الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
البيت السعيد ثلاثة رغبوا عن سنتي |
2012-07-29 05:51
قال الأول: إني أصلي الليل أبداً.وقال الثاني: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال الثالث: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. عزيزي القارئ [القارئة]: إن من الأهداف الأخروية للزواج هو التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم واتباع سنته الشريفة، وبين يديكم قصة غريبة لثلاثة من النفر فتعالوا معنا لنعرف طريقة تصور هؤلاء للحياة والزواج، وكيف رد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ليصحح هذه التصورات العجيبة. قصة الثلاثة: روى البخاري ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال: [[جاء ثلاثة رهط إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فلما أخبروا كأنهم تقالُّوها - أي عدوها قليلة-، فقالوا: وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم قد غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبداً. وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر. وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: [[أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله، إني لأخشاكم لله واتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي، وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني]]. [رواه البخاري] ولنا مع هذه القصة وقفات: 1- قد يخيل للإنسان في لحظة من لحظات يقظته الروحية أن يتبتل وينقطع عن كل شأن من شئون الدنيا، فيقوم الليل، ويصوم النهار، ويعتزل النساء، ويسير في طريق الرهبانية المنافية لطبيعة الإنسان، فيعلمه الإسلام أن ذلك مناف لفطرته، ومغاير لدينه، وأن سيد الأنبياء -وهو أخشى الناس لله واتقاهم له- كان يصوم ويفطر ويقوم وينام، ويتزوج النساء، وأن من حاول الخروج عن هديه فليس له شرف الانتساب إليه. 2- تفيد إجابة الرسول صلى الله عليه وسلم أن الإنسان مكون من جانبين جسد وروح، فالروح لها غذاؤها من العبادة والصلاة والصوم، والجسد له غذاؤه من الطعام والشراب والزواج وغير ذلك من متطلبات حياة الجسد واستمرار بقاءه. وفي الحديث إفادة أن الزواج عبادة روحية جسدية؛ لأن الثلاثة جاءوا يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم ونرى أن رسول الله جعل الزواج كالصلاة والصوم في المرتبة، فمن لم يتزوج النساء وبه لهن حاجة، فإنما هو خارج عن سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم. 3- الزواج سنة مؤكدة لقوله صلى الله عليه وسلم [[فمن رغب عن سنتي فليس مني]]. وهو من سنن الأنبياء وهدي المرسلين وهم القادة الذين يجب علينا أن نقتدي بهداهم، انظر إلى قوله تعالى في سورة الرعد: [[وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً ]][الرعد: 38] وعن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 'أربع من سنن المرسلين الحياء والختان و التعطر والسواك والنكاح'حديث حسن رواه الترمذي. إن الزواج من أحب الأشياء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الدنيا، فقال صلى الله عليه وسلم: [[حبّب لي من دنياكم ثلاث: الطيب، والنساء، وجُعلت قرة عيني في الصلاة]]رواه أحمد و النسائي. وقال صلى الله عليه وسلم: [[النكاح سنتي، فمن أحب فطرتي فليستن بسنتي]] [أخرجه أبو يعلى من حديث بن عباس رضي الله عنه]. ومن حديثه أيضاً صلى الله عليه وسلم أنه قال: [[تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة]] أخرجه البخاري. وفي رواية: [[فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة]] أخرجه أبو داود. فمن يحب الرسول صلى الله عليه وسلم سار على نهجه وسنته، وزيادة أبناء المسلمين الموحدين بالزواج. وكل دعوة ضد الزواج أو التقليل من شأنه فهي دعوة جاهلية وهروب من المسئولية، وخروج عن الفطرة والمألوف ومكارم الأخلاق، ويحرم أن يتركه الإنسان تعبداً لأنه رغبة عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, ويجب النكاح على من يخاف الزنا بتركه، فمن خاف على نفسه الزنا واحتاج إلى الزواج قدّمه على الحج الواجب الذي هو الركن الخامس من أركان الإسلام. الزواج والصحة النفسية: إن من مظاهر الصحة النفسية هي الاستقرار الجنسي حيث يجد الإنسان الإشباع الجنسي مع شخص واحد بالأسلوب المشروع [الزواج]. وتأمل معنا أيها القارئ من الآراء الغريبة التي تنافي الطبيعة البشرية وشرعنا الحنيف، منها رأي 'فرويد' عالم النفس الشهير، الذي يرى أن الإنسان يولد مزوداً بطاقة غريزية قوية أطلق عليها اسم [[الليبيدون]] ومعناها الغريزة الجنسية، وقد اعتبرها المحرك الأساسي لسلوك الإنسان، ونحن نقول: أن هذا غير صحيح لأن الجانب النفسي أو الغريزي في الإنسان ما هو إلا جزء من حياته وسلوكه وليس كل الحياة أو السلوك البشري. ويرى 'فرويد' أن القلق والحرمان هي أسباب رئيسية للمرض النفسي والمشكلة أنه يرجع هذا القلق والحرمان إلى سبب رئيسي وهو كبت دوافع الغريزة الجنسية وإحباطها وعدم إشباعها، ومحور الحرمان هو الحرمان من الناحية الغريزية [طاقة الليبيدو]. ونحن نرد أيضاً على هذه النظرية الخاطئة؛ لأن معنى ذلك أن الإنسان يتساوى مع الحيوان في جعل الغريزة الجنسية في المرتبة الأولى. ويقول 'فرويد' أيضاً: [إن الإنسان لا يحقق ذاته بغير الإشباع الجنسي، وكل قيد من دين وأخلاق أو مجتمع أو تقاليد، فهو قيد باطل ومدمر لطاقات الإنسان، وهو كبت غير مشروع]. إن هذه الآراء الخاطئة تحول وجه الأرض إلى ماخور يفغر فاه لكل فتى وفتاة، وإلا فمن أين تأتي كثرة الانتحار المخيف، والقلق والتمزق الأسري ومرض الإيدز؟ ذلك الشبح المخيف، الذي جاء نتيجة طبيعية للممارسة الجنسية المنحرفة والشذوذ الساقط. قال عليه الصلاة والسلام: [[ما نقص قوم العهد إلا كان القتل بينهم، ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلّط الله عليهم الموت]] رواه البزار. الإسلام يريد مجتمعاً طاهراً نظيفاً، مجتمعاً تؤدى فيه كل الوظائف الحيوية وتُلبى فيه كل دوافع الفطرة، ولكن بغير فوضى ترفع الحياء الجميل، وبغير التواء يقتل الصراحة النظيفة، مجتمعاً يقوم على أساس الأسرة الشرعية المتينة وعلى البيت المستقيم الواضح المعالم.
خدمات المحتوى
|
تقييم
محتويات مشابهةمحتويات مشابهة/قالاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |