الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
زهرة البيت على أعتاب الجامعة |
2012-08-06 11:08
دق جرس التنبيه، واستيقظت هند من نومها، أكانت حقًّا نائمة؟ ربما أخذتها إغفاءة يسيرة وسط هذه الأفكار والخواطر المتلاحقة، التي داعبت خيالها طيلة ليلتها.ليس ذلك الصباح كسائر الأيام الماضية، إنه صباح يوم جديد لبداية عهد جديد، فاليوم تستقبل هند أول أيام دراستها في الجامعة، لقد بذلت جهدًا كبيرًا في السنوات السابقة حتى تصل إلى تلك المحطة الهامة من حياتها، والتي يتضح من خلالها إلى حدٍّ بعيد معالم مستقبلها. بابتسامة تشرق وتبرق على وجهها ألقت التحية على والدتها الحنون، طابعة على جبينها قُبلة حانية، ودعوات الأم تلاحق فلذة كبدها وحبيبتها هند بالتوفيق في حياتها الجديدة، وبنشاط وخفة هيأت هند نفسها بعدما صلَّت فرضها وتناولت فطورها، ثم دق جرس الهاتف من صديقة هند، والتي تنتظرها أسفل منزلها، وتودع هند والدتها وتخرج من منزلها. تستقل السيارة مع والدها ومعها صديقتها، تتبادلان الحديث في مرح الشبيبة، ثم تنظر هند من نافذة السيارة إلى الطريق الذي بدا وكأنه جديد لم تسلكه من قبل، وشردت ببصرها، وشرد معه ذهنها. عشرات من التساؤلات تجتاح عقلها عن حياتها الجديدة، تضع أمامها ما اختزنته الذاكرة من معلومات حول الوسط الجامعي، وبجانبه أحلام المستقبل بعد الجامعة، وتلحق بذلك أحوالها الدراسية المتوقعة، والصداقات المنتظرة في الحياة الجامعية. أوراق تختلط ببعضها في عقل هند، ولم ينتشلها من شرودها إلا صوت صديقتها تؤذنها بأنهما قد وصلتا إلى الجامعة. تنزل هند بصحبة صديقتها، وتقف أمام باب الجامعة، والذي بدا وكأنه بئر ستنزله، مع أنها قد أتت إلى ذلك المكان لتقديم أوراق التحاقها، والأحلام والتساؤلات والمخاوف تتقلب في عقلها، ودخلت هند الجامعة. أسئلة كثيرة: تمثل فترة الجامعة نقطة تحوُّل في حياة أي فتاة، ففي هذه المرحلة تتكامل مفاهيم الفتاة نحو أشياء كثيرة، وتتعرض لخبرات أكثر وأكبر مما كانت تتعرض له في مراحل الثانوية والإعدادية، ولذا نحاول في هذا المقال أن نتعرض لبعض المواضيع التي تهم أي فتاة وهي مقبلة على جامعتها. 1. المرء على دين خليله: تمثل الصحبة لأي إنسان على وجه الأرض عنصرًا هامًا من عناصر تكوين الشخصية الإنسانية، فالإنسان يولد منذ الصغر ولديه دافع قوي لإنشاء العلاقات مع الآخرين وإقامة الود معهم، بل إن الإنسان كائن اجتماعي بطبعه. ولقد بينت الكثير من الدراسات والأبحاث أثر فقدان الإنسان الصداقة والصحبة (فتتفق معظم الدراسات النفسية الحديثة على وجود صلة بين التفاعل مع الأصدقاء والتوافق النفسي والاجتماعي في كل مراحل الحياة بصفة عامة، وفي مرحلتي الطفولة والمراهقة بصفة خاصة. والأدلة التي تؤكد تلك الصلة لا تقع تحت حصر، ولعل من أهمها العواقب النفسية والاجتماعية التي تنجم عن فقدان علاقات الصداقة الملائمة، وهي عواقب تكشف عن نفسها بوضوح في حياتنا، وبوسعنا أن ندركها جميعًا، سواء أكنا متخصصين أو غير متخصصين في دراسة السلوك الإنساني. فعلى سبيل المثال؛ يشير "أرجايل" و"دك" إلى اقتران افتقاد القدر المناسب والملائم من الأصدقاء بالعديد من مظاهر اختلال الصحة النفسية والجسمية، ففيما يتصل بالصحة النفسية تبين أن الأشخاص الذين يفتقدون الصداقة يكونون أكثر استهدافًا للإصابة باضطرابات نفسية؛ منها: الاكتئاب والقلق ومشاعر الملل والسأم، وانخفاض تقدم الذات، كما يعانون التوتر والخجل الشديد، والعجز عن التصرف الكفء، عندما تضطرهم الظروف إلى التفاعل مع الآخرين. وفيما يتصل بالصحة الجسمية فقد لاحظ الأطباء ضعف مقاومتهم للأمراض الجسمية، وتأخرهم في الشفاء منها، بل وتزيد بينهم معدلات الوفاة بعد الإصابة بتلك الأمراض، بالمقارنة بالمرضى الذين يتمتعون بعلاقات اجتماعية طيبة تمده بالمساندة الوجدانية) [الصداقة من منظور علم النفس، د.أسامة سعد أبو سريع، ص(41-42)، بتصرف]. صحبة الخير يا زهرة: إن الصحبة على الرغم من أهميتها في إشباع حاجة الإنسان، إلا أنه لا ينبغي للإنسان أن يشبع حاجته للصداقة من خلال أصدقاء السوء الذي يحيدون به عن طريق الله تبارك وتعالى، فالصاحب ساحب والطباع تُسرق، ولا ينبغي لجوهرة مثلك وهي داخلة إلى الجامعة أن تصاحب أي فتاة، دون أن تتعرف على أخلاقها وآدابها وطاعتها لله عز وجل. ولتتأملي عزيزتي زهرة في قصة عقبة بن أبي معيض الذي أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلمًا، فلما علم صديقه أمية بن خلف بذلك، ذهب إلى عقبة وأخبره أنه لن يحدث حديثًا ولا يكلمه أبدًا حتى يذهب ويتفل على وجه محمد ـ صلى الله عليه وسلم، وبالفعل اتبع عقبة بن أبي معيض قول صاحبه، وذهب وتفل على وجه أشرف الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وسلم، وتحول بعدها إلى أشد أعداء المصطفى صلى الله عليه وسلم. وسيأتي الخلائق والناس يوم القيامة وهم وقوف بين يدي الله عز وجل، ويرون عقبة بن معيض يعض على أصابع يديه من شدة الندم أنه اتخذ أمية بن خلف خليلًا وصاحبًا، قال تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا} [الفرقان: 27- 29]. 2. النجاح والتفوق: ينتشر بين الفتيات بعض الأفكار عن أن الفتاة طالما أنها دخلت الجامعة وعرفت مجالها، فليس شرطًا أن تنهي الجامعة في السنوات الدراسية المعتمدة، فهناك من يمكث في الكلية ثماني سنوات للدراسة، وهذه من الأفكار الخاطئة، فالمسلمة يجب أن تسعى دائمًا إلى النجاح والتفوق في دراستها. ولا يشك عاقل في أهمية الثقافة بالنسبة للفتاة والناس كلهم بصفة عامة، فإن (العلم دافع للحياة، ومفتاح التطور والنضج وعمود السعادة والنجاح، وسبب العمل الصحيح، والحياة تقف عندما يقف التعلم، ولا يمكن أن يحقق الإنسان نجاحًا متميزًا في الحياة إلا وهو على قدر لا بأس به من العلم والثقافة، إن المعرفة هي قوة في حد ذاتها. والقاعدة العامة في التعلم هي: اعرف شيئًا عن كل شيء لتكون مثقفًا، واعرف كل شيء عن شيء لتكون متخصصًا) [صناعة الهدف، هشام مصطفى عبد العزيز – صويان شايع الهاجري، وآخرون، ص(188)]. العقل الخارق: يقول الدكتور إبراهيم الفقي: (عقلك يحتوي على أكثر من 150 مليار خلية عقلية، لو أردت أن تكتب ما في خمسين مليار خلية، لأخذ ذلك منك 4771 سنة، لو جمعت جميع كومبيوترات العالم، لكوَّنوا حوالي 15 مليار خلية، أي أن عقل الإنسان أقوى 10 مرات من جميع كومبيوترات العالم. ويُقال: إن سرعة المخ أسرع من سرعة الضوء، ويستطيع تخزين أكثر من 2 مليون معلومة في الثانية، وعيناك تفتح وتغلق 17000 مرة يوميًّا، وتستطيع تمييز 10 مليون لون في الحال، حاسة الشم عندها القدرة على التعرف على أكثر من خمسين ألف رائحة مختلفة في الحال. قلبك يدق 100 ألف مرة يوميًّا دون أن تشعر، وبالنسبة للطاقة البشرية فقد توصل أحد العلماء في شيكاغو أن طاقة الإنسان لو وصلناها ببلد تولد كهرباء لمدة أسبوع! أي أن طاقتك وحدها تساوي 85 مليار دولار، عضلاتك لو وضعت معًا وقامت بشد شيء في نفس الاتجاه تشد 25 طنًّا) [محاضرة قوانين العقل الباطن، د.إبراهيم الفقي]. فإذا كان عقلك أيتها الفتاة قد خلقه الله عز وجل بهذه القدرات والإمكانات فلاشك أن الله يريد من ذلك الإنسان أن يستغل هذا العقل بما يفيد أمته ودينه، فإن تفوقكِ في الدراسة هو من أهم الأمور التي يجب أن تحرصي عليها في دراستكِ في الجامعة، لأننا الأمة تحتاج الآن من يرفع رايتها في شتى ميادين ونواحي الحياة. وهناك قصصة عديدة لأناس استغلوا طاقاتهم وإمكاناتهم فأصبحوا عظماء (فهذه قصة امرأة اسمها "هيلين" بعد ولادتها بخمسة أشهر أُصيبت بالتهاب في الدماغ فقدت معه السمع والبصر معًا، وبعد انقضاء أربعة عشر ربيعًا مظلمًا عليها قالت بكل ثقة: سأذهب إلى جامعة "هارفارد" ذات يوم، وقد كان ما أرادت. (عمل الحياة) كانت هاتان الكلمتان هما عنوان حياة "هيلين كيلر"، هذه الفتاة فاقدة السمع والبصر، لقد صممت على أن تخرج من ضيق ظروفها إلى استخدام ما يراه الجميع مبررًا لقعودها، لقد فاجأْت أصدقاءها في مدرسة "كامبردج" للبنات بقولها: سأذهب إلى الجامعة ذات يوم، وقد تحققت أحلامها واحدة تلو الأخرى، وانتقلت من معهد "بوسكن" إلى مدرسة الصم والبكم بـ"نيويورك" إلى مدرسة "كامبردج" للبنات، إلى جامعة "كامبردج" في "هارفارد"، وكان ذلك في خريف عام 1900م، ثم تخرجت في الجامعة 1904م بدرجة ممتاز. وألَّفت كتابها الأول (قصة حياتي) التي كانت درسًا في الإرادة للإنسان في كل مكان، وتُرجم إلى خمسين لغة منها العربية، ثم ألَّفت كتابها الثاني (عالمي الخاص) عام 1908م، وأعقبتهما بكتابيها (السلام عند المساء) 1938م، و(ليكن لنا إيمان) 1941م. مارست "كيلير" (العمل للحياة) طوال حياتها الفعالة لأنها كانت تجهز نفسها للقيام به منذ طفولتها، واستمرت تقوم بهذه الرسالة حتى وافتها المنية في يونيو 1968م) [كيف أصبحوا عظماء، سعد سعود الكريباني، ص(147-149)]. ماذا بعد الكلام؟ ـ اعلمي يا زهرة أن الجامعة هي من أهم المراحل التي تمر بها الفتاة ولذا نوصيكِ ببعض الوصايا: 1. احرصي على اختيار صحبة من زميلاتكِ، وتكون هذه الصحبة خير معين على طاعة الله تبارك وتعالى. 2. لا يغرنك الكلام المعسول من بعض صديقات السوء، ولا تنساقين وراءهن في معصية الله. 3. ليكن لكِ هدفًا من الجامعة، وهو الدراسة والتفوق, وأن تكون مسلمة متفوقة في دراستك. المصادر: · الصداقة من منظور علم النفس، د.أسامة سعد أبو سريع. · كيف أصبحوا عظماء، سعد سعود الكريباني. · صناعة الهدف، هشام مصطفى عبد العزيز- صويان شايع الهاجرين، وآخرون.
خدمات المحتوى
|
تقييم
محتويات مشابهةمحتويات مشابهة/قالاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |