الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
أطفالنا والتربية أبي وأمي .. نار تتأجج!! |
2012-08-07 12:29
الكاتب:عمر إبراهيممراد وسط اللهيب: جلس الطفل الصغير مراد.. يلعب بالدمى، ويضحك ويمرح بالألعاب، التي اشتراها له والده بمناسبة العيد الجديد واليوم السعيد، عيد الفطر المبارك، ونسي الدنيا وما فيها وعاش في ملكوت وحده، حقًا ما أجمل الطفولة وما أحلاها. ولكن فجأة ..!! شق سكون الليل صوت والده المرتفع وهو يصرخ .. أنت حمقاء .. لا تفهمين .. أنت زوجة فاشلة !!!! سقطت اللعبة من يد مراد !! وانكسرت على الأرض .. وأسرع بهدوء يمشي على أطراف أصابعه .. حتى لا يسمعه أحد .. متجهًا إلى مصدر الصوت .. إلى غرفة النوم الخاصة بأمه وأبيه .. اقترب بهدوء إلى الباب الذي كان مغلقًا إلا فتحة صغيرة وقف مراد أمامها يتابع أحداث هذا المسلسل اليومي أبي وأمي نار تتأجج ... أنا حمقاء .. وصل بك الأمر أن تسبني .. والله لم يتبقى إلى أن تضربني .. أيها القاسي .. المتوحش ..!! حسنًا أنت التي طلبت ذلك .. (...................................) !!!! آه .. تضربني على وجهي .. والله لن أبقى في هذا البيت أبدًا وسآخذ الولد وأذهب لأمي. لا صحبتك السلامة .. انخرطت الأم في البكاء واتجهت إلى باب الغرفة لتغادر المكان !! فإذا بمراد الطفل المسكين واقف أمامها .. !! قد انهارت قواه وأصبح هذا هو حاله: الخوف، القلق، الاكتئاب،الفراغ، فقدان الشخصية، قضم الأظافر، مص الإصبع، اضطرابات النوم كالنوم الطويل، الأحلام المزعجة، المخاوف الليلية، ضعف التحصيل، تشتت الانتباه، الخمول، الشعور بالذنب، الخوف من المدرسة، الكذب، السرقة. ومن ثم يأخذ سلوك الطفل الطابع العدواني !!!! عزيزي المربي .. هذه الأعراض جميعًا أو بعضها يصاب بها طفلك إذا كان البيت نارًا تتأجج وإذا كانت العلاقة بين الزوجين علاقة مضطربة، ولكن الأهم من ذلك كله أن طفلك العدواني، يصبح نتيجة مؤكدة لهذا الجو الأسري المطرب. تحذير هام: الأطباء النفسيون يؤكدون تأثير الحياة الأسرية على نفسية الطفل ويربطون سلوكه العدواني بالأسرة المفككة !! فالأسرة تعتبر الأسرة العامل الأول في تربية التنشئة الاجتماعية للفرد والتي تكون شخصية وتحدد سلوكه ومبادئه، وتسهم بأثر كبير في القصور الاجتماعي والثقافي للطفل، وللأسرة وظيفة اجتماعية نفسية هامة لكونها المدرسة الاجتماعية الأولى للطفل، وتسهم في إشباع رغباته النفسية وإنشاء البناء النفسي السليم فالسنوات الأولى هي التي تشكل توافقه النفسي السليم، أما إذا تعرض إلى خبرات وتجارب مؤلمة، فإن ذلك يؤثر على نظرة الطفل المستقبلية وقدراته على التحمل وحل مشاكله، وقد تؤدي إلى التأثير السلبي على شخصيته فتجعله عرضة للإصابة بالأمراض النفسية: • فالعلاقة بين الوالدين إذا كانت سيئة وخالية من المودة والحب تؤدي إلى تفكك الأسرة، مما يخلق جوًا غير صحي يؤدي إلي نمو الطفل نموًا نفسيًا غير سوي، حيث يشيع الاضطراب وتظهر أنماط من السلوك غير السوي، كالغيرة والأنانية وحب الشجار وعدم الاتزان الانفعالي وعدم احترام الآخرين والتعاون معهم. • الرفض والإهمال يؤديان إلى الشعور بعدم الأمان والوحدة أو رد الفعل العدائي والغاضب والتمرد وعدم القدرة على تبادل المشاعر والعصبية. • أكدت دراسة اجتماعية أمريكية أن المشاكل الاقتصادية، والخلافات الزوجية والنمط الغذائي غير المتوازن من أهم أسباب إصابة الأطفال بمرض النشاط العدواني الزائد، وأن نسبة إصابة الذكور بالمرض أكثر من الإناث، وذكرت الدراسة أن 98% من هؤلاء الأطفال يعانون ضعف التركيز، وأن 31% منهم يعانون من تعثر بالدراسة. • وأضاف الخبراء أن المؤشرات الأولية أظهرت أن المشاكل الاقتصادية والخلافات الزوجية من أهم أسباب الإصابة بالنشاط الزائد، مشيرة إلى أن التمييز في التعامل بين الأبناء يلعب دورًا واضحًا في العديد من الحالات [مجلة الجزيرة]. والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: ما سر العلاقة بين السلوك العدواني للطفل والأسرة المفككة؟؟ السلوك العدواني هو سلوك تعويضي، أي أنه سلوك يهدف الطفل من خلاله أن يعوض نفسه عن شيء ما !! وهل هناك شيء يستحق التعويض أكثر من فقده للحنان والرحمة و المودة والأمان. هذا الطفل الذي يعيش في جو أسري مضطرب لا يمكن أن يكون سعيدًا، وكل ما يرى من مشاجرات ومنازعات بين أباه و أمه يشعر بالألم والضيق و الضجر وهو بالطبع لا يستطيع أن يفجر هذا الضيق في وجه أبيه أو حتى أمه، ولذلك يخرج هذا الضيق في صورة سلوك عدواني يوجهه إلى نفسه أو إلى الآخرين. الطامة الكبرى: ولك أن تتخيل أيها الوالد إذا تطورت الخلافات بين الزوجين إلى طلاق وانفصال، (فلقد كان معدل الانفصال منذ 25 عام ضئيلًا جدًا لدرجة لم تجعله يحظى بالانتباه والاهتمام الكثير، ولكن الأمر قد اختلف في وقتنا الحاضر، فلقد علمنا الكثير عنه، فالطلاق يؤذي مشاعر الطفل مما ينعكس بالسلب على الطفل نفسه في بعض الأحيان، فالطفل يشعر بالضياع والرفض والهجر والوحدة والغضب، لذا يرى معظم الملاحظين أن هناك ارتباطًا بين ارتفاع معدل الطلاق، وزيادة معدل الانضمام للعصابات، والإدمان والتهرب من التعليم. يرتبط الطفل نفسيًا بكلا الوالدين، فعندما ينفصلا ويشعر الأطفال أنهم فقدوا نصف ذواتهم، وتنتابهم مشاعر الفقدان، والرفض والهجر التي تدمر قدراتهم على التركيز في الدراسة، وعندما يشعر الأطفال أنهم فقدوا نصف ذواتهم. وتزداد هذه المشاعر غير الصحية, وعندما يتشاجر أو يقلل أحد الوالدين من شأن الآخر، أو يتفوه أحدهما بألفاظ نابية للآخر أمام أطفالهما يسبب ذلك نوعًا من القلق لدى الأطفال من صفات الإكتئاب تلك التي تتولد بداخلهم. إن الغضب والعدوانية هما بمثابة ردود أفعال طبيعية للانفصال بين الآباء, بالإضافة أن التغيير يخيف الأطفال، فعادة ما يأخذ أحد الآباء الأطفال ويترك البيت، وربما ينتقلون للعيش مع أحد الأقارب، أو بأحد الأحياء الفقيرة، وهذا يعني بالنسبة لكثير من الأطفال الانتقال إلى بيت جديد ومدرسة جديدة وأصدقاء جدد وضغوط جديدة، بالإضافة إلى فقدان أحد الأبوين، وتغيير تام في أسلوب الحياة) [كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك، سال سيفر، ص289-293، بتصرف واختصار]. كيف السبيل؟ (من الذي ترضى سجاياه كلها كفى بالمرء فخرًا أن تُعد معايبه فالخلافات الزوجية سوف تستمر، شئنا أم أبينا، ولقد اعتبرها البعض من عوامل الصحة في الحياة الزوجية، لكن ليس كل خلاف زوجي هو خلاف صحي، بل هناك خلافات هدامة، وذات أثر سيئ على الأبناء، وهي تلك التي تعلوا فيها الأصوات، وتقذف فيها الكلمات الجارحة من أحد الأطراف، في وجه الآخر. ومن أجل استيعاب المشاكل الزوجية والسيطرة عليها، وحصرها في نطاق ضيق لابد من التنبيه على عدة أمور: 1. التزام حدود الشرع, وحدود الأدب العام عند أي خلاف زوجي، فلا تعلوا الأصوات، ولا يتبادل الزوجان الاتهامات أمام الأبناء الكلمات الجارحة، ومن باب أولى يبتعدان عن علو الأيدي والإشارات. 2. ينبغي إخفاء ما يمكن إخفاؤه من الخلافات عن الأبناء، واحترام عقلية الأبناء وعدم الكذب عليهم حين يسمعون من خلف الأبواب تراشق الزوجان بالتهم، وإذا علم الأبناء بوجود خلاف بين الزوجين، وكان ظاهرًا للعيان ينبغي أن يصارحهما أن أي اثنين في الدنيا يمكن أن يختلف مع بعضهما البعض حول أمور الحياة، لكن هذا الخلاف (لا يفسد للود قضية) كما يقال، وأنهم يحبان بعضهما البعض. 3. يجب الحذر من أن يمثل أحد الزوجين أمام الأبناء دور الضحية وأنه مظلوم، وأن الطرف الآخر دائمًا يتهمه بالباطل، فهذا أمر خطير، لأنه يجب أن ينظر الأبناء إلى الآباء والأمهات على أنهم القدوة، وعلى كل طرف أن يمتدح الطرف الآخر أمام الأبناء، فالأم تمتدح الأب أمامهم، وإن كانت على خلاف معه، وتقول للأبناء (إنه أحسن أب), والأب يثني على الأم ويقول للأبناء (إن أمكم أم عظيم, وإنها تتعب كثيرًا من أجلنا). 4. المرجعية الشرعية: يجب أن يتفق الزوجان على حل أي خلاف بينهما في ضوء تعاليم الإسلام، وأن يسألا أهل الاختصاص والفتوى. 5. عدم الاختلاف أمام الأبناء في أسلوب التربية: وذلك حتى لا يتشتت الأبناء ويفقدا الثقة في تربية الوالدين لهما) [كيف تصبح أب، عادل فتحي عبد الله، ص(82-84)، بتصرف واختصار)]. إن الطفل السعيد هو الذي يعيش في جو أسري هادئ، وفي ظل أبوين يتخاطبان باتزان وروية، وبدون انفعالات شديدة، بعيدًا عن العصبية ومظاهر التشنج، أما الطفل الذي ينشأ في ظل أسرة متوترة لا بد أن تتوتر أعصابه، ويصاب بالقلق منذ المراحل الأولى في عمره، ويرافقه ذلك في مختلف مراحل حياته، وما أكثر مشكلات الأطفال التي يكون سببها علاقة الوالدين المضطربة، وهو ما يجعله مضطربًا هو أيضًا، فالطفل كالنبات يحتاج إلى الرعاية والتعهد بالماء، والغذاء، والهواء، والشمس، ليصبح شجرة كبيرة، تخرج الثمار الناضجة، التي تنفع الناس. المراجع : 1. العلاقة بين الوالدين و أثرها على نفسية الأطفال د/ مجدي حامد. 2. كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك، سال سيفير. 3. كيف تصبح أب، عادل فتحي عبد الله. 4. مجلة الجزيرة.
خدمات المحتوى
|
تقييم
الاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |