الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
أطفالنا والتربية المربي الناجح إيجابي |
2012-08-06 11:20
الكاتب:عمر السبعهل رأيت والدك من قبل، وهو ينصح أخاه الصغير ليترك التدخين؟ هل رأيته وهو يحاور البائع في كفة الميزان الباخسة؟ هل رأيته يشارك في إحدى المسابقات الدينية؟ هل رأيته يكتب رسالة ماجستير في علمه وتخصصه؟ هل رأيته وهو يشارك أمك ويساعدها في ترتيب البيت؟ هل رأيته وهو يحمل عن جارك ويرفع معه أثاثه؟ هل رأيته يشارك في إحدى اللعبات الرياضية ويحرز المركز الأول؟ هل رأيته وهو يوقف سيارته بعد أن حدث ارتطام بين سيارتين في الطريق، ويقوم لينظر ماذا حدث، ويتصل بسيارة الإسعاف لينقذ المصابين؟ عزيزي المربي، هل رأيت أباك إيجابيًّا؟ وإن كنت كذلك فصف لي شعورك وتفاعلك مع كل حادثة من هذه الحوادث. وكيف كنت تنظر إلى والدك في كل لحظة من هذه اللحظات؟ عزيزي المربي ... أنت أبٌ إيجابي، إذًا طفلك طفل إيجابي. أنت أبٌ سلبي، إذًا طفلك أيضًا طفل سلبي. هكذا، (هذا الشبل من ذاك الأسد). إبراهيم عليه السلام إيجابي، وعلَّم طفله الإيجابية: انظر إليه عليه السلام وهو يرفض عبودية الأصنام، ويواجه أباه وقومه ويقول: {يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا} [مريم: 44]، ويقول بكل إيجابية{إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} [الأنبياء: 52]، {أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [الأنبياء: 67]، همَّ قومه أن يحرقوه ولكنه ثبت بإيجابية المؤمن؛ فأنجاه الله من النار. هذا الأب الإيجابي لما أمره الله أن يبني الكعبة، تحرك بكل نشاط لينفذ الأمر الإلهي، وقال لابنه: أتعينني على ذلك؟ قال الابن بكل إيجابية: نعم أعينك، {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: 127]، ثم تأمل عزيزي المربي هذا الابن الإيجابي بعد ذلك، يصفه رب العزة فيقول: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا (54) وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم: 54-55]. الطفل يبني على التجربة الأبوية: نعم عزيزي المربي فعندما يرى الطفل أباه سلبيًّا يكتسب الطفل بصورة تلقائية هذه الصفة؛ لأن الأطفال يقلدون من حولهم في كل شيء. ولنضرب لك مثالًا ... دخلت أنت وطفلك غرفة الاستراحة في أحد النوادي، وقام رجل يجلس إلى جوارك أنت وطفلك بإشعال سيجارة، وبدأ دخان هذه السيجارة يتصاعد شيئًا فشيئًا، ليضيق به صدرك وصدر طفلك. إذا كنت أنت أبًا سلبيًّا، ستسكت وتقول في خاطرك: (دع الملك للمالك)، وبعد هذه الأنشودة السلبية لم تبد اهتمامًا لهذا المدخن، ولم تنكر عليه. وطفلك في هذه اللحظة يُسجِّل هذا الحدث في ذاكرته التي لا تنسى أبدًا. طفلك ـ عزيزي المربي ـ في هذه الحالة سيتعلم منك السلبية واللامبالاة، وعندما يكبر ويرى هذا المشهد سيفعل نفس السلوك الذي فعلته أنت، إلا إذا علَّمه أحد آخر السلوك الإيجابي. وعلى النقيض الآخر، فإنك إن أنكرت عليه هذا الفعل وقلت له: (لو سمحت لا تؤذنا بدخانك)، سيتعلم الطفل هذا السلوك من تلك اللحظة؛ ليكون هذا السلوك نهجًا إيجابيًّا في حياته. وقِس على ذلك كل السلوكيات الإيجابية أو السلبية، التي تفعلها أمام طفلك. إن طفلك ـ عزيزي المربي ـ يُسجِّل كل شيء كجهاز التسجيل تمامًا، ويبدأ هذا الشريط الذي سجله في العمل عندما يكبر الطفل يومًا بعد يوم، وحينها يكون تعديل السلوك السلبي إلى إيجابي من الصعوبة بمكان. فاعلم عزيزي المربي (أن الأطفال يتعلمون عن طريق التقليد؛ فقدرتهم على الملاحظة والتقليد من الصفات الرائعة في هذه المرحلة، والعلماء يشيرون إلى ذلك بأنها عملية تشكيل وفقًا لنموذج يحتذي به الطفل، والأطفال يتعلمون الكلام عن طريق التقليد والاستماع والملاحظة، ويكتسبون ميولهم أيضًا في الحياة، ويتعلمون القيم وحق الاختيار، وكذلك عاداتهم عن طريق المحاكاة. وبما أن الأطفال يقلدون سلوك من هم حولهم، فلابد وأن يكون لك الأثر الأكبر على تعليمهم، ففكر مليًّا بسلوكك، ما الذي تقوله وتفعله، ويكون له أثره على طريقة تفكيرهم وسلوكهم، فأنت بالنسبة لهم بمثابة القدوة) [كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك، د.سال سيفير، ص(23)]. الأب الإيجابي أبٌ ناجح: فهو ينقش أفعال الإيجابية في شخصية طفله من حيث لا يشعر، وكما قيل: التعلم في الصغر نقش على الحجر. أراني أنســى ما تعلمــــت في الكـبر ولســت بناسٍ ما تعلمت في الصغر ومـا العلـــم إلا بالتعلــم في الصبــا وما الحلــم إلا بالتحلـــم في الكــبر ولو فُلق القلـب المعلـــم في الصبـــا لأصبح فيه العلم كالنقش في الحجر الخلق الرابع: المربي الناجح مُضَحٍّ: في غرفة النوم ... الأب: لا أستطيع أن أقاوم هذا الصراخ، لابد أن آخذ قسطي من الراحة، وإلا لن أستطيع أن أذهب غدًا إلى العمل. الأم: معذرة يا زوجي الحبيب، ولكنه طفل صغير لا يعقل، وبالتأكيد هناك شيء يؤلمه. الأب: أنا لم أقصر في شيء معكِ ولا معه، وأنا الآن أريد أن أنام، فقط لا غير. لا بأس أن تذهبي إلى بيت والدتك هذه الفترة؛ حتى يكبر وينتهي من الصراخ. الأم: وهل تريد أن تتخلص مني، أنت إذًا لا تحبنا، من الغد سنذهب ونترك البيت! الأب: مع ألف سلامة. في العمل ... المدير: مالي أراك اليوم على غير عادتك يا أبا أحمد. والد الطفل: لم أستطع أن أنام البارحة. المدير: شيء طبيعي؛ لأن الله رزقك بمولود جديد. والد الطفل: ولكني لم أستطع أن أقاوم هذا الوضع، وتكلمت مع زوجتي بطريقة فظة، وقلت لها اذهبي إلى بيت والدتك. المدير: أخطأت يا أبا أحمد، لابد من شيء من التضحية. بل كثير من التضحية! وفي هذه اللحظة كأن هذه الكلمة (التضحية) دخلت لتثقب أذن الوالد، وتصمه عن سماع كل شيء، وظل يردد طول فترة العمل هذه الكلمة (التضحية! التضحية!). (المربي ـ التضحية)، هاتان الكلمتان المتلازمتان دائمًا، أعني بذلك حيثما وجد المربي فلابد أن توجد التضحية. المربي الناجح لابد أن يكون مضحيًا، لقد مدح الله الوالدين بسبب ما قدموا من تضحيات؛ فالله تبارك وتعالى يذكر ألم الأم وتحملها المتاعب وتضحيتها بكل شيء لطفلها. لقد مدح الله الوالدين معًا في كتابه الكريم إشارة إلى فضلهما، وبذلهما الجهد والتضحية لتربية أبنائهم تربية حسنة، فقال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا} [الإسراء: 23]، ثم قال تعالى: {وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} [الإسراء: 24]، بهذه التضحية استحق الوالدان هذا الفضل العظيم. لذلك لابد أن تكون مربيًا مضحيًا. قد تبدو الحياة في أولها سهلة ميسرة، وكأن الأرض قد فرشت وردًا، ويظل الأمر كذلك حتى يأتي الأطفال؛ فيسمع الصراخ، وتكثر الطلبات والنفقات، وينشغل الأب أكثر ويقل جلوسه مع زوجته، وتنشغل الأم أكثر ويقل جلوسها مع زوجها. وقد تبدأ العلاقة الزوجية لتأخذ شكلًا من أشكال الفتور. في هذه اللحظة لابد من التضحية؛ حتى تسير الحياة على ما يرام. لابد أن يُقدِّم الأب جزءًا يضحي به. ولابد أن تُقدِّم الأم هي أيضًا جزءًا تضحي به، عندها تمضي سفينة الحياة. وتعيش هذه الأسرة عيشة هنية، وتخرج أطفالًا يكونون ذخرًا للإسلام والمسلمين. للتضحية أشكال وأنواع: من التضحية أن يضحي الوالد براحته، من أجل أن يسعى لكسب الرزق الذي يعف به أولاده. من التضحية أن تضحي الأم بالعمل الذي تذهب إليه، لتجلس مع أولادها تتفرغ لتربيتهم. من التضحية أن يأخذ الوالدان من حظهما ونصيبهما، ليضعا في فم أطفالهما. من التضحية أن يأخذ الوالدان من وقتهما، ليصحبا أولادهما في نزهة برية. من التضحية أن تضحي الأم براحتها، وتعد الطعام في الوقت المناسب لطفلها. من التضحية أن يبذل الوالدان الجهد الجهيد لتعليم أولادهما، وتربيتهم تربية إسلامية صحيحة. لابد أن تعرف ـ أيها المربي الفاضل ـ أنك لن تذوق الشهد حتى تلعق الصبر. الخلق الخامس: المربي الناجح حليم: أبي، أنت مشاكس! · أنت يا ولد، ما هذا الذي تفعله؟ اذهب الآن فورًا إلى النوم، وإلا سأكسر عليك العصا. · الآن وقت المذاكرة، لا تتكلم مع أحد، اذهب فورًا إلى مكتبك. · ألم أقل ألف مرة لا تلعب بالكرة في البيت، هات هذه الكرة، سأمزقها الآن بالسكين حتى تكون سعيدًا. · ألم تنته حتى الآن من الغذاء؟ هيا قُم الآن، حان وقت المذاكرة. · أريد أن أنام، صوتك أنت وأمك يزعجني، سأترك لكما البيت وأنام في مكان آخر. · هذه هي درجاتك هذا العام، مادتان أقل من 80 %، حسنًا، أنت محروم من المصروف لمدة خمسة أشهر. · أنت أيها الولد كسرت أقلامي، سأضربك، وإياك أن تبكي أو حتى أسمع لك صوتًا. وأخيرًا: إن المطلوب من التحاور مع الأبناء ليس توحيد رأيهم مع رأينا، وإنما شرح وجهة نظرنا، وسماع وجهة نظرهم، فنحن نبدأ بالتحاور مع الابن، (وإن لم يبدأ هو فنقول مثلًا: يبدو أنك لست سعيدًا اليوم، ماذا يضايقك؟ أو على العكس: تبدو سعيدًا، لابد أنك حققت نجاحًا ما. فيقول الابن: نعم، لقد حصلت على الدرجة النهائية في الرياضيات مثلًا، فتتابع: ما شاء الله لا قوة إلا بالله، وهكذا تصل إلى الألفة بينك وبين ولدك) [اللمسة الإنسانية، محمد محمد بدري، ص(72)]. المصادر: · اللمسة الإنسانية، محمد محمد بدري. · كيف تكون قدوة حسنة لأولادك؟ سال سيفير.
خدمات المحتوى
|
تقييم
محتويات مشابهةمحتويات مشابهة/قالاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |