الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
أطفالنا والتربية حصة الألعاب يا أستاذ!! |
2012-08-07 12:09
حصة الألعاب يا أستاذ! دخلت الفصل وسلمت على التلاميذ وانتظرت منهم رد السلام فلم أجد ردًا البتة. تأملت وجوههم فوجدتها مخبأة في أيديهم الحزينة. نظرت من وراء الأيدي؛ فإذا بالأعين قد اغرورقت بالدموع. فسألتهم: مالكم يا أولاد؟! ما بكم؟! هل حدث شيء؟! هل أصيب أحد؟! هل رسب أحد في الامتحان؟! قام أشجعهم وقال لي: حصة الألعاب يا أستاذ. قلت له بدهشة: ما لها يا بني؟! قال لي: لنا ثلاث مرات لا نأخذ حصة الألعاب. فقلت له: ولماذا يا ولدي؟! قال: تارة يأخذها مدرس اللغة الإنجليزية، وتارة يأخذها مدرس اللغة العربية، وتارة أخرى يأخذها مدرس الدراسات الاجتماعية، وكل هذا بحجة أننا متأخرون في المنهج، ونحن نريد حصة الألعاب يا أستاذ. ثم انفجر في البكاء وانفجر الفصل من بعده باكيًا. فضربت كفًا على كف، وقلت في نفسي: كيف أبدأ حصتي اليوم؟! لا سبيل أمامي إلا أن أرد للأولاد حقهم، فقلت لهم: لا تحزنوا سنأخذ سويًا حصة الألعاب. فإذا بالحال يتبدل من حال إلى حال، وإذا بالبكاء يذوب في موجات الضحك والمرح والفرح!!! عزيزي المربي لا مساس بحصة الألعاب. كثيرًا ما تتكرر هذه القصة في كثير من المدارس، وهو بأن يُحرم الطفل من حصة الألعاب كما أنه كثيرًا ما تتكرر هذه القصة أيضًا في كثير من البيوت، وذلك بأن يُحرم الطفل يومه الترفيهي. عزيزي المربي، إن اليوم الترفيهي أو حصة الألعاب بالنسبة للطفل كالهواء أو كالماء الذي لا يمكن أن يعيش الطفل إلا من خلاله، هذا من جانب، ومن جانب آخر فاليوم الترفيهي وحصة الألعاب لها علاقة كبيرة بتقوية مدارك الطفل ومساعدته على التعلم، فلا يظن البعض أنه إذا أُبعِد طفله عن اللعب بحجة رفع مستواه التعليمي أن ذلك سيأتي بنتيجة، كلا البتة، بل إن النتيجة وإن كانت إيجابية في باديء الأمر فإنه ستظهر آفاتها السلبية العديدة فيما بعد. السيدة عائشة تلعب باللُعب والنبي صلى الله عليه وسلم يعلمها باللَعب. إننا عندما نتأمل طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في التربية؛ سنعلم جيدًا أن التعليم باللعب هو منهج قديم، فلقد كانت السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها تحب اللعب بالدمى الصغيرة، كما جاء في الحديث فعن عائشة قالت: (كنت ألعب بالبنات عند النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لي صواحب يلعبن معي، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينقمعن فيسربهن إلي فيلعبن معي)[متفق عليه]. واستغل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر في أن يعلم السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها من خلال اللعب، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أو حنين وفي سهوتها ستر فهبت ريح فكشفت ناحية الستر عن بنات لعائشة لعب فقال: ((ما هذا يا عائشة؟))، قالت: بناتي، ورأى بينهن فرسًا له جناحان من رقاع فقال: ((ما هذا الذي أرى وسطهن؟))، قالت: فرس، قال: ((وما الذي عليه؟))، قالت: جناحان، قال: ((فرس له جناحان؟!))، قالت: أما سمعت أن لسليمان خيلًا لها أجنحة؟! قالت: فضحك حتى رأيت نواجذه [صححه الألباني]. إذًا لقد تعلمت السيدة عائشة الآن أمرًا ما، وهو أنه كان لسليمان عليه السلام خيلًا لها أجنحة، هل يتصور أحد بعد ذلك أن تنسى السيدة عائشة رضي الله عنها هذه المعلومة؟ بالطبع لا. إذًا فاللعب ليس مجرد وسيلة للترفيه وحسب، بل هو أيضًا وسيلة جيدة للتعليم ولتوسيع المدارك، ولذلك اهتم النبي صلى الله عليه وسلم جدًا بهذا الأمر وشجع عليه ما دام في إطار اللعب المباح، البعيد عن المخالفات الشرعية، ومن الأمثلة لذلك: 1. سؤال النبي صلى الله عليه وسلم أبا عمير عن طيره الذي كان يلعب به واهتمامه بهذا الأمر: عن أنس قال: إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير: ((يا أبا عمير ما فعل النغير؟))، كان له نغير يلعب به فمات [متفق عليه]. 2. مداعبة النبي صلى الله عليه وسلم للحسن عندما رآه يلعب مع الصبيان: عن عقبة بن الحارث قال: صلى أبو بكر العصر ثم خرج يمشي ومعه علي، فرأى الحسن يلعب مع الصبيان فحمله على عاتقه، وقال: (بأبي شبيه بالنبي ليس شبيهًا بعلي)، وعلي يضحك [رواه البخاري]. 3. مداعبته وملاعبته صلى الله عليه وسلم للحسين أيضًا: عن سعيد بن أبي راشد أن يعلى بن مرة حدثهم أنهم خرجوا مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى طعام دُعُوا له، فإذا حسين يلعب في السكة، قال: فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم أمام القوم، وبسط يديه، فجعل الغلام يفر ها هنا وها هنا، ويضاحكه النبي صلى الله عليه وسلم، حتى أخذه فجعل إحدى يديه تحت ذقنه والأخرى في فأس رأسه فقبله، وقال: ((حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسينًا، حسين سبط من الأسباط))[حسنه الألباني]. العلماء والخبراء يؤكدون على أهمية اللعب ودوره في التعليم. (ذُكِركثيرًاأنأفلاطونكان أولمناعترفبأنللعبقيمةعملية،ويتضحهذامنمناداتهفيكتاب القوانينبتوزيعالتفاحاتعلالصبيةساعدتهمعلىتعلم الحساب، وبإعطاءأدواتبناءواقعيةمصغرةلأطفالسنالثالثةالذينكان عليهمأنيصبحوابناءينفي المستقبل، وكانأرسطويعتقدكذلكأنالأطفال ينبغيأنيُشَجَّعواعلىاللعب بما سيكونعليهمأنيفعلوهبشكلجدي كراشدين) [سيكلوجية اللعب، د.سوزانا ميلر]. (إن اللعب يحوي جميع جوانب النمو، ونلاحظ أن هناك إجماع على أهمية اللعب وإسهاماته في الطفولة، فعن طريقة تظهر مايلي: 1- يساعد الطفل في السيطرة على القلق والمخاوف والصراعات النفسية البسيطة. 2- يساعد الطفل في تنمية المشاركة الاجتماعية والتفاعل مع الآخرين وتعزيزالسمات الاجتماعية المرغوبة. 3- يساعد اللعب في تنمية المهارات الحركية والنموالجسمي. 4- يساعد اللعب في تنمية استشارة القدرات العقلية وتنميتها. 5- يساعداللعب في تنمية مدركات الأطفال وتنمية تفكيرهم وحل مشكلاتهم. 6- يساعد الأطفالفي التعرف على أنفسهم وكشف إمكاناتهم. 7- يساعد في عمليات التعلم. 8- يساعدالطفل في إثراء لغته فيجود أداءه اللغوي ويثري قاموسه اللفظي. 9- فيه يختبرأنواع السلوك الاجتماعي الذي يلائم مواقفه. 10- يساعد المعلم على تحسين معلوماتهعن الطفل وابتكار وسائل جديدة لممارسة الطفل لألعابه) [اللعب عند الأطفال، محمد بن عبدالله الدويش]. الطفل من غير لعب كالسمك من غير ماء. إن (اللعب للأطفال كالماء للإنسان، فالطفل بحاجة إلى اللعب وإياك أن تحرمه من تلك المتعة). (ساحات لعب الأطفال أماكن يرسم فيها خطوط عريضة من شخصياتهم، وأبعاد طويلة من تفكيرهم، قد يصل إلى ترسيخ نواح عَقَدية في نفوسهم، وهو ضرورة من ضروريات مرحلة الطفولة) [تربية الطفل في الإسلام، سيما راتب عدنان أبو رموز، ماجستير دراسات إسلامية]. إذًا عزيزي المربي لا سبيل أبدًا للمساس بحصة الألعاب ولا باليوم الترفيهي للطفل، فإن له الأثر الكبير على صحته النفسية. وخامًا عزيزي المربي نسأل الله تعالى أن يصلح أحوال أبنائنا وبناتنا وأن ينبتهم نباتًا حسنًا وأن يجعلهم عزًا للإسلام والمسلمين. أهم المراجع. سيكلوجية اللعب، سوزانا ميلر. اللعب عند الأطفال، محمد بن عبدالله الدويش. تربية الطفل في الإسلام، سيما راتب عدنان أبو رموز.
خدمات المحتوى
|
تقييم
محتويات مشابهةمحتويات مشابهة/قالاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |