الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
رسائل للشباب موسم الخير يا شباب |
2012-08-03 04:55
في هذه الأيام تحن قلوب كثير من المؤمنين إلى زيارة بيت الله الحرام ولعلمه سبحانه وتعالى بعدم قدرة الكثيرين على الحج كل عام فقد فرضه على المستطيع مرة واحدة، ومن رحمته الواسعة جعل موسم العشر الأوائل من ذي الحجة مشتركًا بين الحجاج، وقد أتت تلك العشر لتمنحك فرصة أخرى للعودة إلى الله تعالى. فضل العشر الأوائل من ذي الحجة في الكتاب والسنة: قَسَمٌ من العزيز: أقسم بفضلهن الغني عن القسم، وما أقسم الله إلا بعزيز، فقال سبحانه:{وَالْفَجْرِ (1) وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 1-2]. وتأمل في تلك الإلماحة القرآنية الرقيقة التي تهز الوجدان وتلامس شغاف القلوب المؤمنة، لينساب فيها ذاك الغيث الإيماني الرقراق، فترى تلك الليالي (وكأنها خلائق حية معينة ذوات أرواح، تعاطفنا ونعاطفها من خلال التعبير القرآني الرفاف) [في ظلال القرآن، سيد قطب، (8/33)]. وحينها ينشط القلب لاغتنامها، وتتأهب النفس لاستغلالها وتستعد الجوارح للتعب والنصب من أجل الفوز بثوابها. أحب الأيام: ولم تحظ الأعمال الصالحة في أيام من الدهر بمحبة من الرحمن قدر ما تناله خلال هذه النفحة العطرة، وبتلكم الحقيقة بعث إلينا حبيبنا وإمامنا صلى الله عليه وسلم بتوجيه إيماني عبر رسالة نبوية قال فيها: (ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر) فقالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشـيء) [صححه الألباني في صحيح سنن الألباني، (2130)]. فجنى المؤمنون ثمار هذه المحبة من الرحمن لتلك الأيام، حيث قضى الكريم جل في علاه بمضاعفة ثواب الأعمال، فها هو الحبيب صلى الله عليه وسلم يزفُّ إلينا بالبشارة: (ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظم أجرًا من خير يعمله في عشر الأضحى) [حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، (1248)]، فيا لها من أيام مباركة جزيلة الخير، عظيمة النفع، جليلة القدر. يوم العتق العظيم: وفي نهايتها تكون الفرحة الكبرى بخير يوم من أيام الله إنه يوم عرفة حيث يقام سوق العتق من جديد، وتفتح الجنة أبوابها متهللة تستقبل أفواج العتقاء، يقول صلى الله عليه وسلم: (ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة ...) [رواه مسلم]. فهنيئًا لمن أحسن الظن بربه وفاز بالعتق في هذا اليوم، فما بينه وبين الجنان إلا أن تصعد روحه إلى بارئها، فأكثِر من الدعاء لله تعالى في ذلك اليوم العظيم، وناجه بقلب ذليل منكسر، وكن لحوحًا في دعائك، فهو السميع القريب. ولعظمة ذلك اليوم كان سلفنا يعظمونه ويقدسونه ويقدمون فيه لله ما لا يقدمونه في غيره من الأيام، فعن مصعب بن ثابت قال: (بلغني والله أن حكيم بن حزام حضر يوم عرفة، ومعه مئة رقبة، ومئة بدنة، ومئة بقرة، ومئة شاة، فقال: الكل لله)[سير أعلام النبلاء، الذهبي، (3/50)]. وعن أبي هارون قال: (انطلقنا حجاجًا، فدخلنا المدينة، فدخلنا على الحسن، فحدثناه بمسيرنا وحالنا، فلما خرجنا، بعث إلى كل رجل منا بأربع مئة، فرجعنا، فأخبرناه بيسارنا، فقال: لا تردوا علي معروفي، فلو كنت على غير هذه الحال، كان هذا لكم يسيرًا، أما إني مزودكم: إن الله يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة) [سير أعلام النبلاء، الذهبي، (3/261)]. وقال عبد الله بن المبارك: (جئت إلى سفيان الثوري عشية عرفة وهو جاثٍ على ركبتيه، وعيناه تذرفان فالتفت إليَّ، فقلت له: من أسوأ هذا الجمع حالًا؟ قال: الذي يظن أن الله لا يغفر له) [لطائف المعارف، ابن الجوزي، ص(310)]. ونظر القاسم بن محمد إلى رجل يسأل الناس يوم عرفة؛ فقال له: (ويحك يا سائل أتسأل في هذا اليوم غير الله عز وجل؟) [تاريخ دمشق، ابن عساكر، (49/181)]. انسف ذنوبك: هل أثقلتك ذنوبك وأنَّ لحملها قلبك، أبشر بصفقة من الغفور الرحيم لن تبذل فيها كبير جهد ولا عظيم نصب أو تعب، تصوم يومًا واحدًا من تلك العشر فيغفر الله لك ذنوب العام الماضي والعام المقبل أيضًا. نعم ... صدِّق ما قرأته ستغفر ذنوبك أيها التائب الأواب ببشارة النبي صلى الله عليه وسلم، لمن صام يوم عرفة: (صيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده) [رواه مسلم]. فيا له من إله رحيم تواب غفور، يعطي الأجر الكثير على العمل القليل، ويغفر عظيم الزلات بقليل الحسنات والقربات، ويعطينا الفرصة تلو الفرصة، ليطهرنا من الذنوب ويعافينا من العيوب. مفتاح التوبة: نحن الآن في نصف أيام العشر من ذي الحجة لابد لك أن تعلنها توبة لله تعالى، لتحقق أكبر استفادة في هذه الأيام، فالطريق إلى الله تقطع بالقلوب لا بالأبدان، ومن ثقل حمله خفَّ سيره، وقصرت به همته عن الوصول لمبتغاه. وأنت الآن تحتاج إلى قلب خفيف الأحمال ليكون سريع الخطا إلى الكبير المتعال. ولا مناص أمامك لتخفيف أحمال قلبك من الذنوب إلا بتوبة صادقة تَجُبُّ ما قبلها، وتزيل عن كاهلك أحمال طالما ناء قلبك بحملها، لتكون من المفلحين الذين عناهم الله بقوله: {فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ} [القصص: 67]. وربك يقبل توبتك ليل نهار بلا انقطاع أو ملل أو كلل، أليس سبحانه هو القائل: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 27]. ومن بعده قال حبيبه وحبيبك صلى الله عليه وسلم: (إن الله يبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، ويبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار) [رواه مسلم]. أيُّ نور سرى يزيح ظلامًا عن دروبي ويبعث القلب حيًّا يغسل القلب من عوارض آثام فيحييه بعد قلبًا نقيًّـــــا جئت ربي أسألك العـفو فهب لي من لدنك عفوًا رضيًّا ربِّ إن غاب عفوك اليوم عني أي شيء تـــراه يبقى لديا؟ كيف الطريق؟ 1. ترك وإقلاع: وهو حقيقة التوبة، أن تترك المعصية لله جل وعلا، أن تُقلِع عن الذنوب وتعود إلى علام الغيوب. فما أكذب عبد يقول: يا رب تب عليَّ، وكأس الخمر ما زال في يده! وما أقبح شاب يهتف: يا رب غفرانك، وما زال مقيمًا على علاقة مع فتاة! 2. اكتواء بنار الندم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الندم توبة) [صححه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه، (4252)]. وأي إنسان أحق بالندم ممن عصى الله جل وعلا؟! فعلام يندم الإنسان إذا لم يندم على تفريطه في جنب ربه؟! ألا يندم على تسويد قلبه بالسيئات، وجنيه لأشواك الزلات؟! ألا يندم على إغضابه لربه وخالقه، وإسعاده لشيطانه وعدوه؟! 3. عزم أكيد لا يفله الحديد: فلابد للتائب من عزم أكيد ويقين من حديد، أنه لن يعود إلى ذلك الذنب مرة أخرى ما دام في صدره نفس يتردد، وهذه ثمرة طبيعية لما وجده التائب الصادق من حرارة الندم، بعد أن زلَّت قدمه في أشواك الطريق. 4. حسن ظن لا قنوط: إياك إياك والقنوط! لأنك من عباد الله المخاطبين في قوله تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]. فلا يكن ظنك كظن من روى خبره صاحب الإحياء، فقال: (يروى أنه كان في بني إسرائيل شاب عبد الله تعالى عشرين سنة ثم عصاه عشرين سنة، ثم نظر في المرآة فرأى الشيب في لحيته، فساءه ذلك؛ فقال: إلهي، إني أطعتك عشرين سنة، ثم عصيتك عشرين سنة، فإن رجعت إليك أتقبلني؟! فسمع قائلًا يقول ولا يرى شخصًا: أحببتنا فأحببناك، وتركتنا فتركناك، وعصيتنا فأمهلناك وإن رجعت إلينا قبلناك) [إحياء علوم الدين، الغزالي، (3/118)]. فلا تيأس أيها الشاب الحبيب وتقنط من رحمة الله فهذه أيام الخير، وليكن شعارك: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك
خدمات المحتوى
|
تقييم
محتويات مشابهةمحتويات مشابهة/قالاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |