الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
أطفالنا والتربية أبناء شهداء فلسطين.. نبراس الأمة |
2012-08-06 11:49
بدايةً كان اللقاء مع "أنس" وهو طفل في الثالثة عشر من عمره، ولكنه عندما يروي لك قصة استشهاد والده - قبل ست سنوات - تشعر أنه يعيش أحداثها في كل لحظة: يقول "أنس": كنت طالبًا في الصف الأول الابتدائي، عندما اتصل بعض أقاربي بالمدرسة، يطلب منهم عودتي للبيت على وجه السرعة، وأخبر المدرس بنبأ استشهاد والدي، ولكن المدرس لم يخبرني بل قام بإرسال بعض الطلاب معي إلى بيتي، وكانت المدرسة تبعد كثيرًا عن بيتي، وعندما أصبحنا على مقربة من مكان سكناي كان الطلاب الذين معي يتراكمون حولي، حتى لا أشاهد صور والدي التي ملأت صوره الجدران، وعندما وصلت أتى ابن عمي الأصغر وأخبرني بنبأ استشهاد والدي إثر عملية اغتيال مقصودة، حيث أصيب والدي مع قائد المنطقة الميداني، ما أدى إلى استشهاد الاثنين على الفور فأجهشت بالبكاء.وبدأت أتذكر والدي الذي بقي مطاردًا لعدة سنوات، وكان دومًا يحضر السلاح والقنابل للبيت، ويبيت الليالي الطوال خارج البيت. وعن حياته وحياة أسرته بعد استشهاد والده ...قال: أكملتْ والدتي دراستها الجامعية، ولم تكن تعمل في مجال التدريس قبل وفاة والدي، ولكن بعد وفاته أكملت دراستها، وقدمت لتعمل في سلك التدريس من أجل إعالتي أنا وأخوتي، حيث رفضت أمه الزواج من أحد، وبقيت حول أولادها تعيلهم وتربيهم، وهي تعمل الآن مدرسة في إحدى المدارس. ويقول "أنس": أكملت حفظ القرآن بعد وفاة والدي، حيث قامت والدتي بمتابعة حفظي للقرآن الكريم حتى أنهيته في أقل من سنتين – بفضل الله – وعن المشاكل التي تواجهه.. خلصنا إلى نتيجة أن الوالدة تتحمل عبئًا كثيرًا، وهي التي تتكفل بحل المشاكل، ولكن إذا كانت المشاكل "عويصة" فهي تقوم بإحالتها إلى أعمامه، وبرباطة جأش وبابتسامة هادئة أنهى الحديث معنا بكلمات جعلتنا نشعر أن كل عمليات الاغتيال التي تنفذها طائرات ودبابات الصهاينة لن تثني أيًا منا عن طريق الشهادة والاستشهاد، وأضاف: "أتمنى اللّحاق بوالدي وحفظت القرآن حتى أكون عالمًا ربانيًا؛ حتى أنفع الأمة، وأقود الأمة إلى بر الأمان". والعجيب أن هذه العبارة تكررت كثيرًا أثناء اللقاء، وكأنه حفظها، حيث فهمنا في النهاية أن هذه الجملة كانت وصية والده - رحمه الله - والتي دومًا كان يرددها له ولأمه التي تبذل قصارى جهدها من أجل تحقيق هذه الوصية. وفي لقاء مع طفل آخر اسمه "محمد" ولكن حال هذا كان - نوعًا ما - يوحي بوجود معاناة في داخل البيت وأمه التي تتحمل تبعات الإخوة والأخوات، حيث استشهد أبوه قبل عدة أعوام في بداية الانتفاضة، ورفضت أمه أيضًا الزواج من أحد آخر، وتفرغت لتربية أولادها ومتابعتهم؛ خوفًا عليهم من التشرد، في مجتمع لا يحكمه إلا لغة السلاح، ولكن الوالدة هي أصلاً لم تكن من حملة الشهادات حتى تخرج لتعمل في أي مجال محترم، ما جعل الأسرة تعاني من الناحية الاقتصادية. ويقول "محمد" - متحدثا عن الجمعيات التي كانت تقدم مساعدات لهم إبان استشهاد والده -: إن هذه الجمعيات - في البداية - كانت تقدم شيئًا من المساعدات العينية، ولكنْ شيئًا فشيئًا تلاشى الدعم، حتى أصبح لا يفي إلا بالحاجيات الضرورية، ويضيف قائلاً: "تطالب هذه الجمعيات بصور لي ولإخوتي، وبالعديد من الوثائق، في حين أنها لا تقدم دعمًا يساوي ثمن الصور والوثائق التي قُدمت لهم". وحول مسئوليات البيت قال عن الوالدة: إنها تقوم بالجل الأكبر من هذه الأمور، وهي تقوم بالجل الأكبر في متابعتهم في الصلوات في المسجد، وهي كذلك تقوم بمتابعتهم حتى يحفظوا القرآن، ويعملوا به، وتمنى "محمد" أن يكون كذلك من السابقين الأولين الذين يدافعون عن هذا الدين. والجدير بالذكر أن المئات من نساء وزوجات الشهداء، يعانين في تربية أبنائهن، في ظل مجتمع لا يحكمه قانون واضح، ووضع اقتصادي قاتل، في ظل حصار مفروض على الفلسطينيين لا يوجد حتى هذه الساعة برنامج واضح، وبعيد عن الحزبية، يحافظ على أبناء الشهداء وعلى تطلعاتهم، على الأقل من أجل الوفاء لدماء آبائهم الذين قدموا أغلى ما عندهم.
خدمات المحتوى
|
تقييم
محتويات مشابهةمحتويات مشابهة/قالاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |