شـبـكــة عـمّـــار
إخبارية - ترفيهية
- تعليمية



جديد الصور
جديد الأخبار
جديد المقالات


جديد الصور

جديد البطاقات

جديد الصوتيات

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

 
Dimofinf Player
مزالق في طريق الطلب

2012-08-03 05:00


كما أن السائر في طريق الله، والذي يبدأ حياة طلب العلم الشرعي، لا ينتفع بهذا العلم على الحقيقة إلا بالتزامه بآدابه وأخلاقه، فكذا يلزمه معرفة مزالق وآفات هذا الطريق؛ ليكون منها على بينة وحذر، فالعلم بهذه الآفات حتم لازم لكل سائر إلى الله والدار الآخرة.
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: (السائر إلى الله والدار الآخرة، بل كل سائر إلى مقصده، لا يتم له سيره، ولا يصل إلى مقصوده إلا بقوتين؛ قوة علمية، وقوة عملية، فبالقوة العلمية يبصر منازل الطريق، ومواضع السلوك؛ فيقصدها سائرًا فيها.
ويجتنب أسباب الهلاك ومواضع العطب، وطرق المهالك المنحرفة عن الطريق الموصلة، وبالقوة العملية يسير حقيقة، بل السير هو حقيقة القوة العملية؛ فإن السير هو عمل المسافر.
وكذلك السائر إلى ربه، إذا أبصر الطريق وأعلامها، وأبصر المعاثر والوهاد والطرق الناكبة عنها؛ فقد حصل له شطر السعادة والفلاح، وبقي عليه الشطر الآخر، وهو أن يضع عصاه على عاتقه، ويشمر مسافرًا في الطريق قاطعًا منازلها منزلة بعد منزلة) [طريق الهجرتين، ابن القيم، ص(171)، بتصرف].
والغفلة عن هذه المزالق توقع السائر في طريق الله في أمراض مهلكات، (تقطعه عن مطلوبه من نيل رضا الله تعالى، ورفعة الشأن عنده سبحانه في الدنيا والآخرة، ولأجل ذلك فقد تواترت كتب العلماء رحمهم الله في بيان هذه المزالق، والتحذير من تلك الآفات؛ حتى يستطيع كل شاب يريد أن يبدأ حياة طلب العلم الشرعي أن يكون منها على حذر، وأن يقي نفسه من شرها) [وقل ربي زدني علمًا، هشام مصطفى عبد العزيز].
فمن أنواع المزالق، مزالق طالب العلم مع نفسه، ومنها:
تعلم العلم لغير الله تعالى:
تعلم العلم لغير الله هو أخطر المزالق المهلكة في طريق طلب العلم، وهو أن يكون الباعث له على التعلم إرادة غير الله تعالى، سواء أكان طلب جاه، أو مال، أو منصب، أو رياء وسمعة، أو غير ذلك من عرض الدنيا الرخيص.
خطورته:
وأخطر نتيجة لهذه الآفة أنها إذا تمكَّنت من السائر في طريق العلم؛ فإنها تحرمه من دخول الجنة، وتودي به في جهنم عياذًا بالله تعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من تعلم علمًا يُبتغى به وجه الله U، لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا؛ لم يجد عرف الجنة يوم القيامة)[صححه الألباني في صحيح سنن أبي داود، (3664)].
وقال صلى الله عليه وسلم: (لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء، أو تماروا به السفهاء، ولا لتجترئوا به المجالس، فمن فعل ذلك فالنار النار)[صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، (250)].
ولأجل ذلك، فقد كان السلف رحمهم الله تعالى يحذِّرون أشد الحذر من تعلم العلم لغير وجه الله تعالى.
قال سفيان الثوري رحمه الله: (العالم طبيب الدين ما لم يجلب الدنيا بعلمه، فإذا جلب الدنيا بعلمه؛ فقد جلب الداء إلى نفسه، وإذا جلب الداء إلى نفسه؛ فكيف يطب غيره؟) [تنبيه المغترين، الشعراني، ص(119-120)].
(وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: أخوف ما أخاف عليكم عالم باللسان جاهل القلب، وقال الحسن البصري رحمه الله: عقوبة العلماء تكون بموت قلوبهم، وموت قلوبهم يكون بطلبهم الدنيا بعمل الآخرة؛ فيتقربون بذلك عند أبناء الدنيا) [العقد الفريد، ابن عبد ربه، ص(55)].
(وقال الفضيل بن عياض رحمه الله: لو صحت النية في العلم؛ لم يكن عمل أفضل منه، لكنهم تعلموه لغير العمل به، وجعلوه شبكة لصيد الدنيا.
ويقول رحمه الله: لولا نقص دخل على أهل القرآن والحديث؛ لكانوا خيار الناس، ولكنهم اتخذوا علمهم حرفة ومعاشًا؛ ولذلك هانوا في ملكوت السماوات والأرض.
وعن عمر بن ذر أنه قال لوالده: يا أبي، مالك إذا وعظت الناس أخذهم البكاء، وإذا وعظهم غيرك لا يبكون؟ فقال: يا بني، ليست النائحة الثكلى مثل النائحة المستأجرة) [تنبيه المغترين، الشعراني، ص(31)].
ومن مظاهر تعلم العلم لغير الله:
(1) الجرأة على الفتوى:
إن الشاب لابد له ألا يتكلم فيما لا يعلم، فإذا جاءك أحد ليسألك عن شيء وأنت لا تعرفه، فلا تتحرج من أن تقول له: لا أعرف، ألم تسمع إلى حبيبك وهو يقول: (إياكم وكثرة الحديث عني، فمن قال عليَّ؛ فليقل حقًّا أو صدقًا، ومن تقول عليَّ ما لم أقل؛ فليتبوأ مقعده من النار) [حسنه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، (35)]، ويقول صلى الله عليه وسلم: (من أُفتِيَ بغير علم؛ كان إثمه على من أفتاه) [حسنه الألباني في صحيح سنن أبي داود، (3657)].
(2) لا تتشبع بما لم تعط:
وهي أن يدَّعي المرء في نفسه ما ليس أهلًا له، من منزلة في العلم بالكتاب والسنة، ومعرفته بكتب العلماء، ودقيق المسائل العلمية؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المتشبع بما لم يعط؛ كلابس ثوبي زور)[متفق عليه].
وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يظهر الإسلام حتى تختلف التجار في البحر، وحتى تخوض الخيل في سبيل الله، ثم يظهر قوم يقرءون القرآن، يقولون: مَنْ أقرأ منا؟ من أعلم منَّا؟ من أفقه منا؟
ثم قال لأصحابه: هل في أولئك من خير؟ قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: أولئك منكم من هذه الأمة، وأولئك هم وقود النار) [حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، (135)].
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: (وليحذر كل الحذر من طغيان (أنا) و(لي) و(عندي)، فإن هذه الألفاظ الثلاثة ابتُلي بها إبليس وفرعون وقارون، وأحسن ما وضعت (أنا) في قول العبد: أنا العبد المذنب المخطىء المستغفر المعترف ونحوه، و(لي) في قوله: لي الذنب، ولي الجرم، ولي المسكنة، ولي الفقر والذل، و(عندي) في قوله: اغفر لي جدي وهزلي، وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي) [زاد المعاد، ابن القيم، (2/475)].
قال أبو عمر بن عبد البر رحمه الله: (ومن أدب العالم ترك الدعوى لما لا يحسنه، وترك الفخر بما يحسنه، إلَّا أن يضطر إلى ذلك كما اضطر يوسف عليه السلام حين قال: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ} [يوسف: 55].
وذلك أنه لم يكن بحضرته من يعرف حقه؛ فيثني عليه بما هو فيه، ويعطيه بقسطه، ورأى أن ذلك المقعد لا يقعده غيره من أهل وقته؛ إلا قصَّر عمَّا يجب لله القيام به من حقوقه، فلم يسعه إلا السعي في ظهور الحق بما أمكنه.
فإذا كان ذلك جائزًا؛ فجائز للعالم حينئذ الثناء على نفسه، والتنبيه على موضعه، فيكون حينئذ يحدِّث بنعمة ربه عنده على وجه الشكر لها، وأفضح ما يكون للمرء دعواه بما لا يقوم به) [جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، ص(193-194)].
(وقال الإمام ابن دقيق العيد رحمه الله:
يقولون هذا عندنا غير جائز! ومن أنتم حتى يكون لكم (عندُ)!) [السلوك لمعرفة دول الملوك، المقريزي، (1/293)].
وقال الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله: (إياك و(حلم اليقظة)، ومنه بأن تدعي العلم لما لم تعلم، أو إتقان ما لم تتقن، فإن فعلت، فهو حجاب كثيف عن العلم.
واحذر أن تكون (أبا شبر)، فقد قيل: العلم ثلاثة أشبار، من دخل في الشبر الأول تكبر، ومن دخل في الشبر الثانى تواضع، ومن دخل في الشبر الثالث؛ علم أنه ما يعلم.
واحذر ما يتسلى به المفلسون من العلم؛ يراجع مسألة أو مسألتين، فإذا كان في مجلس فيه من يشار إليه، أثار البحث فيهما ليظهر علمه! وكم في هذا من سوءة، أقلها أن يعلم أن الناس يعلمون حقيقته) [حلية طالب العلم، بكر أبو زيد، ص(32)].
ماذا بعد الكلام؟
يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: (لا يجتمع الإخلاص في القلب، ومحبة المدح والثناء، والطمع فيما عند الناس، إلا كما يجتمع الماء والنار، والضب والحوت.
فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص؛ فأقبل على الطمع أولًا؛ فاذبحه بسكين اليأس، وأقبل على المدح والثناء؛ فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح؛ سهل عليك الإخلاص، فإن قلت: وما الذي يسهل عليَّ ذبح الطمع، والزهد في الثناء والمدح؟
قلت: أما ذبح الطمع، فيسهله عليك علمك يقينًا أنه ليس من شيء يطمع فيه إلا وبيد الله وحده خزائنه، لا يملكها غيره، ولا يؤتي العبد منها شيئًا سواه؛ فاطلبه من الله.
وأما الزهد في الثناء والمدح؛ فيسهله عليك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويزين، ويضر ذمه ويشين، إلا الله وحده، كما قال ذلك الأعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم: إن مدحي زين، وإن ذمي شين، فقال: (ذاك الله) [صححه الألباني في صحيح سنن الترمذي].
فازهد في مدح من لا يزينك مدحه، وفي ذم من لا يشينك ذمه، وارغب في مدح من كل الزين في مدحه، وكل الشين في ذمه، ولن يقدر على ذلك إلا بالصبر واليقين، فمتى فقدت الصبر واليقين؛ كنت كمن أراد السفر في البر في غير مركب؛ قال تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} [الروم: 60]) [الفوائد، ابن القيم، ص(149)].
المصادر:
· الفوائد، ابن القيم.
· حلية طالب العلم، بكر أبو زيد.
· زاد المعاد، ابن القيم.
· طريق الهجرتين، ابن القيم.
· تنبيه المغترين، الشعراني.
· العقد الفريد، ابن عبد ربه.
· جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر.
· السلوك لمعرفة دول الملوك، المقريزي.

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 856


+++

خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


تقييم
1.00/10 (4 صوت)

محتويات مشابهة

محتويات مشابهة/ق

الاكثر تفاعلاً

الافضل تقييماً

الاكثر مشاهدةً

الاكثر ترشيحاً

الافضل تقييماً/ق

الاكثر مشاهدةً/ق

الاكثر ترشيحاً/ق


Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.