الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
البيت السعيد حقوق المرأة بين إهدار المذاهب المنحرفة وكفالة الإسلام |
2012-07-29 05:59
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الدعاة والمرسلين، محمد بن عبد الله الصادق الأمين، وعلى آله الطيبين، وصحبه المتقين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، آمين. فإن قضايا المرأة باتت ميداناً من الميادين المحورية في الصراع بين الإسلام والحضارات المفلسة، وتداعت النعرات الكاذبة، والأقلام المشبوهة، لحسم هذه الجولة لصالح أعداء الإسلام أرباب القيم المنتكسة، والمبادئ المهترئة، بأيديهم وأيدي المرتزقة المأجورين، أو مجهولي الهوية والانتماء من بني أوطاننا، فزجوا بالمرأة المسلمة في أتون التغريب، ودسوا لها السم في العسل، يقول المستشرق الإنجليزي برنارد لويس المختص بشئون العالم الإسلام وقد طُلب منه أن يكتب رأيه في مستقبل ما يسمى بالشرق الأوسط (سنحسم التغريب في الشرق الأوسط من خلال ثلاثة عوامل: إسرائيل، وتركيا، والمرأة) . وكخطوة على طريق تمردها على دينها وعفتها وفطرتها: لبست الذئاب جلود الضأن، وصرخوا في المرأة لتمعن النظر في الصورة الزائفة التي رسمتها المؤامرة الخبيثة: صورة حقها المسلوب الضائع في كنف الإسلام وأحكامه الجامدة التي ليس لها مكان إلا بين خيام العرب في القديم- كما يزعمون- كل ذلك يحاك في ظل عزم المريبين وسدور الأمناء، وما ذلك السعي المحموم من قبل هؤلاء المغرضين إلا لإدراكهم موقع المرأة الاستراتيجي على جبهة الصراع الحضاري، وأنها جزء أساسي في معادلة النهضة الشاملة، لذا أرادوا بتلك الدعاوى البين بطلانها أن يجردوها من هويتها،ويفرغوا مهامها الحياتية من محتواها الحقيقي، إلى بديل آخر زائف مزركش لامع، يخطف بصرها عن حقيقتها وكنهها كامرأة مسلمة، فصيروها مدية لا تبالي في أي جسد رشقت، ولا محيد عن الاعتراف بأن غراس التغرير تلك قد جنى القائمون عليها ثمارها، وحصدنا نحن أشواكها الجارحة، ورقصوا هم على جراحنا، نعم قد ظهرت آثار هذه الهجمات المتواصلة بوضوح وجلاء، منها- على سبيل المثال- تلك الرايات التي رفعت في بلادنا تنادي بالمساواة المطلقة بين الرجل والمرأة، إلى الحد الذي يطالب فيه بتطويع الشريعة لخدمة هذه القضية، فتبدت فتنة المسايرة على أصعدة مختلفة، وظهرت كذلك في نوبات التمرد الثوري للأقلام النسائية البائسة، والمؤيدة لها، والتي تنادي حيناً بولاية المرأة، وحيناً بتجريم بعض الشعائر التي تسئ للمرأة- كما يزعمون- كختان الإناث، وحيناً بمحاربة مبدأ تعدد الزوجات.....، إلى آخر هذا السيل من الانحرافات الفكرية، التي كانت نتاج خطة طويلة المدى. لذا كنا بحاجة إلى تقييم موضوعي إزاء هذه الدعاوى لنرى ونري أيتهما أسعد حظاً: المرأة المسلمة في ظل الإسلام، أم تلك التي تنضوي تحت المظلات الأخرى من الملل المنحرفة عن نهج السماء، أو تلك الحضارات العارية صنيعة الرعاع والهمج وإن لبسوا البذات الأنيقة. "حقوق المرأة بين إهدارالمذاهب المنحرفة وكفالة الإسلام"، هذا هو عنوان هذه السلسلة من المقالات، التي سهمنا فيها الانتقاء لأطايب جهود المخلصين.ولإن كان الحديث سيرتكز على ما كفله الإسلام للمرأة من حقوق، إلا أننا لن نهمل وضع المرأة في الأمم والشرائع المحرفة، وفرع عن ذلك المرأة الغربية في العصر الحديث، فهذه المقابلة ولا شك سترسم صورة واضحة لتلك المكانة السامقة والحقوق الوافرة للمرأة في ظل الإسلام، وهو ما لا تحلم به المرأة الغربية كما سيتضح إن شاء الله تعالى. وقبل أن نطلق الشراع، نلقي ضوءاً خاطفاً على جذورهذه الدعوى المنتنة- دعوى إهدار حقوق المرأة في ظل الإسلام- في العالم الإسلامي: ارتبطت هذه الدعوى بالقضية الأم، وهي "تحرير المرأة" التي تولى كبرها قاسم أمين، ذلك الشاب المصري الذي ابتعث إلى فرنسا وهو في الخامسة والعشرين من عمره، وكتطور طبيعي لشاب يرى قزامته أمام المارد الأوربي، وينخرط في الحياة المدنية الفرنسية، ويفغر فاه أمام هذا البريق الذي لم تعتده عيناه: عاد بوجه غير الذى ذهب به، قد أراد الرجل أن يستنسخ الوضع النسائي الأوربي ويتحف به المجتمع المصري، وأملى عليه قرينه سطور كتابه الأول في ذلك الشأن"تحرير المرأة"، فلتتحرر المرأة على الطريقة الغربية، ولتنزع حجابها، ولتزاحم الرجال في الصالونات والنوادي والملتقيات، متأثراً في ذلك بتجربته الشخصية العاطفية مع فتاة فرنسية إبان مقامه في فرنسا، وكيف أنها كانت علاقة بريئة- في ميزانه- نائية عن الفحش والفجور، فزعم بهذا التحرر أن ذلك سيقوي النسيج الوطنى ويدعم الأواصر في المجتمع، وابتدأ في الحديث عن حقوق المرأة في كتابه الأول، وبمسلك تدرجي يقي الصدام المبكر، طالب في هذه المرحلة بأن تنال المرأة حقوقها التي منحها الإسلام، ومنها التعليم- ولكنه حبذ فيه الاختلاط تلويحاً- واقتصر على الدعوة إلى إظهار المرأة وجهها وكفيها، وهاجم مسألة تعدد الزوجات على اعتبارها إهانة للمرأة، ولا تكون إلا في حالتي مرض الزوجة أوعدم قدرتها على الانجاب، ورضي قاسم بهذا المسلك بصفة مؤقتة، وفي كتابه"المرأة الجديدة" أسقط الإسلام من حساباته، إذ دعا إلى أن تصنع المرأة المصرية صنيع الفرنسية، لتتوغل في مسالك التحرر والتطور، حتى ولو اقتضى الأمرأن تمر بنفس الأطوار التي مرت بها المرأة الفرنسية، فتراه يقول: ((.. وبالجملة فإننا لا نهاب أن نقول بوجوب منح نسائيا حقوقهن في حرية الفكر والعمل بعد تقوية عقولهن بالتربية، حتى لو كان من المحقق أن يمررن في جميع الأدوار التي قطعتها وتقطعها النساء الغربيات )).وحارب الحجاب باعتبارالسفور حق من الحقوق المسلوبة لدى المرأة، فيقول: (إن إلزام النساء بالحجاب هو أقسى وأفظع أشكال الاستعباد)، (أول عمل يعد خطوة في سبيل حرية المرأة هو تمزيق الحجاب)، فبالجملة يرى الرجل أن الإسلام هو رق المرأة، يقول عن شرائع الإسلام: (أين هذه الفوضى من النظامات والقوانين التي وضعها الأوربيون لتأكيد روابط الزوجية وعلاقات الأهلية؟ بل أين هي من القوانين اليونانية الرومانية!)، (عاشت المرأة حرة في العصور الأولى، حيث كانت الإنسانية لم تزل في مهدها، ثم بعد تشكيل العائلة وقعت في الاستعباد الحقيقي)، ومن الجدير بالذكر أن هناك من سبق قاسم أمين إلى هذا المستنقع، كأمثال رفاعة الطهطاوي، وفارس الشدياق، ومرقص فهمي، ألا أن هذه الأفكار لم تلق قبولا وتفعيلا بمثل ما حدث بعد تجربة قاسم أمين، إذ تكونت من بعده الحركات النسائية التي حركت هذه القضية، ابتدأت بصفية زغلول قائدة المظاهرة النسائية المعروفة ضد الإنجليز والتي اختتمت بخلع النسوة الحجاب وحرقه أمام الانجليز، في عمل غير منطقي بالمرة، إذ لا يعلم ما علاقة الثورة ضد الإنجليز بخلع الحجاب؟! ولكنها كانت مسرحية هزلية ابتدأ بها عهد السفور، وتزامن معه دور هدى شعراوي وفريقها خريجي نفس المدرسة، لتتوالى من بعد ذلك الصرخات والنداءات المطالبة بالحقوق المزعومة واللا متناهية للمرأة. كانت هذه مقدمة سريعة، وطأنا بها لهذا الموضوع الهام، وإلى لقاء قريب إن شاء الله تعالى، نستكمل ما بدأنا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خدمات المحتوى
|
تقييم
محتويات مشابهةمحتويات مشابهة/قالاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |