شـبـكــة عـمّـــار
إخبارية - ترفيهية
- تعليمية



جديد الصور
جديد الأخبار
جديد المقالات


جديد الصور

جديد البطاقات

جديد الصوتيات

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

 
Dimofinf Player
أخي الشاب: هل أنت قائد؟

2012-08-03 05:37
الكاتب:محمد السيد عبد الرازق

لكل فن من الفنون مهاراته، ولك علم من العلوم أدواته، ونحن إذ بينا في المحطة السابقة ركائز القائد الفعال التي تقوم عليها معاني القيادة، ولا تتحقق القيادة إلا بها، فسنحاول في هذا المقال التعرف على مهارتين من مهارات القيادة الهامة، وأساليب كل واحدة منها.
تكوين الرؤيا المستقبلية:
إنها قدرة القائد على أن يرى فرصا لا يراها غيره، وأن يحيل هذه الفرص من خيال لا تدركه أبصار الآخرين، إلى واقع لا يخطئه مبصر، إنها تلك الآمال التي تذكي الهمم، وتفجر الطاقات، وتلهب الحماسة، فتحيل حياة الناس حركة ودأبا، وتسمو بنفوسهم إلى الغايات العلا، ولما كان تكوين الرؤية المستقبلية وصياغتها من أهم مهارات القائد، صاغ لنا نابليون بونابرت مقولة رائعة تلخص ذلك المعنى في قوله: (لا يستطيع أحد أن يقود أفرادا دون أن يقوم بتوضيح المستقبل الخاص بهم، فالقائد بائع الأمل) [صناعة القائد، طارق السويدان وعمر باشراحيل، ص (69)].
ليتمن الله هذا الأمر:
ولنا في رسول الله الأسوة والقدوة الحسنة في صناعة هذا الأمل وبناء هذه الرؤية، بل ورسمها بصورة تعلق بالأذهان وتشحذ الهمم، وتذكي الطموح، فعندما جاءه خباب بن الأرت يشكو تعذيب قريش له ولضعفاء المسلمين، فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم ليقوي من عزيمته فذكر ما تعرض له السابقون من أجل إعلاء كلمة الله تعالى، ثم رسم هذا الأمل في لوحة رائعة تصور انتصار الإسلام وتمكين الله له في كلمات موجزة فقال: (والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله أوالذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون) [رواه البخاري]، فما توقف النبي صلى الله عليه وسلم عند زرع البشرى كأن يقول: (إن الله سينصر هذا الدين)، بل انطلق صلى الله عليه وسلم يجسد صورة النصر بصورة واقعية يسير فيها الراكب في الصحراء المقفرة الموحشة بأمان تام.
وزارة المستقبل:
(ولأهمية تكوين هذه الرؤية المستقبلية، فإن دولة السويد أنشأت وزارة تابعة لرئيس الوزراء للاهتمام بالمستقبل، وذلك عام 1973م، كما أنه بلغ عدد المؤسسات المهتمة بالدراسات المستقبلية في أمريكا وحدها نحوا من 600 مؤسسة، ويذكر بعضهم أن الدراسات المستقبلية تشكل حاليا نحوا من 415 مقررا دراسيا موزعة على 18 ولاية أمريكية) [مدخل إلى التنمية المتكاملة، عبد الكريم بكار، ص (136)].
خارطة الطريق:
ولكي يبني القائد هذه الرؤية المستقبلية في نفوس أتباعه، فعليه عدة أمور منها ما يلي:
1. رحلة إلى الماضي:
وربما يعجب البعض كيف ننظر في الماضي كي نبني المستقبل؟! أوليس النظر في الماضي يدعونا للارتباط بتجارب وخبرات سلبية ربما حدثت فيه؟!
ولكن العجب يزول حينما يجيب علينا الدكتور عبد الكريم بكار فيقول: (قبل أن يشرع الواحد منا في التخطيط لمستقبله عليه أن يفكر في مصير القرارات التي اتخذها منذ سنوات، بمعنى أننا قد لا نكون في حاجة إلى الحديث عن مزيد من الخطط وبلورة المزيد من القرارات، وإنما تكون حاجتنا الحقيقية إلى أن نفكر لماذا لم يتم تنفيذ القرارات الماضية؟ وقد عبر عن هذا المعنى أحد أساتذة علم الإدارة حين قال: ليس المهم ما سنتخذه من قرارات من أجل المستقبل، لكن المهم أن نفكر في مستقبل القرارات الحالية) [مفاهيم قرآنية في البناء والتنمية، عبد الكريم بكار، ص (70)]، فليس شرطا أن تكون الرؤية المستقبلية جديدة مبتكرة حتى تكون جيدة، ولكن ربما يكون ميقات عرضها وطريقة صياغتها، ووسيلة تطبيقها عوامل تساعد في نجاحها.
وليست تلك هي الأهمية الوحيدة للنظر في الماضي، بل علينا أيضا أن نأخذ من هذا الماضي العبرة والعظة، فننظر في أخبار السابقين، كيف انتصروا؟ ولماذا هزموا؟ كيف نهضوا من كبواتهم؟ ولماذا وقعوا فيها أصلا؟ لذلك جاء التوجيه القرآني في خاتمة سورة يوسف، وبعد سرد وقائعها وأحداثها، ليوضح لنا أهمية استكشاف الماضي فقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111]، فهي ليست قصصًا وحكايات بل فيها الهدى والرحمة وفيها النجاح والفلاح لمن فهم المعنى و وعى المغزى.
2. لا تكن كالطرماح:
ويتسق مع استكشاف الماضي وسبر غواره، أن نعي الحاضر وعيا عميقا، فإن (الاهتمام بالمستقبل والعمل من أجل الغد، يجب أن يرتكز على قاعدة صلبة من معرفة الواقع؛ فالذي لا يعرف الظروف التي يعيش فيها والإمكانات التي يملكها والتحديات التي يواجهها لايستطيع أن يخطط للمستقبل ولا أن يتعامل مع المعطيات القادمة) [مفاهيم قرآنية في البناء والتنمية، عبد الكريم بكار، ص (68)]، فهناك حكمة تقول: (إن لم تكن تعرف أين تقف، فلن تعرف إلى أين أنت ذاهب؟!).
ولذلك تطالعنا قصة الشاعر العربي الطرماح بن حكيم الطائي بمعنى لطيف في ذلك السياق، فقد مر هذا الشاعر الشهير على الناس يوما فقال: (اسألوني عن غريب اللغة وقد أحكمته كله)، وكان في ذلك صادقا، فقال له رجل: (ما معنى الطرماح؟)، فلم يعرفه.
فكيف للقائد أن يبني رؤية مستقبلية ملهمة محفزة، وهولا يدرك الحاضر الذي يحيى فيه، ولا يدرك واقع نفسه ولا واقع مجتمعه إدراكا دقيقا؟!
3. إلى أين أنت ذاهب؟
فبعد أن استكشفت الماضي فتعلمت من أخطائك، واعتبرت بمن سبقك، ثم نظرت إلى الحاضر، فحددت بدقة موضع قدمك الآن، لم يتبق إلا أن تحدد إلى أين تريد أن تذهب في المستقبل، (فقد أثبت ما لا يحصى من التجارب أن إخفاق كثير من الناس في الوصول إلى ما يحبون الحصول عليه، لا يعود إلى ضعف في قدراتهم، أوإلى سوء الظروف التي يحيون فيها، وإنما يعود على نحو جوهري إلى أنهم يتصرفون بعفوية كاملة، ويتعاملون مع المستقبل بفوضى تامة، فهم لا يعرفون ماذا يريدون) [مفاهيم قرآنية في البناء والتنمية، عبد الكريم بكار، ص (71)].
فإنك حين تحدد أهدافك بدقة فإنت تكتب أول فصول نجاحاتك القيادية، فحين يعرف القائد هدفه، فإن ذلك يكسبه حساسية مفرطة ضد الوقوع في الخطأ، كما يجعل بينه وبين مضيعة الوقت أو إهدار الموارد، أوالإهمال سدا منيعا وحصنًا حصينًا.
وماذا بعد الكلام؟
ومن خلال ما سبق إليك بعض الأمور العملية التي تعينك على تكوين رؤيتك المستقبلية كقيادة:
1. ابحث عن بيئة هادئة منعزلة، على شاطئ البحر مثلا، واستمتع بهذه البيئة الهادئة، وابتعد عن كل نشاط يومي ليمكنك ذلك من التأمل الجاد المثمر، وقم بتكرار هذه الجلسة الهادئة بصورة دورية.
2. اقرأ السير الذاتية للقادة الذين أثروا في تاريخ هذه البشرية، حدد لنفسك وقتا يوميا لتقرأ في سيرهم، واجعل معك مفكرة صغيرة تكتب فيها الدروس المستفادة والعبر المستنبطة من ثنايا قصص هؤلاء القادة العظام.
3. اقرأ في الكتب والمؤلفات التي تعينك على كيفية بناء هذه الرؤية المستقبلية، واسع إلى تطوير نفسك من خلال حضور بعض الندوات والدورات التي تساعدك في تكوين تلك الرؤى المستقبلية.
ثانيا: البحث عن الفرص وحل المشكلات:
وهذه من أهم المهارات التي تميز القائد الفعال عن غيره، وذلك لأن (القادة يتولون مسئولية التغيير، ويبثون روح المغامرة في نفوس الآخرين، حيث يبحثون عن طرق لتغيير الوضع الراهن بصورة جذرية، ويمسحون البيئة الخارجية من أجل الوصول لأفكار حديثة وطريفة، ويبحثون عن فرص من أجل الوصول لطرق تنفيذ ما لم يتم تنفيذه من قبل) [القيادة تحد، كوزس وبوسنور، ص (212)].
ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة:
ولذلك انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم لما نظر إلى مكة فشعر أن بقاء الصحابة جميعهم فيها ليست من الحكمة في شيء خاصة مع ما يتعرضون له من التضييق الشديد، والتنكيل اليومي، فأخذ يفكر في البحث عن فرصة تعلي من كلمة الله تعالى، فهداه الله عز وجل إلى استغلال فرصة الملك النجاشي العادل، ملك الحبشة، فجاءت تلك الهجرة المباركة إلى الحبشة، وما ترتب عليها من نشر لهذه الدعوة الإسلامية المباركة.
وبنفس الطريقة التي كان يبحث بها النبي صلى الله عليه وسلم عن الفرص، كان دائم البحث في الطرق المبتكرة لحل المشكلات، ففي غزوة حنين لما تفرق جمع من المسلمين فوقف صلى الله عليه وسلم ثابتا صلبا، وأخذ يجمع ما تشتت من جيش المسلمين، فكان قوله هوالمخرج من هذا الضيق، وكان ثباته هوالحل المنطقي لهذه المشكلة العويصة، فوقف يقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب) [متفق عليه]، فعادت الجموع تترى إليه وكتب الله تبارك وتعالى النصر للمسلمين.
خارطة الطريق:
ولكي تستطيع إيجاد فرصا جديدة، وتتمكن من حل المشكلات التي تعترض طريقك في سبيل تحقيق الهدف المنشود، عليك ما يلي:
1. نم معلوماتك:
فالله تبارك وتعالى قد ميز بين المتعلمين وغيرهم، فقال عز وجل: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} [الزمر: 9]، فالقائد لا بد أن يكون مثل الأرض الطيبة التي تتشرب الماء، ثم تخرج الزرع، فيستظل الناس بظله، ويقطفون ثمره، ولذلك كان يحيى بن خالد، ذلك الرجل الذي ربى القائد الإسلامي الفذ هارون الرشيد، كان دائما ما ينصحه بالعلم فيقول: (عليك بكل نوع من العلم، فخذ منه فإن المرء عدو ما جهل).
2. اخلق بيئة محيطة يسودها روح الشورى، وحرية إبداء الرأي والتعبير عنه:
ولذلك كان يقول عمر بن عبد العزيز: (إن المشورة والمناظرة باب رحمة، ومفتاح بركة، لا يضل معهما رأي ولا يفقد معهما حزم) [تاريخ اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب، (1/233)]، ولعل موقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر دليلا على الدور المهم الذي تلعبه الشورى في حل المشكلات وتقديم الحلول المبتكرة، فلما عرض الأمر على الصحابة في تحديد مكان قتال المشركين يوم بدر، انبرى الخباب بن المنذر بأدب جم واحترام وتقدير للنبي صلى الله عليه وسلم، وأشار عليه أن ينزل الجيش عند آبار بدر، فيمنعون المشركين من الماء، وكان تلك مشورة مبتكرة، كانت من ضمن أسباب الانتصار على المشركين يومها.
المصادر:
• القيادة تحد، كوزس وبوسنور.
• مفاهيم قرآنية في البناء والتنمية، عبد الكريم بكار.
• مدخل إلى التنمية المتكاملة، عبد الكريم بكار.
• صناعة القائد، طارق السويدان وعمر باشراحيل.
• تاريخ اليعقوبي، أحمد بن أبي يعقوب.

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 1073


+++

خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


تقييم
1.01/10 (9 صوت)

محتويات مشابهة

محتويات مشابهة/ق

الاكثر تفاعلاً

الافضل تقييماً

الاكثر مشاهدةً

الاكثر ترشيحاً

الافضل تقييماً/ق

الاكثر مشاهدةً/ق

الاكثر ترشيحاً/ق


Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.