الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
أطفالنا والتربية مع الحزم تنجح!! |
2012-08-07 12:12
الكاتب:عمر إبراهيمأحمد: أبي... أريد نقودًا لأشتري بعض الأشياء. الوالد: وأين مصروفك يا أحمد؟ لا زلنا في منتصف الأسبوع. أحمد بلا مبالاة: لقد صرفته كله يا أبي. الوالد في حزم: لن تأخذ شيئا إلى آخر الأسبوع. أحمد في تضرع: ولكني أريد أن أشتري حلوى... بالله عليك يا أبي. الوالد: كلا يا أحمد، لقد اتفقنا على أنك ستجتهد في أن تجعل مصروفك يكفيك طوال الأسبوع. أحمد وقد بدأ في البكاء: أريد النقود يا أبي...أريد النقود. الوالد في حزم أشد: قلت لا، لن تأخذ شيئًا إلى آخر الأسبوع. الرحمة المغلوطة "فإنك إن رحمت بكاءه لم تقدر على فطامه، ولم يمكنك تأديبه، فيبلغ جاهلاً فقيرًا!!" [صيد الخاطر، ابن الجوزي] عزيزي المربي، يوضح لنا الإمام ابن الجوزي أهمية الحزم في التربية؛ فيخبرك أنك إن رحمت بكاء طفلك إذا أرادك أن تميل إلى مراده متأثرًا بهذا البكاء، وكان هذا الميل أو التنازل في غير مصلحة الطفل، إن أنت فعلت ذلك واستجبت لنداءاته البكائية؛ ستكون النتيجة الحتمية أنك لن تقدر على فطامه، أي لن تستطيع بعد هذا تعويده على ما فيه مصلحته، وإن احتاج بعض الألم والصبر، وشبَّه ذلك بالفطام لأن فطام الطفل يتطلب شيئًا لا نقول من القسوة، ولكن يحتاج شيئًا من الحزم. فإن استجاب المربي لتلك النداءات البكائية؛ لن يتمكن من تأديبه، وعندما يبلغ سيبلغ جاهلًا، فقيرًا؛ وذلك لأن كلًّا من العلم وكسب الرزق يحتاج إلى صبر وجلد، ولو أن الإنسان الذي يريد أن يتعلم علمًا يقيم به دينه أو أن يكسب مالًا يستغني به عن الناس ولبى نداءات نفسه الكسولة التي تحب الراحة والنوم؛ لما تعلم الإنسان شيئًا ولعاش جاهلًا فقيرًا، هذا إن كُتب له أن يعيش بين الأحياء!! وقد يكون هذا الأمر صعبًا على المربي، ولكن لا بديل عنه لمن أراد العزة لأبنائه، (أن تقول لا وأن تكون حازمًا قد يكون أمرًا شديد الصعوبة في بعض الأحيان، فقد يكون من السهل أن تستسلم لطفلك وتلبي له طلباته، ولكن كن واثقًا أن الأهم أن تكون حازمًا، على الرغم من أن الحزم يشعرك بالألم في بعض الأحيان) [كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك، سال سيفير] كن حازمًا لتصبح ناجحًا. فالذي يطلق الحبل على الغارب ويعيش الحياة هملًا، سواءً مع نفسه أو مع أسرته؛ لن يستطيع أبدًا أن يكون ناجحًا في حياته، فضلًا عن أن يكون مربيًا ناجحًا. فالحزم كما يقولون إحدى الصفات الأساسية التي ينبغي أن تتوافر فيمن يتولى القيادة، وأنت على الأقل قائدٌ في بيتك إن لم تكن قائدًا في عملك أو في مهنتك، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم حازمًا في كل موقف يتطلب منه فيه الحزم، ولولا حزمه صلى الله عليه وسلم ما استطاع أخذ قرار الهجرة، أو قرار الطائف، أو إنفاذ الجيوش، أو إجلاء اليهود. وهكذا كان الخلفاء الراشدون من بعده كذلك أيضًا حازمين؛ فأبو بكر حازم في إنفاذه جيش أسامة، وحازم أيضًا في حرب المرتدين، وحازم أيضًا في صلح الحديبية وتأييد كلام النبي صلى الله عليه وسلم. وعمر أيضًا رضي الله عنه حازم أولًا مع نفسه فلا يأكل حتى يأكل أبناء المسلمين، وحازم أيضًا مع رعيته فكان الباب الذي لما كُسِر بدأت الفتنة، وحازم أيضًا مع خالد بن الوليد فأرجعه عن قيادة الجيش لما رأى الناس قد افتتنوا به. الاستجابة الفورية المربي الناجح هو الذي تكون استجابته فورية لسلوك أبنائه، (وهذا يعني أنه لابد أن يستجيب الوالد لسلوك الطفل بعد وقوعه مباشرة، فإن لم تستطع ذلك بشكل فوري، يمكنك ذلك في أقرب وقت ممكن، أما تأخير العاقبة ـ رد الفعل إزاء سلوك طفلك ـ فإنه يقلل تأثيرها ويضعف الصلة بين السلوك وعواقبه، فإذا حرمت طفلك من وقت اللعب عقابًا له على شيء فعله الأسبوع الماضي؛ فقد تعتريه الحيرة والدهشة ويعتقد أنك ظلمته ظلمًا كبيرًا) [تربية الأطفال بالفطرة السليمة، د.راي بيرك]. الحزم الذي ننشد. الحزم: هو وضع الشيء في موضعه. والحازم: هو الذي يضع الأمور في مواضعها، فلا يتساهل في حال تستوجب الشدة، ولا يتشدد في حال تستوجب اللين والرفق. وضابط الحزم للمربي مع ولده كما بين الإمام ابن الجوزي رحمه الله: (أن يلزم ولده بما يحفظ دينه وعقله وبدنه وماله، وأن يحول بينه وبين ما يضره في دينه ودنياه، وأن يلزمه التقاليد الاجتماعية المرعية في بلده ما لم تعارض الشرع) [صيد الخاطر، ابن الجوزي]. ولا نعني بالمربي الحازم ما يفعله بعض الآباء من (إصدار المزيد من الأوامر للأبناء ورفض رغباتهم، وحملهم على سلوكات محددة، وتشكيل أذواقهم الخاصة على ما يهوى الأهل، فبعض الآباء يريد من أبنائه أن يظلوا دائمًا على أهبة الاستعداد لتلبية طلباته التي لا تقف عند حد، كما أن بعضهم يريد من أهل بيته أن يمشوا على رؤوس أصابعهم، إذا كان نائمًا، أو كان عنده ضيوف، وبعضهم يحجر على الطفل أن يراجعه في أي كلمة يقولها ولو كان الطفل مؤدبًا، ولو كان على صواب فيما يريد قوله) [دليل التربية الأسرية، أ.د.عبدالكريم بكار]. وإذا أردت أن تقيس درجة حزمك؛ فاعرض نفسك على المواقف التالية: · امتنع الطفل عن صلاة الظهر عمدًا. · لم يقم الطفل بحل واجباته المدرسية. · أنفق الطفل مصروفه كله قبل نهاية الشهر. · طفلك يصاحب طفلًا سيء الأخلاق. · طفلك لا يحب أن يلعب الرياضة. · حصل طفلك على مجموع جيد. ثم اسأل نفسك ماذا كنت ستفعل فيها؟ ثم اعرف بعد ذلك ما هو سلوك الحازم إزاء هذه المواقف: · إن امتنع الطفل عن الصلاة فلابد أن يحدد عقوبة، ويكون حازمًا في تنفيذها. · كذلك الأمر في موضوع الواجبات المدرسية. · إذا أنفق الطفل مصروفه كله؛ فالمربي الحازم لا يعطيه شيئًا حتى ينتهي الشهر مهما ألح عليه. · وبالنسبة للصاحب السيئ؛ المربي الحازم يبعد الطفل عن هذا الصاحب وإن بكى الطفل. · وبالنسبة للرياضة؛ المربي الحازم يعرف أهمية الرياضة، وكذلك أضرار تركها، وبالتالي المربي الحازم يُلزِم طفله على الرياضة، ويساعده في اختيار الرياضة التي يحب، أو على الأقل تمرينات الصباح. · المربي الحازم يكافئ قبل أن يعاقب، فإن نجح الطفل وحصل على مجموع جيد يكون المربي حازمًا في شراء هدية له والذهاب معه في رحلة خلوية وإن كان ذلك غير متناسب مع ظروف عمله. كيف تكون حازمًا؟ هناك فرق كبير بين تهديد الطفل بالعقاب فقط على سلوك معين يقوم به، وبين إيقاع العقوبة بالفعل، وهذا هو الفرق بين المربي المهدد والمربي الحازم (فإذا ثابرت بحزم على ما تقوله؛ فسينصت طفلك لتحذيراتك، فلقد تعلم طفلك أنه عندما تقول له توقف يعني أن يتوقف عن ذلك فورًا، فإذا لم تكن حازمًا؛ فسينصت طفلك فقط للتهديد في الوقت الذي توجهه فيه، حيث أنه يعلم أنه لا بد أن تتكرر التهديدات قبل أن يتوقف بالفعل عما يقوم به) [كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك، سال سيفير]. ومن الأشياء التي تساعدك لتكون أكثر حزمًا هو (استخدامك لأشياء ملموسة لتذكرك، اكتب بعض الملاحظات الخاصة بك مثل: "لا تستسلم للغضب" "لاحظ أطفالك وهم يلعبون بهدوء" "ابق هادئًا ولا تجادل") [كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك، سال سيفير] وكن واثقًا من أنه (سيأتي يوم ويختبرك أطفالك، فمهما خططت بحرص، ومهما كنت شديد الالتزام؛ فإن أطفالك سيقاومون التغيير، فالأطفال يستجيبون غالبًا بصورة جيدة للأساليب النظامية الجديدة، ولكن بعد ذلك يعودون للأساليب السابقة، ويزيدون من السلوكيات السيئة، وعندما يحدث ذلك؛ لا تيأس، فهذا أمر طبيعي، ومعرفتك لهذا ستجعلك أقل إحباطا وخيبة أمل، وأكثر حزمًا في تلك الأوقات) [كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك، سال سيفير] الحزم لا الكبت. وتحذير أخير أخي المربي من الإفراط في الحزم، فليس معنى استخدام الحزم أن تقوم بكبت الأطفال كلا، فـ(إن منح الطفل حرية اختيار العمل الذي يريد القيام به؛ يجعله راغبًا في تطبيق ما اختاره، لأنه لا يشعر أنه مرغم على أدائه من قبل شخص أقوى منه، ومن ثم فهو يتعود تحمل المسئولية) [سياسات تربوية خاطئة، محمد ديماس]، و(إن الحرية شرط مهم من شروط الإبداع، وكثرة القيود التي نضعها على أبنائنا تجعلهم متوجسين من كل فعل وكل كلمة، ومن هنا فإن من صفات المربية الجيدة عدم المبالغة في الضوابط التي تحكم حركة أبنائنا إلى حد التنفير، واليقين بأن حرية الاختيار تنمي القدرة على اتخاذ القرار) [اللمسة الإنسانية، محمد محمد بدري]. (إن التربية الجيدة ليست تلك التي تجعل الطفل يشعر أنه جندي يعيش في ثكنة عسكرية، وإنما تلك التربية التي يستمتع فيها الطفل بصحبة والديه، ويشعر أن اختياراته موضع اعتبار وتقدير) [دليل التربية الأسرية، أ.د.عبدالكريم بكار]. وماذا بعد الكلام؟؟ 1. أذا عاقبت طفلك على خطأ ارتكبه، فبكى وانتحب فلا تستجب لبكائه مهما كانت حالته، فهذا هو الأفضل له على المدى البعيد. 2. ذكر نفسك دائمًا بأهمية الحزم، بأن تكتب بعض الملاحظات التي تجعله حاضرًا في ذهنك في نوتة صغيرة تحملها معك في كل مكان. 3. لتكن العقوبة على قدر الخطأ، فلا تبالغ فيها فتفقد فائدتها ويقل اكتراث طفلك بها. أهم المراجع: 1. دليل التربية الأسرية، أ.د.عبدالكريم بكار. 2. اللمسة الإنسانية، محمد محمد بدري. 3. سياسات تربوية خاطئة، محمد ديماس. 4. تربية الأطفال بالفطرة السليمة، د.راي بيرك. 5. كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك، د. سال سيفير.
خدمات المحتوى
|
تقييم
محتويات مشابهةمحتويات مشابهة/قالاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |