شـبـكــة عـمّـــار
إخبارية - ترفيهية
- تعليمية



جديد الصور
جديد الأخبار
جديد المقالات


جديد الصور

جديد البطاقات

جديد الصوتيات

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

 
Dimofinf Player
الغذاء النفسي

2012-08-06 11:13
الكاتب:عمر السبع




إن (الحب هو الغذاء النفسي الذي تنمو وتنضج عليه الشخصية، وإذا أعطى الطفل الحب الواعي المستنير سيمتلئ ثقة بنا واطمئنانًا إلينا، وبالتالي ثقة في نفسه واطمئنانًا إلى العالم حوله، وهو أهم عوامل خروجه عن أنانيته وتركيزه على نفسه.

ولا نقصد بذلك الحب الغشيم المطلق الذي يخاف عليه من الأذى فنحوطه بعناية مبالغ فيها، ونحصي عليه خطواته، ونكاد نمنعه من أي نشاط مستقل خشية لما يتعرض له من ضرر؛ فهذا الحب سيجعله ينظر إلى العالم حوله كأنه مستودع أخطار، لا يعرف كيف ومتى يواجهه، أما الحب الناضج فإنه ينمي قدراته) [الصحة النفسية للطفل، د.حاتم محمد آدم، ص(195)].

النبي صلى الله عليه وسلم معلم الرجال يعلم بالحب:

(إنها قاعدة عامة يضعها النبي صلى الله عليه وسلم في المعاملة مع الغير، وخاصة مع من نعاشرهم، وعلى الأخص الأطفال الصغار لحاجتهم للحنان والعطف، ولعدم إدراكهم هذا المعنى إلا من خلال سلوك ظاهر وعملي.

فيجب على الوالدين والكبار عمومًا عند معاملة الأطفال ومعاشرتهم استخدام أساليب عملية ومعبرة عن المودة والمحبة لهم، مثل حمل الصغار وتقبيلهم وملاعبتهم، ومصاحبتهم خارج المنزل للتنزه والتفرج، وزيارات المعارف والأقارب والاهتمام بأمورهم، والرد على كل أسئلتهم، والنوم بجانبهم.

والسماح لهم بالجلوس مع ضيوف البيت، ومدح سلوكهم الصحيح أو المتميز، وتقدير أعمالهم بالجوائز والحلوى، وعدم زجرهم ومنعهم من اللعب والحركة، وأمثال ذلك من الأسباب التي توطد العلاقة مع الطفل وتقنعه بالحب والاهتمام وتشبع حاجاته.

عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الأولى، ثم خرج إلى أهله وخرجت معه؛ فاستقبله ولدان، فجعل يمسح خدي أحدهم واحدًا واحدًا، وأما أنا فمسح خدي فوجدت ليده بردًا أو ريحًا، كأنما أخرجها من جؤنة عطار) [رواه مسلم].

فأي صورة من الحنان المعبر والأبوة والشفقة تلك التي يبديها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يلقى بعض الأطفال في طريقه، فيمسح بحنان ومودة على كل خد للأطفال واحدًا واحدًا، لأنه الحنان الغامر الذي يشمل كل طفل، وأين هذا السلوك من سلوك الذي يزجر كل طفل يلقاه معترضًا طريقه؟ أو على الأقل من لا يحدثهم ولا يلقي إليهم السلام؟) [العشرة الطيبة مع الأولاد، أ.محمد حسين، ص(283)].

عزيزي المربي إما أن تبني شخصية طفلك وإما أن تهدمها بيدك:

إن (الطفل ليس كائنًا سلبيًّا إلا إذا أجبرناه على السلبية، والطفل يكون إيجابيًّا وفعالًا كلما وجد المناخ المساعد على ذلك، ومن ثم تكون حرية الفعل وحرية الخطأ أمرًا مشروعًا أثناء نمو الأطفال.

والمقصود بالحرية ليس تركًا للحبل على الغارب، ولكن المقصود بها تهيئة الطفل للاعتماد على نفسه انبثاق ذاته، وإتاحة الفرص أمامه للاختيار، كل ذلك داخل إطار من الانضباط، لأن الطفل يحتاج بجانب الحرية إلى الضبط، ولكن ليس المقصود بالضبط هنا التعسف في تكبيل حرية الطفل، في الحركة وفي الفعل وفي قبول أو رفض الكثير من الأمور، ومن ثم يكون الضبط هنا موجودًا وبهدوء إذا ما جنح الطفل نحو فعل خاطئ أو خطر) [الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة، د.محمد عبد الظاهر الطيب، ص(86)].

وبهذا عرفت عزيزي المربي أنه لا تعارض بين تعويد الطفل على المسئولية وبين منحه الحب والحنان اللازم لصحته النفسية، بل إن الحب والحنان عامل مساعد ومؤثر بقوة في بناء ثقة الطفل في نفسه، واعتماده على ذاته واستقلال شخصيته.

السؤال الثاني:هل هناك تعارض بين التربية على المسئولية واحترام الكبير؟

على مائدة الطعام ...

وضعت الأم كل الطعام على المائدة وجهزت كل شيء، وحان وقت تناول وجبة الغذاء، ولكن حاتم الطفل الصغير وقف حائرًا أمام مائدة الطعام، يريد أن يختار لنفسه المكان المناسب، وكذلك يريد أن يختار لنفسه الطبق المناسب، وما لبث أن هدأت حيرته وجلس على المقعد الرئيس الذي يجلس عليه الجد.

ولم يكتف بذلك ولكنه أمسك بالملعقة وبدأ يشرع في الأكل، لولا أن استوقفته أمه صارخة وهي تقول: أنت يا ولد قم من هنا، هذا مكان جدك!

فقام حاتم من المكان وجلس في المكان المجاور، فما لبثت أن صرخت فيه مرة أخرى وقالت له: يا ولد قم من هنا، هذا مكان والدك.

فازدادت حيرة حاتم، ولكنه تواضع مرة أخرى وجلس في الكرسي المقابل، فما لبثت الأم أن صرخت فيه وقالت له: قم من هنا يا ولد، هذا مكان عمك.

وهكذا ظل حاتم ينتقل من كرسي لكرسي وهي تأمره وتزجره من مكان إلى مكان، حتى جلس أفراد الأسرة جميعهم على مائدة الطعام ووقف الطفل يتسائل حائرًا!

أمي: أين أجلس؟

أمي: أين طبقي؟

فلم تعره الأم بالًا وقالت له اجلس وأجلسته على رجلها، وبدأت تدفع الطعام إلى فمه وهو لا يزال في حيرته، ولا يشعر بطعم الطعام.

ولكن الأم لم تنتبه لذلك كله، وسألته لماذا لا تأكل يا ولد؟!

الاحترام شيء هام ولكن؟!

(من الاتجاهات الخُلقية التي يجب على البيت مراعاتها وغرسها في نفس الولد الاحترام والتوقير للكبير والصغير، وفائدة هذه الخصال أنها بمرور الأعوام لا ينحصر هذا الاحترام للأشخاص فقط، بل يتناول المثل العليا والمبادئ المُثلى والقيم الروحية، فيحترم نفسه ومن ثمَّ يحترم ويوقر الآخرين، ثم يحترم الحياة والكرامة الشخصية والقانون وغير ذلك)[الطفل في الشريعة الإسلامية ومنهج التربية النبوية، سهام مهدي جبار، ص( 316)].

نعم إن تربية الأولاد على احترام الكبير من الأمور الهامة جدًّا لنشأة الطفل على احترام الكبير، وكذلك احترام الأخلاق والقيم والمبادئ، ولكن لا يعني تربية الطفل على الاحترام أن نربيه أيضًا على طمس الذات.

إن كثيرًا من الآباء أثناء تربية أطفالهم على احترام الكبير، يعملون من حيث لا يشعرون على هدم شخصية الصغير، والحقيقة أن هذه الطريقة في التربية من أخطر الطرق إفسادًا لشخصية الطفل، وتأثيرها بالسلب على صحته النفسية، وينشأ الطفل ضعيف الشخصية، حقير النفس، لا رأي له ولا قول، ويصير حاله كحال من وصفهم الشاعر فقال:

ويقضى الأمر حين تغيب تيــم

ولا يستأذنون وهــم شهـــــود

لابد أن تعرف عزيزي المربي أنه لا تعارض بين تربية الطفل على الاستقلالية، وبين تربيته على احترام الآخرين.

احترام الذات لا يتعارض مع احترام الآخرين:

يخلط الآباء كثيرًا بين هذين المعنين، ويظن الكثير منهم أن احترام الذات تعني عدم احترام الآخرين، ويسلك الآباء في التعامل مع احترام الذات واحترام الآخرين مسلكين طرفي نقيض، أحدهما مُفرِط والآخر مُفَرِّط.

فبعض الآباء يسرفون في تربية الطفل على احترام ذاته، حتى ولو كان ذلك على حساب احترام المبادئ والقيم أو احترام الآخرين، وهذه الطريقة في التربية تخرج لنا طفلًا أنانيًّا لا يعرف إلا نفسه وإشباع رغباته، حتى ولو كان على حساب الآخرين.

والبعض الآخر من الآباء يسرف في تعليم الطفل احترام الآخرين، حتى ولو على حساب ذاته واحترامه لها، وهم يظنون بذلك أنهم يربون طفلهم على الأدب والأخلاق، ولكن ما قمية الأدب والأخلاق إن خرجت لنا طفلًا ضعيف الشخصية خائر الهمة.

لابد أن يعرف الآباء جيدًا أنه لا تعارض بين تربية الطفل على الاستقلال واحترام ذاته، وبين تربيته على احترام الآخرين.

بل إن تربية الطفل على الاستقلال كما أنها لا تتعارض مع تربيته على احترام الكبير من جانب؛ فإنها ومن جهة أخرى تقود الطفل إلى احترام الكبير في النهاية، فإن الطفل الذي يحترم ذاته سوف يحترم ذوات الآخرين، والطفل الذي لا يحترم ذاته ولا يقدرها، لن يحترم ولن يقدر ذوات الآخرين.

إن (القاعدة بسيطة لكنها قوية: إذا لم يكن الأطفال يتمتعون باحترام الذات؛ فسيصبح من المستحيل تقريبًا أن يكون لديهم احترام للآخرين.

أي أن الاحترام هو إحدى أهم السمات الشخصية، فعندما يمتلك الأطفال هذه السمة الشخصية تزداد احتمالات أن يكون لديهم اهتمام بحقوق الآخرين) [أسس بناء الشخصية: احترام الذات والآخرين، د.ميشيل بوربا].

تعلم من مشكاة النبوة:

روى البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب منه، وعن يمينه غلام أصغر القوم وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام: (أتأذن لي أن أعطي هؤلاء؟)، فقال الغلام: والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدًا، فتله رسول الله في يده [متفق عليه]، والغلام هو الفضل بن العباس رضي الله عنهما.

(إنه أمر يفوق كل تقدير وتعجز عنه أساليب التعبير كلها، ولا ترقى إليه مناهج التربية التي يحاولها غير النبي صلى الله عليه وسلم من البشر، طفل صغير يجلس في مجلس الأشياخ وبينهم النبي صلى الله عليه وسلم الذي يُعلِّم ويسوس ويقود الأمة، ويستأذنه النبي صلى الله عليه وسلم في شربة، ويجلس عن يمين النبي صلى الله عليه وسلم وهي كرامة للكبار قبل الصغار، ولا ينسى النبي صلى الله عليه وسلم حق الطفل الصغير في الشرب وبدءًا من يمين الشارب.

إن هذا السلوك وغيره من أساليب التربية الإسلامية هي التي أوصلت هؤلاء الغلمان إلى مدارج العظمة وهم لا يزالون صغارًا، فهذا الفضل بن العباس رضي الله عنهما وهو غلام درج بين الأشياخ، يعرف كيف المنطق في مثل هذا الموقف العظيم، (والله لا أوثر بنصيبي منك أحدًا).

إن الاهتمام بالطفل الصغير، والانتباه إلى ما يؤثر في نفسيته، ومعاملته معاملة كريمة فيها التقدير والاحترام لذاته الصغير؛ أمر هام في التربية الإسلامية؛ لأنه في المعتاد عند الكثيرين من الأمهات والمعلمين إغفال شأن الطفل لصغره، وأنه لا يدرك الأمور، وفي الحقيقة وواقع الأمر أن الطفل الصغير شديد الحساسية ومرهف الشعور لكثير من الأمور التي يغفل عنها ويهملها الكبار، وقد لايستطيع الطفل التعبير عن إدراكه وشعوره، ولكن ذلك لا ينفي وجود الإدراك والشعور) [العشرة الطيبة مع الأولاد، أ.محمد حسين، ص(284-286)].

المصادر:

· العشرة الطيبة مع الأولاد، أ.محمد حسين،.

· أسس بناء الشخصية: احترام الذات والآخرين، د.ميشيل بوربا.

· الصحة النفسية للطفل، د.حاتم محمد آدم.

· الطفل في الشريعة الإسلامية ومنهج التربية النبوية، سهام مهدي جبار.


تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 765


+++

خدمات المحتوى
  • مواقع النشر :
  • أضف محتوى في Digg
  • أضف محتوى في del.icio.us
  • أضف محتوى في StumbleUpon
  • أضف محتوى في Google


تقييم
0.00/10 (0 صوت)

محتويات مشابهة

محتويات مشابهة/ق

الاكثر تفاعلاً

الافضل تقييماً

الاكثر مشاهدةً

الاكثر ترشيحاً

الافضل تقييماً/ق

الاكثر مشاهدةً/ق

الاكثر ترشيحاً/ق


Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.