الرئيسية
الأخبار
|
الأسرة والأبناء |
أطفالنا والتربية الطفل المتأخر عن طابور الصباح |
2012-08-07 12:07
بدأ اليوم الدراسي بنشاطه المعتاد، وهبَّ طابور الصباح ليبث روح العمل في نفوس التلاميذ، وبالتمارين الرياضية والإذاعة المدرسية ذهب النوم عن أعين التلاميذ وغاب عنهم الكسل، وذهبوا صفوفًا تلو صفوف ليبدءوا يومهم الدراسي بجد ونشاط.وفي خضم هذا النشاط غاب عن الصف الرابع الابتدائي طفل كسول يدعى نادر، وكأنه أبى إلا أن يجعل من اسمه النادر تعبيرًا صادقًا عن تأخره اليوم، لأن نادر دائمًا هو الطفل النادر في المدرسة، يعبِّر بغيابه وكثرة تأخره عن الكسل والفوضى في مدرسة يعمها النشاط والحيوية والنظام. وبعد أن دخل المدرس فصله، وولى ظهره لتلامذته، وبدأ يكتب عنوان الدرس الخاص بهذا اليوم، انفتح الباب فجأة، فردد كل الأولاد في الفصل وبصوت واحد وكأنهم قد اعتادوا أمرًا ما: نادر وصل يا أستاذ، فالتفت المدرس له، وهو يحاول كتمان غيظه وقال له: يا نادر متأخر، وأيضًا لا تستأذن! فنظر نادر إلى المدرس نظرة يغشاها البلاهة واللامبالاة، وقال له بكل برود، وماذا في ذلك يا أستاذ، هل أخطأت في شيء؟! إنه حقًّا لا يدرك خطأه: هو طفل في المرحلة الابتدائية، هل يتصور أن يكون مسئولًا عن تأخره عن المدرسة؟! إن كنا نتحدث عن المرحلة الثانوية لقلنا ربما، فقد يكون في هذه المرحلة مسئولًا بصورة كبيرة عن تصرفاته وأفعاله، ولكن كيف يكون ذلك مع طفل في الصف الرابع الابتدائي؟! إن طابور الصباح والحصة الأولى من باب أولى محل اهتمام ونظر الجميع، حيث بهما يعرف الطالب المنضبط من الطالب المتكاسل والمتساهل، وقد يعاقب الطفل في بعض المدارس بسبب التأخر عن طابور الصباح أو عن الحصة الأولى، سواء كان هذا العقاب بأنواع العقاب النفسي كالتوبيخ والتأنيب ومنع الطفل من دخول الطابور أو من دخول الفصل كما في أغلب المدارس، أو كان نوعًا من العقاب البدني في بعض المدارس الأخرى. وإضافة إلى أثر العقاب النفسي والبدني على الطفل، فهناك نوع آخر من العقاب يتسبب فيه التأخر عن المدرسة، ألا وهو شعوره بالتأخر عن أقرانه دائمًا، وذلك بسبب تأخره عن طابور الصباح الذي يكون فيه دائمًا نشرة أخبار المدرسة، وبيان المستحدث والجديد فيها، وكذا شعوره بالتأخر دائمًا في مادة الحصة الأولى وذلك بسبب تأخره عن حضورها. ومن هنا كان لابد لنا أن نتعرف على أسباب تأخر الطفل عن طابور الصباح أو عن الحصة الأولى؛ حتى نتفادى هذه المضار التي تؤثر على ثقافة الطفل وعلى صحتة النفسية. لماذا يتأخر الطفل عن المدرسة؟؟!! بالتأكيد هناك جانبان وزاويتان لابد أن نحيط بهما عندما نتحدث عن سبب تأخر الطفل عن المدرسة ألا وهما البيت والمدرسة، فقد يكون البيت هو السبب في التأخير وقد تكون المدرسة من جانب أخر هي السبب، والأسباب المتعلقة بالمدرسة غالبًا ما تكون إما أسباب إدارية أو أسباب تربوية، فمن أبرز الأسباب الإدارية: مشاكل النقل المدرسي، فقد يتأخر الطفل عن المدرسة بسبب تأخر الباص الخاص بالمدرسة أو وسائل المواصلات الأخرى، وفي هذه الحالة لا يكون الطفل مسئولًا عن هذا التأخر ولا يصح أبدًا أن يحاسب أو يساءل بسبب أخطاء الآخرين، أو بسبب ظروف قدرية أدت إلى تأخر الباص كالظروف الجوية غير المناسبة، ولكن الأسباب الإدارية سرعان ما تتلاشى بعد استقرار النظام في المدرسة، وتبقى الأسباب التربوية لتحتل جزءًا كبيرًا من أسباب تأخر الطفل عن المدرسة وكذا غيابه عنها، ومن أهمها: 1- كره الطفل للمدرسة، أو لمادة الحصة الأولى بالذات: فقد يتكاسل الطفل عن القيام في الصباح بسبب أنه لا يحب مادة الحصة الأولى إما لصعوبتها عليه، أو لأن المدرس لا يشرح بأسلوب سهل، أو لأن مدرس المادة نفسه غير محبوب لديه، إما بسب سوء معاملته للطلاب، أو لأنه لا يحسن بناء العلاقة الجيدة مع الأولاد، وبالتالي ربما يتكاسل الطفل عن الذهاب للمدرسة بسبب مدرس واحد، فكيف إذًا إذا كانت هذه المشكلة موجودة مع أكثر من مدرس وفي أكثر من مادة؟! إن هناك حقيقة لابد أن ندركها جيدًا ونحن نتعامل مع الأطفال، وهي أن لهم حاجات نفسية كثيرة لا يستطيعون العيش من غير تلبيتها، كالحاجة للحب والحاجة للتقدير والحاجة أيضًا للتعلم، فالطفل بفطرته يحب التعلم، ولا أدل على ذلك مما نراه منه في بدايات ذهابه إلى المدرسة من تلهف وطلب لكل علم جديد بالنسبة له، ولكن المشكلة أننا لا نحسن أن نستغل هذه الحاجة فنوفر لها الجو المناسب لتلبيتها؛ ذلك لأننا ربما نسعى لتلبيتها من جانب واحد، ولكننا من زاوية أخرى نخل بتلبية حاجاتهم النفسية الأخرى. إن عدم إشباع معظم الحاجات العضوية يؤدي إلى الموت، ولكن الحاجات النفسية ليست كالحاجات العضوية، فعدم إشباع الحاجات النفسية لا يؤدي إلى الموت، ولكنه يترك أثرًا خطيرًا على الشخصية، ويبدو هذا الأثر في سلوك الفرد ومقدار سعادته كما يبدو أثناء تعامله مع غيره [التربية بالحب د.ميسرة طاهر]. 2- كسل الآباء: قاعدة لابد أن نقرها ونؤكد عليها دائمًا، هي أن الأب الفوضوي يحصد طفلًا فوضويًا، والأم الغير منظمة تحصد طفلًا غير منظم وهكذا، (يتعلم الأطفال عن طريق التقليد، فقدرتهم على الملاحظة والتقليد من الصفات قدرة رائعة في هذه المرحلة، والعلماء يشيرون إلى ذلك بأنها عملية تشكيل وفقًا لنموذج يحتذي به الطفل، والأطفال يتعلمون الكلام عن طريق التقليد والاستماع والملاحظة، ويكتسبون ميولهم أيضًا في الحياة ويتعلمون القيم وحق الاختيار، وكذلك عاداتهم عن طريق المحاكاة) [كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك، د.سال سيفير]. ولذلك عندما يكون الوالدان أو أحدهما مريض بداء الكسل والتأخر في الاستيقاظ؛ سيتربى عند الطفل في اللاشعور أن الاستيقاظ مبكرًا ليس أمرًا هامًا، هذا إضافة إلى ما يترتب عليه تأخر الاستيقاظ من عدم إعداد الوجبة للطفل، وترتيب حقيبته، وتجهيز ملابسه، وإعطائه الوقت المناسب لدخول دورة المياه، واحتساء مشروب ساخن قبل النزول، كل هذا يترتب عليه أن يتأخر الطفل عن طابور الصباح وعن الحصة الأولى؛ لينال سيلًا من التوبيخ كان بإمكان الوالدين أن يجنباه طفلهما بقليل من النشاط والجد. 3- تدليل الآباء لأطفالهم: قد يكون الآباء غاية في النشاط والحيوية ولكنهم مصابون بداء التدليل، خاصة الأمهات في أغلب الأحيان، حيث تشفق الأم على طفلها من أن توقظه من أحلامه السعيدة ليذهب للمدرسة، وقد لا يكون هذا التدليل سببًا في تأخر الطفل عن المدرسة فقط، بل سببًا أيضًا في كثرة غياب الطفل عن المدرسة. (ولاشك أن لتلك المعاملة مع الطفل آثار على شخصيته، فمن نتائج تلك المعاملة أن الطفل ينشأ لا يعتمد على نفسه، غير قادر على تحمل المسئولية بحاجة لمساندة الآخرين ومعونتهم، كما يتعود الطفل على أن يأخذ دائمًا ولا يعطي، وأنَّ على الآخرين أن يلبوا طلباته وإن لم يفعلوا ذلك يغضب ويعتقد أنهم أعداء له، ويكون شديد الحساسية وكثير البكاء) [تربية الطفل النفسية في الإسلام، سيما راتب عدنان]. وهذا الطفل المتأخر عن المدرسة بسبب تدليل أمه له؛ سيعتبر المدرسة كلها خطأ وهو الذي يفعل الصواب، وسيعتبر تأنيب المدرس له ومعاتبة أصدقائه له شيئًا من المبالغة، ولن يتعلم في يوم من الأيام تحمل المسئولية، والخوف كل الخوف عليه عندما يصبح في يوم من الأيام مسئولًا عن أسرة تعتبره قدوة وأسوة لها في كل أفعاله. 4- عدم ذهاب الطفل إلى فراشه مبكرًا: إن اليوم الدراسي في حقيقة الأمر يوم طويل وصعب يستهلك من الطفل الجهد الكبير والطاقة الوافرة، ثم يعود الطفل مرة أخرى إلى البيت ليقوم بعمل الواجبات؛ هذا لأننا نتكلم عن غالب أنظمة التعليم في الدول العربية والإسلامية، والتي لا تعتمد على حل الواجبات في المدرسة كما يحدث في الغرب، وبالتالي يعود الطفل غاية في الإرهاق وعليه أيضًا أن يقوم بعمل الواجبات، وتكمن المشكلة في أن يقوم الطفل بالسهر إلى وقت متأخر، سواء كان هذا السهر في اللعب، أو أمام التلفاز، أو في زيارة لأحد الأقارب. ولذلك عزيزي المربي (احرص على أن تجعل طفلك ينام في وقت مبكر، مع الالتزام بالروتين اليومي المعتاد؛ كالاستحمام وتناول اللبن، والاستماع إلى حكاية قبل النوم، وتذكر أن النوم مبكرًا والاستيقاظ مبكرًا له أهمية كبيرة لمساعدة الطفل على التحصيل، وأيضًا للحفاظ على صحته) [فن تربية الأولاد في الإسلام، محمد سعيد مرسي]. كل هذه الأمور أو بعضها يكون سببًا في معركة طويلة لاستيقاظ الطفل في الوقت المطلوب؛ مما يترتب عليه في النهاية تأخره عن طابور الصباح وعن الحصة الأولى، كما يؤدي أيضًا إلى شروده في الفصل، وربما نومه في الحصة بسبب حاجته إلى النوم، لذلك فإن تنظيم أوقات النوم بالنسبة للطفل من أهم الأمور التي تسهم بقوه في تفوقه ونجاحه. عزيزي المربي، كانت هذه هي أهم أسباب تأخر الطفل عن المدرسة، سواء كانت بسبب البيت أو بسبب المدرسة، وما عدا ذلك فهي أسباب عارضة؛ كمرض الطفل، أو سفر عائلته، وغيرها من الأسباب العارضة التي لا ينبغي أبدًا أن يعاتب الطفل بسببها، ومن هنا كان علينا أن نتجنب الأسباب الأخرى؛ حتى يكون طفلنا دائمًا في مقدمة الناجحين، وأن يتعود النظام واحترام المواعيد، ولابد أن نعلم جيدًا أن ما يتعلمه الطفل في الصغر فهو نقش على حجر. وختامًا نسأل الله تعالى أن يعلم أبناءنا، وأن يجعلهم ذخرًا للإسلام والمسلمين. المصادر: 1. التربية بالحب د.ميسرة طاهر. 2. كيف تكون قدوة حسنة لأبنائك، د.سال سيفير. 3. تربية الطفل النفسية في الإسلام، سيما راتب عدنان. 4. فن تربية الأولاد في الإسلام، محمد سعيد مرسي.
خدمات المحتوى
|
تقييم
محتويات مشابهةمحتويات مشابهة/قالاكثر تفاعلاًالافضل تقييماًالاكثر مشاهدةًالاكثر ترشيحاًالافضل تقييماً/قالاكثر مشاهدةً/قالاكثر ترشيحاً/ق |