الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
أطفالنا والتربية طفلك ورمضان |
2012-08-06 11:14
الكاتب:عمر السبع1. الطفل والقرآن: يقول الشافعي رحمه الله: حفظتُ القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظتُ الموطأ وأنا ابن عشر. ويقول سهل بن عبد الله التستري: فمضيتُ إلى الكتاب فتعلمتُ القرآن وحفظته وأنا ابن ست سنين أو سبع سنين. وقال إبراهيم بن سعيد الجوهري: رأيتُ صبيًّا ابن أربع سنين قد حُمل إلى المأمون قد قرأ القرآن ونظر في الرأي غير أنه إذا جاع يبكي. أخي المربي: أَمُحَالٌ أن نصل بأبنائنا إلى هذا المستوى أم أن ما يروي لنا الرواة من أحاديث وآثار صحيحة أضغاث أحلام أو غرائب وخرافات؟ أخي المربي: إن هذا القرآن نور يضعه الله تعالى في صدور أوليائه وأصفيائه، ويرفع الله تعالى به أقوامًا، ويضع آخرين، وبه يرتقي العبد في دَرَج الجنة ما شاء الله له أن يرتقي ما دام يقرأ ويرتل. أخي المربي: لا يخفى عليك فضل القرآن ولا ثوابه ولكن.. هل فكرت يومًا أن يكون طفلك حاملاً للقرآن في صدره؟ هل وضعت حفظ القرآن هدفًا أساسيًّا من الأهداف التي تخططها لطفلك وتبذل لها كل وسعك وجهدك ومالك؟ هذا هو الفارق بيننا وبين من سلف، نعم إن السلف كانوا يضعون القرآن في أولويات أهدافهم لهذا فازوا به وربحوا بحفظه، وتجد أطفالهم وهم صغار أبناء الأربع والخمس والست سنوات يحفظون كتاب الله تعالى عن ظهر قلب. أما نحن فتأخرنا وتأخر أبناؤنا لأننا جعلنا القرآن في ذيل القائمة وفي مؤخرة الأولويات، أو أنه صار بالنسبة لنا شيئًا جميلاً ولكنه ليس ضروريًّا وحيويًّا. احذر عزة القرآن: عزيزي المربي: آية في كتاب الله تخيف كل من هجر القرآن أو جعله في مؤخرة اهتماماته قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} [فصلت:41]. نعم أخي المربي هذا القرآن عزيز إن لم تذل له عمرك ووقتك ومالك وجهدك فلن يبذل هو لك شيئًا.. عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. وعزته هذه إنما هي مقتبسة من أنه صفة من صفات الرحمن الذي هو عزيز وغني عن العالمين. لذلك كان لابد من بذل الجهد وتشمير الساعد حتى نفوز نحن وأبناؤنا بالقرآن. ولقد أفردتُ مقالة للقرآن بعنوان "كيف نحبب القرآن إلى نفوس أبنائنا" ونحن اليوم استكمالاً لمسيرتنا في التربية الروحية وسعينا إلى الرقي بأبنائنا إلى الربانية الحقة نذكر بعض الوسائل العملية والمحاذير التربوية التي تمكن طفلك من حفظ القرآن وربطه به جيدًا. الوسائل العملية لحفظ القرآن الكريم: 1ـ اجعل القرآن على قائمة أولوياتك وفي مقدمة اهتماماتك. 2ـ كن أنت قدوة لطفلك بأن يكون لك أنت ورد يومي من قراءة القرآن وحفظه وكذلك لابد أن تكون زوجتك هي الأخرى قدوة لطفلك. 3ـ من خلال ربط الولد بالمرشد الرباني سيقوم هو بتحفيظه والاهتمام به في القرآن، سواء كان الشيخ يأتي إلى البيت أو الطفل يذهب إلى المسجد، وإن كان الأفضل أن يذهب الطفل إلى المسجد ليستشعر هيبة القرآن وعظمة المسجد وروحانية مجلس القرآن، ولتثقل روح المنافسة بينه وبين أقرانه. 4ـ اشتر له مصحفًا صغيرًا يحتوي على معاني الكلمات، وعلِّمه ألا يفارق المصحف جيبه، فيذهب به إلى المدرسة ويقرأ فيه كلما تسنى له ذلك في وسائل المواصلات أو في الفوارق بين الحصص. 5ـ اجعل لبيتك مجلسًا للقرآن في صباح كل يوم ولو كان نصف ساعة يوميًّا تقرأ فيه الأسرة بأكملها ولو كل فرد يقرأ آية أو آيتين، ثم تجتمع الأسرة بعد ذلك عند كل ختمة للدعاء والثناء على الله. 6ـ أوقد روح المنافسة بين أطفالك بأن تجعل جائزة كبيرة لمن يختم القرآن أكبر عدد من المرات خلال الشهر. 7ـ في نهاية حفظ كل جزء من القرآن اشتر لطفلك هدية واذهب معه في رحلة خلوية إلى البحر أو الملاهي كنوع من الاحتفال بانتهائه من هذا الجزء بحيث يرتبط بذهنه أنه في نهاية كل جزء سيقام له حفل توزع الجوائز، وبهذا تشحذ همته وتزداد عزيمته ويكون أمر الحفظ إليه محببًا وسهلاً. 8ـ إن لم تستطع أنت القيام بهذه البرامج لضيق الوقت وكِّل غيرك ليقوم بها سواء كانت أمه أو قريبه أو شيخه أو أستاذه. 9ـ ادفع طفلك إلى الاشتراك في المسابقات التي تُجرَى على مستوى المدرسة أو على مستوى المحافظة أو البلد ليكون ذلك دافعًا له للمراجعة وتثبيت الحفظ. 10ـ احكِ له قصص السلف وكيف أنهم حفظوا القرآن في سن صغير وكانوا أئمة وعلماء. 11ـ اشتر له مجموعة من الشرائط التي تعلم التجويد واجعلها في بيتك يستمع إليها الطفل ويردد خلفها. 12ـ اذهب به إلى المساجد لحضور مجالس القرآن خاصة عندما يكون هناك طفل أو شاب سيختم القرآن حفظًا.. فحضور ختمة القرآن تثير في النفس الغيرة وتشعل روح المنافسة والرغبة في اللحاق بمن سبق. 13ـ حفِّظه الأناشيد التي تتكلم عن فضل القرآن وتلاوته وحفظه، واجعله يرددها ويسمعها في كل فترة خاصة في حفلات الختمة أو الانتهاء من حفظ الجزء فيجتمع الأطفال والآباء في هذه الحفلات ويسمعون الأناشيد التي تتكلم عن فضل القرآن. 14ـ حفِّظْه الآيات التي تتكلم عن فضل القرآن وكذلك الأحاديث، واجعله يكتبها بخط عريض في لوحة ويضعها في غرفته حتى يتذكرها دائمًا وتكون نصب عينيه. 15ـ عَلِّمْه أن يبدأ مذاكرته بقراءة ربع أو أقل من القرآن، وذكِّره أن للقرآن بركة وسيكون سببًا في نجاحه وتفوقه. 16ـ قدِّمْه إلى إذاعة المدرسة ليقرأ القرآن للناس ويسمعهم الأناشيد التي تتكلم عن فضل القرآن. 17ـ إذا أتم حفظ مجموعة من الأجزاء فَوِّضْ إليه مهمة تحفيظ الأصغر منه والأقل منه حفظًا ليتعلم أن هذا العلم لابد من تبليغه وتعليمه للناس. 18ـ عَوِّدْه أن ينام على جنبه اليمين بعد أن يقول الأذكار، وأن ينام بجانبه صوت القرآن الكريم ليكون آخر ما يسمعه. 19ـ وكذلك عندما يصحو من النوم اجعل أول ما يفعله بعد الأذكار قراءة ولو صفحة من القرآن واجعل هذا عادته. 20ـ والخلاصة أن تجعله يصحو وينام على القرآن ولا يفارق المصحف يده، عندها نأمل أن يكون من أهل القرآن الذين هم أهل الله وخاصته. 2. الطفل والعبادة: العلم بالتعلم: نعم العلم بالتعلم والصبر بالتصبر والحلم بالتحلم، إن العادة لها أثر كبير في ترسيخ العبادة عند الطفل. لذلك قال بعض السلف: تعودوا الخير فإن الخير عادة. فالعبادة إن تحولت عند الطفل إلى عادة لم يقدر مفارقتها وصارت سلوكًا لا ينفك عنه أبدًا. تمامًا كالعادة السيئة التي ترتبط بالطفل إذا أردنا انتزاعها بذلنا جهدًا كبيرًا يستغرق شهورًا وربما أعوامًا. واستقرار العبادة عند الطفل حتى تصير عادة هو الذي يولد عنده بعد ذلك يقظة الضمير الذي يؤنبه كلما أخطأ ويزعجه كلما تهاون لأنه عاش وتعود على الخير، فإن ألمت به لمة شر تضايق وشعر بالتناقض وأنه لابد أن يعود. غراس الخير لا يفسد فأي معنى جميل أو سلوك قويم أو كلمة صالحة طيبة تغرسها في نفس طفلك منذ الصغر فإن هذا الغراس لا يفسد ولا يخسر أبدًا، بل إنه سيظل رصيدًا يستمد منه طفلك طاقته الإيمانية وسيظل ظلاًّ يستظل تحته كلما ألمت به همزات الشياطين ونكبات المعاصي. فالطفل الذي تربى في بيت يعرف لله حقه، تربى في بيت يُصلي فيه لله تعالى وتقام فيه فرائضه وتجتنب فيه نواهيه، هذا الطفل سيظل محتفظًا في جعبته برصيد من الفطرة والنزعة للتدين ويقظة الضمير ما تجعله أوابًا رجاعًا لله تعالى، وتجعله مهما بعد أو أثرت عليه نكبات الطريق من رفقاء السوء أو الإعلام المفسد أو القدوة السيئة سيظل ثمة نداء داخلي ينادي عليه أن يا بني "ارجع إلى الله". هذا النداء لن يتولد في نفس الطفل ويشتد عوده ويقوى إلا أن يكون غراس الخير فيه عظيمًا وتعوُّد الخير عنده كبيرًا وارتباطه بالعبادة قويًّا، لذلك كان ربط الطفل بالعبادة أول ما نبه عليه النبي صلى الله عليه وسلم في تربية الأولاد، وسنلاحظ هذا التنبيه في أمرين وأساسين من أسس العبادة: الأساس الأول: الصلاة: لِما روى الحاكم وأبو داود عن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشر وفرقوا بينهم في المضاجع". فقد أوضح الحديث أن الصلاة تغرس في نفس الطفل عن طريق فكرة الربط وبأسلوب العادة، فكلما أذن المؤذن.. نادى الأب ابنه: يا بني "الصلاة" قم إلى الصلاة"، أو كان الأب ذاهبًا إلى المسجد فيقول لابنه: هيا يا بني نصلي في المسجد. التكرار يعلم الأبرار.. ويغرس السلوك ويُرَسِّخ الأفكار: فالطفل سيجد نفسه أمام خمس صلوات في اليوم والليلة في كل صلاة يذكِّره أبواه حتى يتعود الطفل ويصير الأمر عنده سلوكًا لا ينفك عنه. ولكن للأسف كثير من الآباء يهمل طفله حتى يكبر ويبلغ لا نقول عشر سنين بل نقول عشرين ثم بعد ذلك يقول له: يا بني لماذا لا تصلي؟ وكيف يصلي من لم يعتد الصلاة؟ بل كيف يدرك أهميتها وفرضيتها وأنت لم تنبهه إليها وتزجره إن قصَّر فيها؟ أنت لم تعظِّم الصلاة في قلبه فصارت عنده هيِّنة، وصار تركها لديه أمرًا سهلاً هينًا. لذلك أمرنا الرسول أن نضربهم عليها لعشر.. لنربي في حسهم فكرة العقوبة، وليعلم الطفل أن لكل تقصير عاقبة بل عواقب، فإذا كان للتقصير عاقبة في الدنيا فكيف إذن في الآخرة. وأخيرًا تذكر أخي المربي: أن القدوة هي (أول ركائز التربية وأُسها التي لا غنى لها عنه، بأن يكون الأب قدوة حسنة في سلوكه وأقواله وأعماله كلها أمام أبنائه قبل كل شيء، فقبل أن يربيهم على التخلق بالخلق الحسن، يجب عليه أن يتصف هو بمكارم الأخلاق، وهذا هو حال قدوتنا الأول عليه الصلاة والسلام، فإنه كان إذا أمر بشيء عمل به أولاً ثم تأسى به الناس من بعده، وهذا بلا شك أقوى وأوقع في النفس) [الآباء مدرسة الأبناء، فهد محمد الحميزي، ص(6)]. اجعل شهر رمضان أخي المربي لكي تقوِّي العلاقة العاطفية بينك وبين ابنك (فينبغي ألَّا نجعل الطفل يستنكر مشاعره أو يرفضها حتى وإن كانت بسيطة؛ مثل شعوره بالحزن لفقده اللعبة أو القصة، ولا نستهين بمشاعره الداخلية، بل نشجعه على إظهارها؛ فمثلاً من الخطأ أن نقول للطفل: لا يمكن أن تكون متعبًا لأنك مستيقظ منذ فترة قصيرة، أو: لماذا تضربه، إنه يبدو لي طفل لطيف؟! أو: سوف يزول شعورك بالضيق بعد فترة. فمهما كانت هذه النصائح صادقة، إلا أنها تنكر عليه مشاعره، فيحاول تبنِّي مشاعرنا نحن، أي أننا ندفعه إلى عدم تصديق مشاعره الذاتية) [موسوعة التربية العملية للطفل، هداية أحمد الشاش، ص(368)]. المصادر: · الآباء مدرسة الأبناء، فهد محمد الحميزي. · موسوعة التربية العملية للطفل، هداية أحمد الشاش.
خدمات المحتوى
|
تقييم
الاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |