين أيديهم، ومنهم من يعطى نوره أصغر من ذلك، ومنهم من يعطى مثل النخلة بيده، ومنهم من يعطى أصغر من ذلك حتى يكون آخرهم رجلًا يعطى نوره على إبهام قدمه، يضيء مرة ويطفأ مرة، فإذا أضاء؛ قدم قدمه، وإذا أطفىء؛ قام) [صححه الألباني]. وهنا تسمع قول الله جل وعلا في كتابه الحكيم: {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِم بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُخَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [الحديد: 12]. وأما المنافقون في ذلك اليوم؛ فلهم شأن آخر، لكنه مخز مهين، يصور الله لنا مشهدهم على الصراط، فيقول: {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِن نُّورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً فَضُرِبَ بَيْنَهُم بِسُورٍ لَّهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِن قِبَلِهِ الْعَذَابُ} [الحديد: 13]. الجزاء من جنس العمل: يقول الإمام ابن القيم، رحمه الله: ( وللهداية مرتبة أخرى، وهي آخر مراتبها، وهي الهداية يوم القيامة إلى طريق الجنة، وهو الصراط الموصل إليها، فمن هدي في هذه الدار إلى صراط الله المستقيم، الذي أرسل به رسله، وأنزل به كتبه؛ هدي هناك إلى الصراط المستقيم، الموصل إلى جنته، ودار ثوابه. وعلى قدر ثبوت قدم العبد على هذا الصراط الذي نصبه الله لعباده في هذه الدار؛ يكون ثبوت قدمه على الصراط المنصوب على متن جهنم، وعلى قدر سيره على هذه الصراط؛ يكون سيره على ذاك الصراط. فمنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالطرف، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الركاب، ومنهم من يسعى سعيًا، ومنهم من يمشي مشيًا، ومنهم من يحبوا حبوًا، ومنهم المخدوش المسلم، ومنهم المكردس في النار.، ولينظر الشبهات والشهوات التي تعوقه عن سيره على هذا الصراط المستقيم، فإنها الكلاليب التي بجنبتي ذاك الصراط، تخطفه، وتعوقه عن المرور عليه، فإن كثرت هنا وقويت؛ فكذلك هي هناك {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ} [فصلت: 46][تهذيب مدارج السالكين، ابن القيم، ص(16-17)]. رحمات بعد الورود: وينتهي بنا مشهد الصراط، وما زالت رحمات الله تعالى تتوالى على عباده المؤمنين، ويحدثنا النبي الأمين صلى الله عليه وسلم، عن بعض هذه الرحمات، فيقول: (حتى إذا خلُصَ المؤمنون من النار، فوالذي نفسي بيده، ما من أحد منكم بأشد مناشدة الله من استيفاء الحق من المؤمنين يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار، يقولون: ربنا كانوا يصومون معنا، ويصلون، ويحجُّون، فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم، فتحرم صورهم على النار، فيخرجون خلقاً كثيراً، قد أخذت النار إلى نصف ساقه، وإلى ركبته. ثم يقولون: ربنا ما بقي فيها أحداً ممن أمرتنا، ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير؛ فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً. ثم يقولون: ربنا ما بقي فيها أحداً ممن أمرتنا، ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير؛ فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً. ثم يقولون: ربنا لم نذر فيها ممن أمرتنا أحداً، ثم يقول: ارجعوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير؛ فأخرجوه، فيخرجون خلقاً كثيراً، ثم يقولون ربنا لم نذر فيها خيراً، وكان أبو سعيد رضي الله عنه يقول: إن لم تصدقونى بهذا الحديث فاقرأوا إن شئتم: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِن تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِن لَّدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} [النساء: 40]. فيقول الله عز وجل: شفعت الملائكة، وشفع النبيون، وشفع المؤمنون، ولم يبق إلا أرحم الراحمين، فيقبض قبضة من النار؛ فيخرج منها قوماً لم يعملوا خيراً قط، قد عادوا حمماً، فيلقيهم في نهر في أفواه الجنة ، يقال له نهر الحياة، فيخرجون كما تخرج الحبة في حميل السيل. ألا ترونها تكون إلى الحجر، أو إلى الشجر ما يكون إلى الشمس أُصَيْفر وأُخَيْضر، وما يكون منها إلى الظل يكون أبيض ؟ فقالوا: يا رسول الله، كأنك كنت ترعى الغنم! قال: (فيخرجون كاللؤلؤ، في رقابهم الخواتم، يعرفهم أهل الجنة: هؤلاء عتقاء الله الذين أدخلهم الله الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه، ثم يقول: ادخلوا الجنة، فما رأيتموه فهو لكم، فيقولون: ربنا، أعطيتنا ما لم تعط أحداً من العالمين، فيقول: لكم عندى أفضل من هذا، فيقولون: يا ربنا أي شيء أفضل من هذا؟ فيقول: رضاي، فلا أسخط عليكم بعده أبدا) [رواه مسلم]. فتخيلي؛ أخيتي نفسك على الصراط ترى؟؟؟ كم تكون سرعتك ....؟؟؟؟ هل ستكون كالبرق، أم كالطرق، أم كالريح، أم كشد الركاب، أم...، أم....؟؟؟؟ ترى... كيف سيكون حالك مع كلاليب جهنم؟؟؟ بالطبع تحتاجي وسط هذه الظلمة نور حتى يمكنك المرور، فكيف حال نورك؟؟؟ ترى هل سيكون مثل الجبل العظيم؟ أم أقل...؟ أم مثل النخلة بيدك؟ أم أصغر؟ أم يكون على إبهام قدمك يضيء مرة ويطفئ مرة؟ كل هذه الأسئلة؛ لا يستطيع الإجابة إلا أنتِ.... فأنتِ صاحبة القرار، وأنتِ من تختاري الحالة التي ستكوني عليها؛ لأنكِ تعلمي أن هذا يتوقف على عملكِ أنتِ ... أنتِ وحدك. المصادر: · هزة الإيمان، فريد مناع. · تهذيب مدارج السالكين، ابن القيم.
خدمات المحتوى
|
تقييم
محتويات مشابهةمحتويات مشابهة/قالاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |